الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير السلبي والإحباط والقلق والهوس بالمشاكل يلاحقني كظلي!

السؤال

لكم جزيل الشكر على هذا الموقع المفيد، وعلى مجهوداتكم، وأتمنى لكم التوفيق الدائم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عاماً، ولم أنته من دراستي الجامعية بعد، وذلك بسبب الصعوبات النفسية التي تسيطر علي، فأنا مزاجية وإنسانة حساسة وحزينة من ظروف مرت بي كثيرة في خلال الخمس سنوات الماضية، وكلما أردت الجلوس والمذاكرة ينتابني الإحباط، ويتشتت تفكيري وتركيزي سريعاً في أي شيء أريد أن أفعله، ودائما غير متفائلة وأتوقع الأسوأ في حياتي، أيضا أحس بالكسل والعجز وكل شيء أحسه مستحيلا، دائما انطوائية أفضل الجلوس لوحدي، وأحس بالحزن وكأن لا طاقة في جسدي.

من فترة أقل من شهرين كنت في علاقة عاطفية، وعرفت منه أنه لا يريد الارتباط بي، لأنه لا يدري ماذا يريد على حسب كلامه؟ فقطعت صلتي به، ولكني أعاني أكثر الآن من قبل، ولم أعد أحس بطعم الحياة، وخصوصاً أنه لم يحاول التمسك بي، أصبحت عصبية جداً، لا أستطيع البكاء، ولا أجد شهية للأكل ولا الكلام ولا رؤية الناس.

لا أدري إن وصفت حالتي جيداً ولكني أحس هذا، فالعلاقة أزمت حالتي أكثر من السابق، لا أرى إلا سواداً و كل أفكاري وساوس وشكوك ومنتهى التشاؤم.

ومشكلتي كثرت التفكير غير الإيجابي، - الحمد لله - أصلي الصلوات في أوقاتها وأقرأ القرآن وأسبح، ولكن التفكير السلبي و الإحباط والقلق والهوس بالمشاكل يلاحقني كظلي.

أرجو منكم المساعدة فأنا أحس بالحيرة، وأحس أني مدفونة بالداخل ولا أجد متعة في أي شيء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ faten حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

إن العوامل المهيأة لمعاناتك تتمثل في أن شخصيتك - كما ذكرتِ - أنها حساسة، وقلقة بطبيعتها، وهاتان الصفتان تؤديان إلى هشاشة نفسية كبيرة، فيكون الإنسان عرضة لأي حوادث حياتية قد تعتريه، وأنت الآن خرجت من هذه العلاقة، وهذا لم يكن مُرضيًا لك، وترتب عنه شعورك بالإحباط وافتقاد القيمة الذاتية، وعملية الحزن والاكتئاب السابق لذلك هو جزء من الاضطراب الوجداني الذي - كما ذكرت لك - لعبت شخصيتك دورًا أساسيًا فيه.

أنت محتاجة لأن تعيدي الأمور بصورة أكثر عقلانية وأكثر جدية، وتستفيدي من عقلك المعرفي -أي العقل الذي يجعلك تضعين للأمور الجادة في الحياة أسبقيات، وتحددين أهدافك، وكذلك الآليات التي تريدين أن تصل إليها.

لا شك أن الدراسة الجامعية يجب أن تكون على جدول أسبقياتك، وسبل النجاح معروفة جدًّا - أي أسباب النجاح معروفة - وهي الجدية في الدراسة، توزيع الوقت بصورة صحيحة، وليس هنالك غير هذا من سبيل، وأن تسألي الله تعالى أن يوفقك، أما اللجوء للكسل والعجز والتفكير السلبي فهذا أمر مرفوض، والإنسان يمكن أن يغيّر نفسه، والحق -عز وجل- أعطانا الحرية التامة في ذلك: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وهذا يعني أن الطاقات النفسية والخبرات المكتسبة الكامنة داخليًا متى ما حركها الإنسان وكان صارمًا مع نفسه وحدد أهدافه يستطيع أن يُنجز.

فالتغيير الفكري مطلوب جدًّا في حالتك، وتغيير نمط حياتك يجب أن يكون على أسبقية تخطيطك من أجل التغير الإيجابي.

موضوع العلاقات الوجدانية والعاطفية: نحن نقدر ذلك تمامًا لأنها أحاسيس إنسانية بشرية، لكن يجب ألا تخرج عن النطاق الشرعي، وفي ذات الوقت قناعتك يجب أن تكون واضحة أن هذا الأمر لو كان فيه خير لك لتم وانتهى بالزواج، وهذا لم يحدث، فهذا يعني أن الأمر أصلاً لم يكن فيه خيرًا بالنسبة لك، قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

وأنت يجب ألا تحسي بإحساس المهزوم أو الشخص الناقص، لأن هذا الشخص لم يتمسك بك، على العكس تمامًا، يجب أن تكون لك كينونتك وعزة نفسك، ولماذا تضعين نفسك في موقف ضعيف، وهو أن تلهثي وراء شخص لا يُكن لك أي نوع من المودة، ولا خير في ود جاء تكلفًا، ولا خير في ود من امرئ متقلب، أنا أقول هذا دون أن أظلمه، ربما كان يتظاهر بالود، لكن الود نفسه لم يكن موجودًا، فسلي الله تعالى أن يُبدلك خيرًا مما فقدتِ، واعرفي تمامًا أن الفتاة الرزينة، الفتاة الخلوقة المتمسكة بدينها، التي تحمل سمات الوقار وتضع على رأسها تاج الوقار سوف يأتيها الزوج الصالح - إن شاء الله تعالى-.

هذا الذي أنصحك به، وعليك بالرفقة الطيبة، الفتيات الصالحات -الحمد لله - كُثر متواجدات، سوف تجدين منهنَّ المساندة التامة، وإن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي أيضًا ليصف لك دواء محسنا للمزاج فهذا لا بأس به، وإن لم تستطيعي هنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام) لا مانع أبدًا من أن تتحصلي على هذا الدواء وتبدئي في تناوله بانتظام، الجرعة هي نصف حبة - أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- يتم تناولها يوميًا ليلاً بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفعي الجرعة إلى عشرة مليجرام - وهذه ليست جرعة كبيرة - إنما هي جرعة وسطية - واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، وهذه سوف تكون جرعة جيدة وكافية، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، ونحن في هذه الأيام الطيبة العمل فيها عمل عظيم، فاجتهدي وعليك بالدعاء، ونسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يسدد خطاك، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً