الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أساعد أختي التي آذتنا كثيراً ولا يؤتمن شرها؟

السؤال

السلام عليكم..أشكركم جزيل الشكر على كل النصائح والخير الذي تقدمونه لنا، وجعله الله في ميزان حسناتكم، وسدد الله خطاكم لما يحبه ويرضاه.

عندي مشكلة وأتمنى أن أجد الحل عندكم، أنا كنت أعيش في الإمارات ولي أخت هداها الله متسلطة وتحب الشر لكل الناس، وتتدخل في كل شيء، وتحب المشاكل وعاقة لوالديها وسليطة اللسان مما جعل الناس يتجنبوننا أنا وأخواتي الأخريات، فكل تصرفاتها مشبوهة من رجال وغيره، وكذلك أصبح الناس يكرهوننا بمجرد علمهم بأنها أختنا، فلا صاحب لها ولا من تسعد بصحبته، وحتى نحن أخواتها تظلمنا وتسبنا، وفي فترة من فترات حياتنا عندما كنا مراهقات أنا وأخواتي سكنا عندها في بيتها بسبب ظروف عمل والدي، فسافرت أمي وإخواني وأبي إلى بلدنا الأصلي والتي هي من أفقر دول العالم.

وجلسنا أنا وأخوتي معها للعمل لنساعد أهلنا، فذقنا الويلات معها وكادت أن تطردنا من البيت لولا سكوتنا ومحاولتنا لتفادي الكلام معها، ومنعتنا من العمل، وذلتنا في بيتها إلى أن قررنا الرجوع إلى بلدنا عند أمي وأبي، وفي نفس الوقت تقدم لخطبتي رجل غني يعيش في دول الغرب، وحاولت أن تخرب الموضوع، ولكني لم أعطها فرصة وقلت للخطيب ألا يتواصل مع أختي هذه نهائياً، والحمد لله أنه كان بعيداً، وكان تواصلي معه عبر الهاتف إلى أن تزوجت وسافرت أنا لزوجي، وطلبت من زوجي باستخراج فيزا لأختي التي كانت تسكن معها، ومرت عشر سنوات الآن أو أكثر، وتزوجت أختي التي معي وأنجبنا الأطفال، وكذلك كل أسرتي استخرجنا لهم الفيزا للعيش معنا في الغرب لوجود حرب وفقر في بلدنا الأصلي والحمد لله.

ولكن أختي تلك التي ذقنا الويل معها تقاعد زوجها عن العمل واضطرت للسفر إلى بلدنا مع أبناءها وطلقها زوجها لسوء أخلاقها، ولأنها لا تصلي فتعب منها ومن تصرفاتها، ولديها الآن 7 أبناء ليس لهم من يصرف عليهم غيري أنا وإخوتي، وطليقها تزوج بأخرى ولا يصرف على أبنائه، وتبين لنا دائماً نكلمها أنها بدأت تصلي وأنها تغيرت، وأنا باستطاعتي أن أستخرج لها الفيزا هي وأطفالها مثلما استخرجت لأسرتي بأكملها نظراً لعمل زوجي الواسع والحمد لله.

ولكني أخاف إن جاءت لنا هنا أن يكرهنا الناس، وأن تبدأ بأفعالها القبيحة من جديد، وأن تثير المشاكل، وأن تفضحنا بين الخلق، كل ما أفكر فيه هو أبنائها لأن ابنها الكبير مرض ولم يجد مستشفى يتعالج فيه لولا رحمة الله لمات، ولكنه شفي والحمد لله، فأنا أفكر في حال أبنائها، فلا تعليم ولا صحه ولا شيء، فهل أستخرج لها الفيزا أم أتركها وأساعدها بما أستطيع من مال فقط؟ فأنا كل ما خاف منه هو من أخلاقها وسوء تصرفاتها وسلوكها مع الناس، ولا أصدق توبتها، ساعدوني برأيكم، وأسفة على الإطالة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه هذه الأخت التي قصّرت معكم وأساءت للجميع، ونسأل الله لها الهداية والخير، وأن يردها إلى الحق ردًّا جميلاً، هو ولي ذلك والقادر عليه، وهكذا – يا بنتي – الحياة دُول والأمور تتقلب، ودوام الحال من المحال، فعلى الإنسان أن يحمد نعمة الله تعالى عليه، ويجند نفسه لخدمة المحتاجين ليكون العظيم تبارك وتعالى في حاجته.

وحال هذه الأخت فعلاً حال محير، وأحمد الله تبارك وتعالى الذي نجاكم من شرورها، وهيأ لكم هذه الظروف المعيشية المميزة، ونسأل الله أن يرفع الشر والبؤس عن بلاد المسلمين جميعًا، وأن يلهم الجميع الخير والصواب والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونحن من جانبنا نقترح عليك بأن تجتهدي في أن تبحثي لهم عن بديل آخر، فليس من الضروري أن يكونوا معكم في الغرب، لكن من الممكن أن تساعديهم ليكونوا في بلد عربي وضعه أحسن، بأن تهيئوا لهم ماديًا (الظروف) وتعينوهم على الوصول إلى ذلك البلد مثل البلاد العربية الخليجية ونحوها، حتى يعملوا هناك وتتاح لهم فرصة من أجل أن يستأنفوا الحياة بطريقة جديدة.

وأيضًا في هذه الحال نحن نقترح أن تكون البداية بتجهيز أبنائها للعمل، ليس للمرأة، لأن أبنائها إذا عملوا فإنهم سيتحملون مسؤولية الأم ومسؤولية الإخوان، ولا نؤيد فكرة المجيء بها لتجلب الشر إلى بيوتكم ونفوسكم وحدكم، لأن هذا قد يجر الويلات، وتفقدوا كل الامتيازات، ولن تستطيعوا بعد ذلك أن تساعدوها وتساعدوا أبنائها، وعندها لن ينفع الندم.

فأعتقد أن البُعد هذا فيه خير، وهناك فرصة لكم، ومن الضروري أن تقفوا معها في هذا الظرف العصيب الذي تمر به، وأن تخففوا عليها بدعمها من الناحية المادية وتيسير أمورها بشتى الأمور، وليس أن يكون من بينها المجيء بها إلى بلاد الغرب، لأنها كما قلت قد تكون مصدر إزعاج بالنسبة لكم، وشرُّها لا يُؤمن في مثل هذه الأحوال.

إذن نحن نريد أن تعملوا في اتجاهين: الاتجاه الأول تقديم المساعدات لها، والتجاه الثاني: تهيئة ظروف عمل جيدة لأبنائها الذين هم أبناء لأختك، أيضًا محاولة أن تكون في مساعدات أخرى ليس من الضروري أن تكون عندكم، فمعروف أن الإنسان إذا وجد المال يستطيع أن يحصل على فرص عمل، ويستطيع أن يدبر حاله، أو يستطيع أن يدخل في مشاريع ولو كانت مشاريع صغيرة ناجحة، حتى البلاد الفقيرة التي يعمل فيها يستطيع أن يرتب نفسه، يستطيع أن يربح الدرهم والدينار، ويساعد نفسه وأهله.

فإذن نحن نؤيد فكرة المساعدة لها والوقوف إلى جوارها والاهتمام بأبنائها، وبذل المال من أجل مصلحتها، ونسيان ما حصل منها، ولكننا لا نؤيد فكرة جلبها إلى نفس البلد الذي أنتم فيه، فإننا أيضًا لا نضمن حصول الشرور من ناحيتها، وليس في ذلك مصلحة ظاهرة. المهم هي أن تجد من يعين ويساعدها، ولتكن في أي مكان من العالم، وساعدوها بالدراهم والدنانير، وساعدوها حتى يكمل أبنائها تعليمهم ليتولوا هم رعاية هذه الأم نيابة عنكم، فإن الأبناء أحرص الناس على رعاية والديهم.

ونتمنى أن تكون قد اتعظت فيما حصل، وأرجو أن تتأكدوا من أنها تصلي وتسجد لله تبارك وتعالى، لأن ترك الصلاة مما يجلب الشؤم والشرور ومما يحرم الإنسان الرزق، ليس عليها وحدها، ولكن على كل المكان الذي هي فيه - عياذًا بالله تبارك وتعالى – فشجعوها على السجود والخضوع لله تبارك وتعالى، واجتهدوا في التواصل معها، واعتذروا لها إذا طلبت المجيء إلى ذلك البلد، ولكن لا بأس بالوعد الجميل، ولكن المهم هو أن تقدموا لها المساعدة، وأن تساعدوا أبنائها على إكمال تعليمهم وعلى إتاحة فرص العمل المناسبة لهم، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً