الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخواني يتحكمون بحياتي بعد وفاة والدي، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

عمري 18سنة، مشكلتي أن نفسيتي مضطربة، الله أعطاني جمال ما الله به عليم والحمد لله وأتاني خطاب كثر منذ أن كان عمري 16سنة، وإلى الآن وهذا الذي سيصيبني بالجنون فكلهم يطردونهم ولا يخبروني، ويقولون أنتِ صغيرة على هذه الأشياء، أحسست بأني حقيرة، ويقولون لي أنت فيك وفيك .. أنت المفروض أن لا تعرفي هذه الأشياء، فأقهر لماذا كل هذا وأنا وحيدتهم؟ كل واحد منهم يريد رجلاً بمواصفات معينة! ويريدونني أن أتزوج في عمر كأعمار نسائهم اللاتي تزوجن، ومنهم من يريدني أن أدخل قسما في الجامعة كما يريد هو، والبعض الآخر يريدني أن أخرج بعثة.

وأنا لن أسمع لهم في هذه الأشياء، فأنا أرغب بدخول الشريعة، لكنهم يقولون أنت فاشلة وفيك .. وفيك، فأنام وأنا متضايقة رغم أني محافظة على صلاتي، لكن لماذا الأنانية؟ أنا آدمية، لماذا يريدون أن يطبقوا المثالية في الأشياء التي تعجبهم علي؟ ولكنني آدمية أحس، يقهرونني عندما يحبون أن يعطف عليهم نساؤهم، صحيح أنهم يحبونني ولكنهم يريدونني أن أمشي على هواهم، لكن أحدهم مختلف وهو أفضل من البقية قليلاً، يقول لي هل تصدقين أنك ستعنسين! أشعر أنه يريد تحطيمي.

أبي ميت وأمي ضعيفة شخصية تسمع كلامهم وهم يتصنعون الدين، وأحياناً أقول لماذا أترك أمي وأتزوج؟ من سيجلس مع أمي؟ لأنه ليس لي أخوات، أحزن كثيراً لأني لا آمن أمي عند إخواني وأتمنى أن أتزوج، فهل أنا مخطئة؟ ولكن بودي أن أشعر بالعطف، بالمحبة وأشياء كثيرة، وبسبب كلام إخواني أصبحت أشك في نفسي، أشعر بأني حقيرة عندما أفكر في هذا الشيء، وأحس بأشياء كثيرة، وعندما أسمع من النساء ماذا يفعل الرجال في نسائهم أغضب وأقول إن شاء الله لن أتزوج.

أريد أن يساعدني أحد ويخفف عني ويفهمني، أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسال الله أن يبارك فيك يا بنيتي وأن يثبتك على الحق وأن يكثر من أمثالك، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يمن عليك بكل خير في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة نوف - فالذي أراه وأقترحه أن تشغلي نفسك بدراستك الآن، وبعلاقتك مع الله تعالى، ولا تفكري في هذه الأشياء التي فعلا تحبط الإنسان، وتسبب له نوعاً من الإزعاج والإرباك، وأنت لن تستطيعي أن تغيري الكون ولا تصرفات إخوانك خاصة وأن والدك - رحمه الله - متوفى وأنت قطعاً ضعيفة؛ لأنك الوحيدة وأمك أيضاً وحيدة مثلك ولا تستطيعين أن تواجهي إخوانك بشيء، فأنا أرى بارك الله فيك أن لا تفكري في هذه الأمور الآن وأن لا تشغلي نفسك لا بقضية من يتقدم ولا من يتأخر.

وإنما عليك أن تحسني علاقتك مع الله تعالى، وأن تجتهدي في الطاعة والعبادة، وإذا كان عندك بعض الفراغ من الوقت أن تحاولي أن تستفيدي منه بحفظ شيء من كتاب الله تعالى، أو دراسة بعض العلوم الشرعية المفيدة أو النافعة، أو دراسة أي شيء يعود عليك بالخير أو النفع، ولا تشغلي بالك بهذه المواقف التي تصدر عن إخوانك أو عن غيرهم، لأن هذه كما ذكرت لك فوق طاقاتك وأنت لا تستطيعين أن تواجهي هؤلاء كلهم جميعاً، والمواجهة الآن ليست في صالحك وإنما دعيهم يقولون ما يقولون ويخططون لما يريدون.

وعليك أن تجتهدي في دراستك وأن تكوني متميزة متفوقة، وحاولي أن تفرغي طاقاتك كلها في علاقتك مع الله تعالى بأن تكوني من عباده الصالحين ومن أوليائه المقربين كذلك، أيضاً اجتهدي في دراستك حتى تكوني متميزة وأن تكوني الأولى على مرحلتك الدراسية؛ لأنك بذلك سوف تكتسبين شخصية قوية تستطيعين من خلالها أن تردي بأدب واحترام على كل من يريد أن يتحكم في حياتك أو يسيء إليك.

ليس حقيقة هناك أفضل من الصبر الجميل على تلك التصرفات، وعدم الانشغال بها ودعاء الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأن يرزقك الرضا به، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يقدر لك الخير حيثما كان، ولا تشغلي بالك بغير ذلك لأنك صغيرة وهؤلاء كبار، وأنت بنت وهؤلاء رجال، وطبيعة الحياة عندكم تسير على هذه الوتيرة التي من الصعب عليك أن تقومي بتغييرها الآن أو في القريب العاجل، وإنما كما ذكرت لك اربطي علاقتك مع الله حتى إذا ما دعوت الله استجاب الله لدعائك وهذا أولاً.

وثانياً: اهتمي بدراستك حتى تكوني متميزة لتثبتي لهم أنك لست طفلة صغيرة تخضعين لهم ولا حقل تجارب، ولست ضعيفة تخضعين لرغبات وأهواء الآخرين، وإنما من حقك أن تقرري مصيرك بما يرضي الله تعالى وبما يوافق شرعه وبما يتفق أيضاً مع الأعراف والعادات والتقاليد.

أسأل الله أن يوفقك إلى كل خير وأن يشرح صدرك لكل خير، وأنصحك بعدم المواجهة مطلقاً وإنما عليك بالتميز الإيماني والتميز العلمي، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً