الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حالة نفسية بسبب أبي أرجوكم أريد حلا؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 21 سنة، كنت أنا وعائلتي نمارس حياتنا بشكل جميل، ومؤخرا ظهرت المشاكل، حيث أن أبي تعرف على فتاة، وعلمت أمي بالموضوع، وأصبحت حياتنا جحيما، حيث تأثرت أنا وأختي بالموضوع، وأختي مقبلة على الزواج، والمسكينة فقدت الأمل بالرجال كلهم، وأصبحت تفكر في أن تصبح حرة ولا تتزوج، وأنا أصبحت منطوية، وليس لدي صديقات، ففكرت في أن أزور طبيبا نفسيا، ولكن المشاكل المادية لا تسمح لي بأن أزور أي طبيب بسبب ثمن الاستشارة.

أصبحت أحس بأنني وحدي في هذه الدنيا، ومشاكل والدي أثرت علي وعلى أختي، ولا أعرف كيف أحل هذه المشكلة؟ فالكتابة هكذا لن تكفي، فأنا بداخلي بركان من الكلام، لأنني لا أجد من أكلمه، وأريد حلا لهذه المشكلة، فأنا تغيرت منذ وقوع هذا التلف الذي أصاب أسرتنا.

أرجوكم أريد حلا لهذه الحياة، أرجوكم فأنا أصبحت يائسة من حياتي، والكلام هكذا لن يشفي غليلي، ولن يوصل لكم معاناتي، ولكن المضمون مفهوم، فأنا لا أعرف ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ btissam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتكم، وأن يقضي حاجتكم، وأن يصرف عنكم هذه الهموم التي حلّت ببيتكم، وأن يردكم ردًّ جميلاً إلى الحياة الطيبة الجميلة الهادئة المستقرة الوادعة، وأن يشرح صدوركم لقبول الشرع الذي يُرضي الله سبحانه وتعالى، وأن يوفق والدكم لعلاج هذه المسألة عاجلاً، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك:

أولاً: أحب أن أقول لك: نحن هنا على استعداد لسماع كلامك، وقراءة كتابتك، حتى وإن كانت صفحات وصفحات وصفحات، ومما لا شك فيه أن إفضاء الإنسان بما في نفسه يُحدث له نوعًا من الراحة والاستقرار، فنحن على استعداد أن نقرأ ما كتبت مهما كان حجم هذه الكتابة، فأتمنى أن تعيدي أيضًا رسالتك مرة أخرى إن أردت، وأن تتكلمي بكل وضوح، وأن تكتبي ما شئت، حتى تستريحي، لأن غايتنا هنا في هذا الموقع إنما هو توفير السعادة والأمن والأمان لإخواننا وأخواتنا.

وفيما يتعلق بموضوع والدك، فأرى أن الصدمة التي تعرضتم لها، وتتحدثون عنها، سببها أن هذه المجتمعات الآن بدأت تقاوم وبشدة مسألة التعدد الشرعي، لذلك أصبحت الفكرة مرفوضة تمامًا من الكل، وخاصة من النساء -مع الأسف الشديد- ورغم أن المستفيد من التعدد إنما هم النساء أساسًا، فالتعدد يفتح بابًا لعفة لأكبر قدر ممكن من الفتيات، ولكن كل واحدة تريد أن يكون زوجها خاصًا بها، وأن يكون مُلكًا خاصًا لها ليس من حق أحد أن يشاركه فيه، ثم بعد ذلك ينحرف من ينحرف من النساء وتفجُر من تفجر من الفتيات لا إشكال، المهم أن يكون هذا عبدًا خالص العبودية لزوجته.

هذا مع الأسف الشديد هو السائد في معظم البلاد العالم العربي والإسلامي الآن، فلقد أصبحت المرأة تعتبر زوجها ملكًا خاصًا بها، وليس من حقه أن يفكر في غيرها، حتى وإن كان هذا الغير أقرب الناس إليها.

الأنانية، وحب الذات، والأثرة، والجهل بالعلم الشرعي، والتأثر بالإعلام الفاسد الذي جاء به الغرب وزينه للناس، من أن التعدد خيانة، وأنه عدم وفاء، وغير ذلك، وجعل الناس يحملون أفكارًا مسمومة تجاه هذا الحل الربّاني الذي فيه الخير الكثير والعميم في حل مشكلات العنوسة، والقضاء على الانحراف الجنسي، والخلقي لدى الفتيات على وجه الخصوص.

وأنت لم تتكلمي على أن والدك تعرف على هذه الفتاة بطريقة شرعية أو غير شرعية، وأنا أتكلم على اعتبار أن والدك رجل مسلم ومحترم وعاقل، ولا يفكر بأن يقيم علاقة محرمة، فإذا كان والدك أراد أن يرتبط بهذه الفتاة بطريقة شرعية، فأرى أنكم على خطأ جميعًا، وأن موقفك وموقف والدتك وأختك ليس صوابًا، لأنكم تواجهون الشرع.

أما إذا كانت مجرد علاقة شهوانية بهيمية، فإني معكم قلبًا وقالبًا، وأؤيدكم كل التأييد بقوة وشدة أن هذه العلاقة ينبغي أن نسعى للقضاء عليها بأي صورة، ولذلك حل هذه المشكلة في يد والدك، وأنتم أمام أمرين: إن أراد أن يرتبط بها ارتباطًا شرعيًا فليس من حقكم حقيقة أن تفعلوا هذا، وأنتم المخطئون، وهذه المشاكل النفسية سببها شؤم المعصية، وعدم قبول الحق.

وفي هذه الحال أتمنى أن تعيدوا النظر في موقفكم، لأن والدك ما صنع إلا الذي أقره الشرع.

أما إن كانت مجرد علاقة محرمة فأعتقد أنه من الممكن أن تتكلموا جميعًا مع الوالد، وأن تبينوا له خطورة هذا الفعل، وأن هذا لا ينبغي له، وأنك لا تقبل أن يرتبط شاب بإحدى فتياتك، وأن يلعب معها، وأن يُفسد عليها دينها وأخلاقها وقيمها، وما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك.

حاولوا معه بكل أسلوب هادئ وظريف ولطيف، لأن مقام الأبوة عظيم، فإن استجاب لكم وصحح المسار، فأعتقد أننا بذلك قد حققنا المطلوب، وإذا أصر على ما هو عليه، فلا مانع من الاستعانة ببعض الأقارب، أو المؤثرين من الأصدقاء، أو الأسرة، لإقناع الوالد بالعدول عن فكرته، وخاصة إذا كانت العلاقة علاقة محرمة، وأعتقد أننا بذلك سوف نحقق بعض الإنجاز، لأنه مما لا شك فيه، أنك أنت ووالدتك وأختك ليست لديكم القدرة على إجبار والدك على ترك هذه الفتاة، حتى وإن كانت العلاقة علاقة محرمة، ولكن النصيحة، والتذكير، والأخذ بالأسباب، كمسألة الاستعانة بشخصية كبيرة لها ثقل عند والدك، أعتقد أنها من الممكن أن تلعب دورًا، وذلك كله بشرط أن تكون هذه العلاقة علاقة غير مشروعة.

وهناك سلاح آخر لا يقل أهمية عن سلاح الوسيط والوسائل التي ذكرتها، وهو سلاح الدعاء، فعليك ووالدتك وأختك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى بأن يعافي والدك من هذه العلاقة إن كانت محرمة، وأن يبارك له إن كانت علاقة سوية سليمة.

أما فكرة أختك بأنها تريد أن تُصبح حرة ولا تتزوج لأنها فقدت الثقة في الرجال، فأقول لها أولا: إذا كان والدك يرتبط بهذه الفتاة ارتباطًا شرعيًا فموقفك ليس صحيحًا، لأن هذا هو شرع الله، وهذا دين الله.

ثانيًا: أن الذي فعله والدك لا يلزم أن يفعله زوجك، فكم عدد المعددين في المغرب كله؟ قد يعدون على الأصابع، ولذلك لا داعي للخوف، وإنما عليك أن تحافظي على زوجك، عسى الله أن يقدر لكم الخير ويرضيكم به.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً