الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كسل وقلق وخوف من المستقبل وانعزالية... فهل من علاج لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بصراحة أنا لا أعرف من أين أبدأ، ولا أعرف ما هي مشكلتي بالضبط؛ لأنها عدة مشاكل مترابطة ببعض، ولكن سوف أحاول شرحها، واعذروني إذا أكثرت من الكلمات؛ لأنني أريد أن أوضحها بدقة لأتخلص منها بإذن الله.

أولاً: أنا شاب مقبل على عمر 17 عاما، وأنا منذ الصغر كسول نوعاً ما، ولست بشخص اجتماعي، ولكنني كنت أجلس مع أهلي والناس، ولكنني من الداخل لا أحب هذه الأمور، ولكن كنت طبيعيا في التعامل، وليس لدي مشاكل أبداً، وكأنني شخص اجتماعي.

في سن المراهقة اشتريت جهاز الكمبيوتر، وأصبحت منعزلا عن الناس، وأحببت الوحدة، وازداد ابتعادي عن الناس أكثر وأكثر، وأصبحت كسولا أكثر من السابق، وحاولت أن أعود لمقابلة الناس، وحدثت لي مشاكل كرجفة اليد وآلام في القدمين كأنني لا أستطيع الوقوف ونبضات القلب، والتعرق، ولكن بفضل الله انعزلت قليلاً، ثم عدت أحاول ووجدت أن هذه الأمور اختفت بشكل كبير، ولكن لاحظت أنني إلى الآن أكره الجلوس مع الناس، وأستطيع أن أجلس معهم، وأتناقش، وأضحك وكل شيء، لكنني أتكاسل، وأنا من داخلي لا أحب هذه الأمور.

فأجبر نفسي على العزلة، وألهي نفسي بالنت، ومنذ الصغر أهلي يحذروني من الخروج إلى الشارع، والذهاب بعيدا عن المنزل، يقولون يأتيني مجرم ويخطفني، وأنا وفي سني هذا قبل خروجي للشارع بمفردي، أشعر بالقلق من هذا الأمر، وأخشى أن تحدث لي مشاكل من الشباب المتواجدين في الشارع.

حاولت أن أتجاوز هذا الشيء كثيراً، وبعض المرات أنجح وأخرج، وأذهب وحدي لكنني لا أكون مرتاحا وأنا بالخارج بمفردي دائماً أكون قلقا، وأنا في الطريق، وإذا كنت مع أصدقائي لا يحدث لي هذا الشيء، وحتى الصلاة في المسجد أجد صعوبة للقيام بها بسبب هذه المشكلة، ولدي خوف من المستقبل، وقلق، وكثيرا ما تحدث لي مواقف أتذكر أنني رأيتها من قبل، وإنه سوف يحدث لي شيء سيء بعد لحظات، لا أعلم ما السبب! وكذلك في أيام الاختبارات لا أذاكر بسبب الكسل والتأجيل المستمر فـالكسل يمنعني من قضاء يومي بشكل إيجابي.

حاولت أن أجلس مع نفسي، وأناقش مشاكلي مع نفسي للتغلب عليها، لكن دون جدوى، وكررت الجلسات هذه كثيرا، لكن لم تنفع معي، فمشاكلي هي القلق والخوف من المستقبل، والكسل.

قرأت العديد من الاستشارات، ورأيت أدوية تؤخذ للعلاج، فلا أدري هل أقوم بأخذ أدوية لكي أحل هذه المشاكل؟ وأصبح أفضل؟

وإذا كان يوجد دواء مناسب لحالتي، فأتمنى أن يكون ليس له أعراض جانبية خطيرة وأيضاً أتمنى إذا أخذته لا أدمنه، أو إذا انقطعت عنه بعد فترة من أخذي له لا تعود مشاكلي السابقة، ويزداد علي الخوف والقلق والكسل؛ لأنني أريد دواء لفترة يبعد عني هذه الأمور ومن ثم أتركه ولا أحتاجه من جديد، وأتمنى كتابة اسم الدواء بالعربي والإنجليزي لكي أكتبه بورقة، وأعطيه للصيدلي لكي لا أخطئ بأخذ دواء آخر.

وبإذن الله أجد الحل لديكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
مشكلتك هي التراخي مع النفس، والتراخي مع النفس يؤدي إلى الكسل، والقلق، وإلى نوع من الاتكالية، وشيء من الاعتمادية، ومن ثم تقل الكفاءة النفسية، ويأتي شعور الإحباط ،وذلك ناتج من التردد وقلق الإنتاج والإنجاز.

مشكلتك من وجهة نظري لا تعالج عن طريق الأدوية إنما تعالج من خلال أن تتفهم ما ذكرناه لك، وهو أنك محتاج إلى تكييف النفس على وضع جديد، وأنت تجلس عدة جلسات مع نفسك، وهذا شيء طيب، لكن أهم جلسة تجلسها مع نفسك هي أن تتدبر وتتأمل وتتفكر في قول الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } خذ هذه الجزئية من الآية مرشداً ونبراساً لك تضيء لك الطريق، كما تلاحظ من السياق القرآني، فإن الله قد استودع فينا طاقات ومقدرات في بعض الأحيان تكون مخفية، ومتى ما استشعرنا أهمية التغيير، وكنا إيجابيين، وقررنا أن ننفع أنفسنا وغيرنا وأمتنا هنا -إن شاء الله تعالى- يحرك الوازع الداخلي، ومن خلاله يتم التغيير.

أنت -الحمد لله تعالى- في بدايات سن الشباب، أمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به.

أولاً: يجب أن تترك الكسل والتكاسل وراءك، فهذا لا يناسبك أبداً.

ثانياً: ضع برامج يومية اكتبها على ورقة من خلالها هذه البرامج تستطيع أن تدير وقتك، ومن ثم تدير حياتك كل ما تكتبه يجب أن تنفذ حرفاً ودقة وتطبيقاً لا مجال لمساومة النفس لا مجال لأن تتحكم فيك المشاعر، إنما عليك أن تتحكم فيك الأفعال.

ثالثاً: من أهم المشاركات هي أن تكون لك فعالية داخل المنزل وأن تشارك الأسرة، وأن لا تكون مهمشاً.

رابعاً: لابد أن تمارس الرياضة أي نوع من الرياضة كالرياضة الجماعية مثلاً سوف تجد فيها خيرا كثيرا.

خامساً: عليك باتخاذ القدوة الحسن، وهنالك شباب يتميزون بالنشاط والإقدام وعلو الهمة، وهم كثر، وأنا على ثقة أنك تعرف منهم الكثير، اجعلهم قدوة لك واجعلهم رفقة لك خلتهم -إن شاء الله- تفيدك كثيراً.

سادساً: يجب أن تضع هدفا في الحياة، والهدف المعقول والمقبول في هذه المرحلة هو أن تركز على دراستك، وأن تعرف أن سلاح العلم والدين لا يوجد ما هو أفضل منهما.

أخيراً: عليك بأن تعيد تقييم نفسك مرة أخرى كما ذكرت، ولا تنظر أبداً إلى السلبيات السابقة كخبرات معطلة في حياتك، مخاوف الأهل ومنعك من الخروج إلى الشارع، الشعور بالعزلة في الطفولة هذه كلها أمور كثيراً ما تمر على معظم الناس، لكن من خلال اعتبار أن الخبرات السابقة هي مجرد عبرة يمكن أن تحول ما هو سلبي إلى ما هو إيجابي.

الجلوس على الكمبيوتر لساعات طويلة هذا خطأ وخطأ جسيم، إدارة الوقت كما ذكرت هي المفتاح الذي تستطيع من خلال أن تبني حياة جديدة، وتتغلب على كل هذه الصعوبات -وإن شاء الله تعالى- تنمي ذاتك وتأكد ذاتك من خلال أن تكون فعالاً ونافعاً نفسك ولغيرك، وأنت لست في حاجة لعلاج دوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر رمضان

    بارك الله فيك

  • المملكة المتحدة شادي

    بارك الله فيك وعليك اخي الكريم .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً