الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حماتي مصابة بالهذاء فكيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة حديثًا من قريب لي, وسكنا أنا وزوجي في محافظة أخرى بعيدًا عن الأهل, وكانت العلاقات طيبة - والحمد لله - إلى أن زارتني حماتي, وظلت عندنا ما يقرب من أسبوعين, وظننت أن الزيارة انتهت على خير, ثم ذهبت لبيت أهلي لأضع طفلتي, وبعد ولادتي بعشرة أيام انفتحت أبواب النيران؛ حيث شكت لأمي مني, وأغلبها أخطآء لا تخرج عن المطبخ, (لم أطبخ الرز جيدًا, لم أضع الزنجبيل للدجاج, ماذا كان كثيرًا وكان قليلاً), نمت دون أن أخبرها, وتفاصيل كثيرة.

المهم في الموضوع ودون إطالة أن إحدى قريباتي أخبرتني أن حماتي مصابة بمرض الهذاء - وهو حالة مرضية ذهنية, تتميز باعتقاد باطل راسخ, يتشبث به المريض, بالرغم من سخافته, وقيام الأدلة الموضوعية على عدم صوابه - حيث بحث عنه في النت, كيف أعامل مريض الهذاء؟

فأنا لا أحب المشاكل, وهي على وشك زيارة أخرى, وأنا أصبحت أخاف من التعامل معها, وأصبحت أحلم أنها تتخاصم معي, أو أن أبكي, وأفهمها المواقف, وهي مصرة على أن تفهمها بطريقتها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فمثل هذه النزاعات مع والدة الزوج نشاهدها في مجتمعاتنا, بل في مجتمعات أخرى كثيرة, حتى الأوروبيين إذا أراد أحد أن ينعت أحدًا بما يسيء إليه يقول له أو يتمنى له أن تتسلط عليه حماته, لا أقصد بذلك أبدًا أنني لم أعطِ اعتبارًا أو مصداقية لما ذكرته، أنا أقدر كل كلمة وردت في رسالتك، ولكني قصدتُ أن أقول: إن هنالك درجة من الحساسية في مثل هذه العلاقات، وهذا قد يقود إلى المزيد من التأزم, وليس من المصلحة أبدًا أن تشوب العلاقة مع أهل الزوج نواقص؛ لأنه من الأوضاع غير المريحة, بل السيئة جدًّا أن يجد الزوج نفسه في نزاع ما بين زوجته ووالدته, هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أنا بالرغم من تقديري الشديد لكل ما ذكرته, لكني لا أميل أبدًا لأن تُشخّص هذه السيدة بأنها تعاني من مرض الظنان الباروني, أو شيء من هذا القبيل، هذا لا أفضله، وذلك انطلاقًا من احترام لخصوصيات الناس، كما أن هذه التشخيصات لها معايير ولها ضوابط.

ومن ناحية أخرى: لا أريدك أبدًا أن تعتقدي أن هذه السيدة مريضة، هذا حقيقة ليس بالأمر الجيد، وإن كانت مريضة أو تعاني من أي درجة من الاضطراب فأعتقد أن زوجك هو أدرى بهذا الأمر، وقد يكون لاحظه أو قد سمع عنه، أما بخلاف ذلك فيجب ألا نندفع ونقول: إنها مريضة.

التعامل معها يكون من خلال الاحترام والتقدير، وأنا أعرف أنك لست مقصرة في ذلك، لكني أريدك أن تتحلي بمزيد من الصبر، وانتقاداتها غير مؤسسة حقيقة، أمور بسيطة جدًّا, حاولت أن تثبت وجهًا من القصور من جانبك، لكني أيضًا أرجع وأقول أننا يجب أن نجد لها العذر؛ لأن كل ما قالته قد يكون ناشئًا من غضب, أو سوء فهم، أو لم تنقل لك الأمور بدقة، أو أن والدتك تريد أن تعتني بها أكثر.

والدتك يهمها جدًّا أن يكون زواجك زواجًا مستقرًا، ولا تشوبه أي اضطرابات في علاقتك مع زوجك أو أهله.

فالذي أنصحك به هو التغاضي عن الشوائب هذه، والتسامح، وألا تبني فكرة سلبية مطلقة عنها – هذا مهم جدًّا – ضعيها في مقام والدتك، ولا تفكري سلبيًا أبدًا حولها وحول تصرفاتها، وأعتقد أن هذا سوف يريحك كثيرًا، كما أنها حين تلاحظ منك مبادرات إيجابية فسوف هي تبادر أيضًا بما هو طيب وحسن, مهما كان تفكيرها أو درجة تطبعها.

لا تحرصي على عدم التعامل معها، فهذه علاقات لا أقول: إنها إجبارية، ولكنها علاقات لا مفر منها، ودائمًا نحن نقول: إن الإنسان يجب أن يحاول أن يقبل الناس كما هم, لا كما يريد، هذا في بعض الأحيان مريح جدًّا, وطيب جدًّا, لا تنزعجي أبدًا, وحاولي أن تكوني من الكاظمين الغيظ, والعافين عن الناس، فهذا أيضًا مبدأ عظيم.

ومن جانبي: أسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً