الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخصيتي وكثرة النوم أهلكتني ودمرت حياتي، أريد التوازن ولكن؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، لا أعرف من أين أبدأ الحديث عن مشكلتي، لقد وصلت إلى مرحلة اليأس، واللامبالاة، والتهور.

تمر علي لحظات مضطربة بين قمة التفاؤل والسعادة، وتمر علي لحظات أكون في قمة الفشل والضعف، والجهل بنفسي.

نعم أنا أجهل نفسي كثيرا، لا أعرف من أنا، أحب كل شيء، وأكره كل شيء، ناجحة في كل شيء، وفاشلة في كل شيء.

أنا إنسانة مضطربة جدا، وهذا الكلام ليس مبالغة مني والله، بل إن واقع حياتي يشهد بذلك ولو بدأت في طرح مواقفي لما انتهيت، ولكن سأقول المهم، وأركز على إطار مشكلتي لعلي أجد الحل الشافي عندكم بإذن الله.

أنا حزينة جدا، وأتمنى الموت ساعدني يا دكتور.

أهملت أهم شيء بحياتي، وهي الدراسة لقد تركت سنتين من دراستي، وجميع أهلي غاضبون مني، ويعاتبوني، بل أصبحت أشعر أن أمي بدأت تكرهني، وتعاملني بقسوة، ولكن عندما أشرح لها وضعي أجدها تقتنع بكلامي كثيرا، وتتعاطف معي، وهكذا كل يوم نفس الشيء، تعاتبني ثم تتعاطف معي؛ لأنها تجد أن ما أقوله حقيقة! حتى أنها أحيانا تقول لي: أنت مصابة بالعين، أو اقرئي على نفسك.

أول شيء دمرني بحياتي هو النوم!، والله أني أنام يوميا 17 ساعة! بل إني لاحظت فترات تمر علي أنام يومين، أقسم بالله أنام يومين، ولا أستطيع المقاومة أبدا، طوال حياتي وأنا أحاول تعديل نومي لم أستطع حاولت بكل الطرق لم أستطع، فعندما أقاوم النوم لفترات طويلة يصيبني كسل، وتوتر، ونعاس، وإرهاق شديد.

ذهبت أكثر من مرة إلى المستشفى، والفحوصات سليمة.

النوم أهلكني دمر حياتي، كلما قاومته بحيث أنام عشر ساعات فقط أظل طوال يومي مرهقة إرهاقا شديدا حتى أن أمي تخاف علي عندما تراني بهذا التعب.

وطريقتي في التفكير ليس لها مسار محدد، أستطيع الخوض في كل شيء، وليس لي هوية محددة.

نعم ليس لي هوية، ولدي بعض القدرات الفظيعة مثل السرعة في الحفظ، وفي الذاكرة، والحفظ عندي شيء فظيع، أحفظ الشيء بمجرد سماعه أو قراءته بدون أي تكرار، الذاكرة عندي شيء خارق للطبيعة.

وأنا دائما أقرأ أن المرضى النفسين بأمراض غريبة تكون عندهم بعض القدرات الخارقة، هل هذا صحيح؟

أنا متوترة جدا؛ لأن عندي عاصفة من التقلبات، ليس لي هوية، لا أفهم نفسي أبدا، أنا إنسانة فظيعة، الاضطراب عندي فظيع شخصيتي تجمع صفات متناقضة كثيرة.

الجميع يقول لي هذا الكلام، وشخصيتي أحيانا أكون في قمة الخجل والانطوائية، وأحيانا العكس تماما أكون في قمة الجراءة، والشجاعة! ليس بتأثير ظروف معينة تكون تقلباتي.

فجأة أجد نفسي لا أتحكم بمزاجيتي والقناعات عندي قوية، أنا لا أعاني من الوسواس أبدا، -ولله الحمد- ولكن لا أفهم نفسي أبدا.

دكتور أرجوك ساعدني أريد أن أصبح إنسانة طبيعية كباقي البشر!.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الفتاة الحزينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فالذي يتضح لي أنك قد بنيت قناعات سلبية حول نفسك، أنا أقدر كل آرائك، وأعرف أنك لم تندفعي للكتابة حول مشكلتك هذه؛ لأنك كنت في لحظة غضب أو كدر، لأن الكلام الذي ورد هو كلام واضح ومرتب، ويظهر بالفعل أن مشكلتك هي مشكلة مستمرة، أي أنها ليست آنية، وأن ما كتبته ليس وليد اللحظة، فافتقارك الشعور بالسعادة وكثرة التململ، وتقلبات المزاج، وعدم التأكد من الذات، هي المشاعر التي تسيطر عليك، وهذه كما ذكرت لك قد تفسر تفسيرات كثيرة، منها أنها مرحلة لا أقول عادية، إنما هي امتداد لفترة اليفاعة والمراهقة، حيث التناقض في المشاعر والأفكار، وضعف تقبل الذات، وعدم تقديرها بصورة صحيحة نسبة لوجود التقلبات الوجدانية، والفسيولوجية، والهرمونية، فقد تكون مرحلة المراهقة امتدت بك بعض الشيء، والبناء النفسي لشخصيتك أصبح مضطرب أيضًا، وكتاباتك أعطتني بعض اللمحات التي تجعلني أرى أن العلة الرئيسية ربما تكون في شخصيتك.

هذا الكلام أرجو ألا يزعجك أبدًا، ففي المقابل أنا أرى أيضًا أن هذا الأمر ربما يكون أمرًا عابرًا بالرغم من امتداده، واستمراره لفترة طويلة نسبيًا.

الوضع الأمثل هو أن تقابلي طبيبا نفسيا، تتحدثي مع والدتك حول مشاعرك هذه، وحجم التناقضات التي تعيشينها وأنك غير مرتاحة مطلقًا لما يعتريك من فكر، وخواء، وفراغ داخلي، وأنك غير سعيدة، ومشكلة النوم بالفعل هي مشكلة رئيسية، فمن خلال التركيز على هذه الأعراض تستطيعين أن تقنعي والدتك بضرورة أن تذهبي لمقابلة الطبيب النفسي.

والذي أتصوره أن الطبيب النفسي سوف يقوم بمقابلتك، مقابلتين أو ثلاث على الأقل ليصل الطبيب إلى التشخيص النهائي، هل هناك علة في الشخصية؟ هل لديك اضطراب وجداني أدى إلى ظهور اكتئاب نفسي، وهذه الاحتمالية كبيرة جدًّا، أم أن لديك الاضطرابين: اضطراب الشخصية واضطراب المزاج في ذات الوقت؟

فإذن نحن أمام وضع يحتم أن يكون هنالك تشخيص صحيح لحالتك، وهذا لن يتم إلا من خلال إجراء المقابلة المباشرة، وسوف يقوم الطبيب أيضًا بإجراء بعض الاختبارات النفسية الضرورية مثل الاختبار النفسي العام، واختبارات الشخصية، وأيضًا إجراء استبيانات حول القلق والاكتئاب، وكلها معروفة لدى الأطباء.

بعد أن تتضح الصورة، ويتم التشخيص سوف يعتمد علاجك على الاستبصار، وطرق تعلم التفكير الإيجابي، وهنالك من وجهة نظري أيضًا حاجة للأدوية.

النوم بالكم، والكيف الذي ذكرته من وجهة نظري هو دليل حقيقي على وجود اكتئاب نفسي، والتناقض في الشخصية ربما يكون أيضًا مؤشرا حقيقيا لعدم انتظام أبعاد شخصيتك.

هنالك أنواع كثيرة من الشخصية: هنالك الشخصية القلقة، الشخصية متقلبة المزاج هي الشخصية الاكتئابية، الشخصية الوسواسية، الشخصية الحدية ... وهكذا.

عمومًا أنا متفائل جدًّا أن الأمور سوف ترتب إن شاء الله بصورة صحيحة جدًّا وإيجابية جدًّا، ورسالتك قد خُتمت بما يوضح أن تقلب المزاج لديك بالفعل يستحق أيضًا الانتباه، وأي درجة من اضطراب المزاجية تعالج دائمًا عن طريق مثبتات المزاج، وهي كثيرة جدًّا، وإن شاء الله تعالى تسير الأمور بصورة إيجابية جدًّا.

أشكرك مرة أخرى على رسالتك الطيبة، وأرجو أن تكون الإجابة مقنعة، وأرجو أن تقبلي النصح بمقابلة المختص.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً