الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقي يتأتئ منذ طفولته الباكرة، فهل سببه نفسي أم عضوي؟

السؤال

السلام عليكم

يا دكتور: لدي صديق (22 سنة) يعاني من التلعثم، قلت له لا أظن أن سببه سبب نفسي وإنما عضوي؛ لأنه يتلعثم أمام كل الناس حتى والديه، ويتحدث إلى الناس بشكل عادي بدون خوف و بكل أريحية، فوافقني الرأي، و قد أخبرني أنه يذكر أنه أصيب بصعقة كهربائية خمس مرات في نفس الوقت، عندما كان يدرس في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية، ويذكر أنه كان بخير قبل ذلك، فما تشخيص حالته؟

هل هو مصاب بالبؤرة الصرعية؟ ما علاقة التأتأة بالدماغ؟ هل تنصحونه بطبيب أعصاب؟ ما هي الادوية التي ممكن أن تفيده؟ ماذا عن الحجامة (هل تفيد)؟ بماذا تنصحونه؟

ملاحظة: أخبرني أنه لا يتأتئ عندما يقرأ القرأن، وأنه ذات مرة ذهب مع الأصدقاء للسباحة فلاحظوا أنه لم يتلعثم، هل الأمر كله إذن نفسي يتعلق بنفسية الشخص؟

أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأشكرك على سؤالك هذا وعلى اهتمامك بأمر هذا الصديق، وأقول لك أن التأتأة أمرها محير بعض الشيء، هنالك من عزاها للجانب الوراثي، وهناك من عزاها للجانب النفسي، وهناك بعض الأقاويل حول أنها ربما تكون متعلقة بخلل معين في أجزاء معينة من الدماغ، هذا الكلام مجرد أقاويل ولكنه لم تثبته أبحاث علمية رصينة، ولا نستطيع أن نقول أنه توجد بؤرة للتأتأة مثل البؤر الصرعية مثلاً.

الشيء المؤكد هو أن الجوانب النفسية والقلق والتوتر يلعب دورًا في ذلك، والشيء الآخر: من الواضح جدًّا أن العامل الوراثي يلعب دورًا أيضًا، فالتأتأة نجدها في بعض الأسر، وكما تعلم - أيها الفاضل الكريم – أنها تكثر بين الذكور أكثر من الإناث، والسياق القرآني العظيم حين وصف موسى - عليه السلام - في دعائه: {رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي} وقال واصفًا نفسه: {وأخِي هارون هو أفصح مني لسانًا فأرسله معي ردْءًا يُصدّقني إني أخاف أن يُكذبون} وقال: {ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأخاف أن يكذبون}.

وهذا – أي الدعاء - يجب أن نأخذه دائمًا مبدئًا لطلاقة اللسان، هذا دعاء الدعاء الذي في الآيات يجب نحرص عليه، أنا وأنت وهذا الصديق وكل من يرى أنه محتاج أن ينطلق لسانه.

العلاجات للتأتأة حسب ظروف الحالة، الذين يعانون من الهرع الاجتماعي والخوف الاجتماعي والتوترات وما نسميه بقلق الأداء الظرفي، أي أن القلق يسيطر عليهم في أوضاع معينة، هؤلاء يستجيبون للعلاج النفسي السلوكي والإرشادي، ويستفيدون كثيرًا من تطبيق تمارين الاسترخاء، وتحقير فكرة الخوف أمام الآخرين.

هنالك أيضًا تمارين معينة يقوم بها الإخوة أخصائيو التخاطب، ومن أهمها: الربط بين التنفس والنطق، وأنا على النطاق الشخصي وجدتُ أن الذهاب إلى المشايخ ودُور تحفيظ القرآن لتعلم مخارج الحروف ومداخلها بالصورة الصحيحة يساعد كثيرًا في علاج التأتأة. هذا يجب أن ننصح به لهذا الصديق، ونسأل الله له العافية.

تمارين الاسترخاء مهمة - كما ذكرت لك – وموقعنا أعدَّ استشارة تحت رقم: (2136015) فيها كيفية تطبيق هذه التمارين، فأرجو أن يرجع إليها.

أما بالنسبة للأدوية فهنالك عدة أدوية تعطى في هذا المجال، من الأدوية القديمة عقار يعرف (هلوبريادول) يتم تناوله بجرعة نصف مليجرام، لكن هذا الدواء له بعض الآثار الجانبية، ولا أنصح باستعماله إلا تحت إشراف طبي نفسي.

هنالك عقار (إمبرامين) أيضًا قيل أنه مفيد، وبالنسبة للذين يعانون من الخوف الاجتماعي أو خوف المواجهات يفيدهم كثيرًا عقار (سيرترالين) وعقار (باروكستين).

الآن دراسات توضح أن عقار (أولانزبين) والذي يعرف علميًا باسم (زبركسا) والذي هو في المقام الأول دواء لعلاج مرض الفصام والاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وجد أن هذا الدواء بجرعات صغيرة يساعد كثيرًا في علاج التأتأة.

لا أرى أن للحجامة دورًا مفيدًا في علاج التأتأة، وبالنسبة لموضوع البؤرة الصرعية فليس هناك علاقة بين التأتأة ووجود بؤرة صرعية، على العكس تمامًا بعض مرضى الصرع تجدهم طليقي اللسان جدًّا وإن كان يعيبهم أنهم يدورون حول الموضوع نفسه بتفاصيل كثيرة دون أن يصلوا إلى الهدف المقصود من النقاش.

أما بالنسبة للملاحظة وهي أنه قد أخبرك بأنه لا يتأتئ عندما يقرأ القرآن: نعم هذا معروف ومشهود، وهذا يفسر (حقيقة) بأن في القرآن بركة وشفاء عظيم، والأمر الثاني أن الإنسان حين يعرف ما هو الذي سوف يقوم به كخطوة تالية لا يُصاب بالقلق التوقعي، يعني شاهدنا كثيرًا، مثلا الذي يحفظ شيئًا من القرآن حين يقرأ آية أو آيتين ويعرف الآيات التي بعدها قطعًا هنا يكون مسار تفكيره ومساقه منسابًا وسلسًا للدرجة التي لا تضع عليه أي ضغوط نفسية داخلية تسبب له القلق الذي نسميه بقلق الأداء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً