الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع التغلب على مشاكلي النفسية؟

السؤال

السلام عليكم.

كيف أستطيع التغلب على مشاكلي النفسية وعلى عقدي إن لم أجد من يوجهني ويساعدني ويحتضنني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ متشائمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يعينك على ترتيب أمورك، وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فالذي أُحِبُّ أن أبيِّنه لك أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، وأن الله تبارك وتعالى فرَّق ما بين نعيم الآخرة وما بين الدنيا، فالدنيا ساعةٌ وساعة، بعض الناس قد يكون مستريحًا فيها معظم أيامه وأحايينه وأوقاته، وبعض الناس قد يشعر بأنها تعب كلها، بعض الناس قد يتصور الراحة والسعادة تصورًا معينًا فيه قدرٌ من المبالغة، ولذلك ينظر إلى نفسه على أنه دائمًا مُحطّم، وأنه مدمَّر، وأنه مظلوم، وبعض الناس واقعي يرضى بما قسم الله تبارك وتعالى له، فيكون مُريحاً ومستريحاً.

فالدنيا دار نصبٍ، دار كدٍّ وتعبٍ وشقاء، كما قال الله تبارك وتعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} فالكبد هذا مشقَّة، وكلها أجورٌ، يأخذها العبد المؤمن بصبره على هذه الأشياء، وهذا ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما يُصيب المسلم من همٍّ ولا غمٍّ ولا أذىً ولا حزنٍ، حتى الشوكة يُشاكها، إلَّا كفَّر الله بها من خطاياه) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم- فكل الهموم والمشاكل النفسية هذه كلها لها أجور عند الله تبارك وتعالى، إذا شعرت مثلاً وقمتِ من النوم فوجدتِّ نفسك حزينة فهذا لك عليه أجر، إذا سمعتِ كلمة شديدة أو قاسية أو عنيفة من أحد، هذا كله عليه أجر -بإذنِ الله تعالى-، كذلك لو أنك تمشين وتعثرتِ، حتى وإن لم تسقطي على الأرض فإن لك بذلك أجرًا.

كيف تستطيعين التغلب على المشاكل؟ حقيقةً أنت تعلمين أن الذي خلق السموات والأرض هو الله، والذي خلق الإنسان هو الله، والذي خلق الزمان والمكان هو الله، ولذلك قال سبحانه: {الله خالق كل شيءٍ} فإذا أردنا أن نتغلب على المشاكل نرجع إلى الله الخالق لهذا الكون كله، ولذلك استقامتنا على منهج الله تبارك وتعالى هي أهم عامل من عوامل للقضاء على كل تلك المشاكل.

ولذلك أول عامل أنصحك به –بارك الله فيك- : المحافظة على الصلوات في أوقاتها، هذه من أهم الأمور التي حقيقةً تُريح الإنسان راحة عجيبة غريبة، ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أرحنا بها يا بلال) وكان إذا حزبه أو أفزعه أو أهمَّه أمرٌ قام إلى الصلاة، فالصلاة هي أهم عامل من العوامل للتغلب على المشاكل النفسية والعُقد النفسية، المحافظة على الصلاة في أوقاتها.

ولكن اسمحي لي أن أقول بأنه ليست مجرد الصلاة السريعة الخالية من الخشوع والخضوع والتدبُّر، وإنما لا بد أن تستشعري أنك بين يدي الله تعالى، وأنك في حاجة إليه، وأنت تقرئين الفاتحة، والسورة آية آية، وتحاولين التركيز، ثم بعد ذلك في حالات الركوع بدلاً من أن تسبحي مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات بسرعة، حاولي أن تُخرجي التسبيحة من قلبك، وكذلك في السجود، وأنت ساجدة على الأرض أخرجي كل همومك ومشاكلك إلى الله تبارك وتعالى.

فهذه حقيقة من أهم العوامل التي تقضي على المشاكل النفسية والعُقد النفسية مطلقًا -بإذن الله تعالى- وهذا علاج مجرب، ولذلك حتى في الغرب الكافر يُعالجون الناس بمثل هذه الأشياء وإن كانوا لا يؤمنون بها.

العامل الثاني –باركَ الله فيك–: أن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، فإن محافظتك على أذكار الصباح والمساء تحفظك من كيد الشيطان الذي يُسبب هذه الهموم والمشاكل، وكذلك حافظي على فريضة الفجر وسنتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).

أيضًا ورْد من القرآن الكريم يوميًا، كل يومٍ فليكن عندك قدر من القرآن، جزء من القرآن، نصف جزءٍ من القرآن، أيضًا بقراءة متدبِّرة متأنّية.

والعامل الذي بعد ذلك الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يُغيِّر الله حالك، واجتهدي في ذلك.

كذلك أيضًا من الممكن أن تقرئي في قصص الصالحات، أُمَّهات المؤمنين، الصحابيات، والكتب التي تبعث الأمل، والتي تُعطيك المثل والقُدوة. كذلك أيضًا يوجد كتاب يُسمى (اعتني بحياتك) لو وجدته فهو رائع، والكتب التي تتكلم عن الثقة بالنفس والثقة بالذات جميلة جدًّا.

والدعاء أهم شيءٍ، فعليك بالإكثار من الدعاء، كذلك الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن بالإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يكفي الله الإنسان همَّه ويغفر له ذنبه، والإكثار من الاستغفار، فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب.

أسأل الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً