الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل خاطباً أصغر مني رغم عدم نضجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسعد الله صباحكم، ولكم مني جميل التحايا وأرقها.

أنا فتاة في زمن تغيرت فيه التقاليد والطباع، لكني ما زلت أدرك أن الدين واحد، لكن لم أعد أعرف ما الصواب من الخطأ لأمضي عليه حقاً وبدون مجاملات، عندما يتضح طريقي الصحيح بقوة ديني سأمضي عليه، لكني أحتاج لاستشارتكم.

لي صديق منذ 5 سنوات، جمعت بيننا صداقة طاهرة بنيت على تنمية الشخصية والدين، بغض النظر عن كونها علاقة محرمة وهذا ما أدركه الآن، لكنه حقاً أصبح جزءا من أيامي، دخلت الجامعة وتعرفت بصديقه من أجل المعرفة وكزميل دراسي لا أكثر، وهو شخص يصغرني بعام كامل، فتعاملت معه في نطاق الإخوة، لكنه سرعان ما أعجب بشخصيتي وطلب يدي للزواج، أستطيع أن ألتمس الصدق في كلامه، وأقدر مشاعره جداً، لكنه ما زال صغير العمر لا يعرف الخطأ من الصواب، مشكلتي: لا أعلم أأقبل به؟ وخوفي أن قبوله قد يولد جرحاً في قلب صديق -صديقي الأول الذي يماثلني في العمر-، وأخاف أن أرفض فأكون قد أخطأت بقدري، نحن في السنة الثالثة في الجامعة، أنا وزميلي ندرس الطب بينما صديقه يدرس الهندسة.

لا أعرف ماذا أختار، ولا كيف أتصرف، وما هو الصحيح من الخطأ؟

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن ينفع بك البلاد والعباد، وأرجو أن تكوني صادقة في الكلام الجميل الذي صدر منك، أنك ستلتزمين الحق إذا عرفته، فإن الحق عليه أنوار، والحق ما يحتاج إلى كثير كلام، فاستفت قلبك وإن أفتاك الناس.

وإذا كنت قد أشرت إلى هذه العلاقة الموجودة وفي نفسك تخوف من أن فيها حرجا، فالحرج موجود، ولابد إذن من تصحيح هذا الوضع، فعليكم أن تتوقفوا الآن، ثم تتوبي إلى الله تبارك وتعالى، ثم بعد ذلك إذا كان هذا الصديق جادًا عليه أن يُخبر أهله ثم يطرق باب أهلك، يأتي داركم من الباب ويقابل أهلك الأحباب إذا حصلت توبة، لأن هذه مسألة مهمة جدًّا، ونحن لا نريد أن تبدؤوا هذا المشوار دون أن تتضح هذه المعاني، ومسألة مشاورة أهله وإدخالهم في المسألة من الأهمية بمكان، خاصة عندما تكون البنت أكبر من الولد أو في سنه، هذا قد يسبب لكثير من الإشكالات بكل أسف في مجتمعاتنا، مع أن هذا من الناحية الشرعية لا غبار عليه، والنبي -صلى الله عليه وسلم– تزوج من خديجة وهي تكبره –عليها من الله الرضوان–، والحب لا يعرف الأعمار ولا يعرف هذه الحدود.

ونريد أن تكون العلاقة قائمة على قواعد صحيحة وثابتة، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا عبر علاقة شرعية رسمية، وكثير من الشباب إذا قيل له (عليك أن تأتي الدار من الباب) عند ذلك يتبين الجاد الذي يملك قراره، والذي أسرته لا تمانع وستقف معه، ويتبين أيضًا رأي أسرتك في هذا القادم عليهم، فإن الزواج ليس لقاء بين شاب وفتاة، لكنه لقاء بين بيتين وأسرتين، وربما بين مدينتين وقبيلتين، فلذلك لابد أن يكون للأهل رأي في هذا الارتباط.

وفي كل الأحوال أنتم بحاجة إلى أن تتقفوا، لأننا لا نريد للمشاعر أن تتعمق ثم تفاجؤوا في آخر المطاف بأن هناك عوائق، وأن هناك استحالة في هذا الارتباط، لذلك الإنسان يحرص على أن تكون العلاقة شرعية من بدايتها إلى نهايتها، وأن تكون مكشوفة معلنة، هدفها الزواج، بعلم الأهل، بل بعلم الجيران لأنها علاقة معلنة، وبعد ذلك إذا أصبحت هذه العلاقة بعد مشاهدة الأهل، وحصول الوفاق والاتفاق والميل، عند ذلك هذه هي الخطبة، والخطبة أيضًا ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولكنها فرصة للتعارف، وفرصة للتآلف وفرصة أن يكلمها في المواضيع الأساسية، بشرط ألا يكون ذلك من خلال الخلوة بها.

وعمومًا لا حل أمامكم، ولا حل أمام أي شاب وفتاة يريدان السعادة ورضوان الله قبل ذلك، والوفاق في حياتهما إلا أن يتتبعا القواعد الشرعية في بناء الأسرة –كما قلنا–، وأول هذه القواعد هي أن يحول العلاقة إلى علاقة رسمية معلنة، لكن ما يحصل بكل أسف من تأخير هذه الخطوة، وجعل الأهل آخر من يعلم، والتوسع في المخالفات، هذا كله خصم على سعادة الأبناء والبنات، فأي علاقة خارج الأطر الشرعية هي خصم على سعادة الزوجين، بل تصاب الأسرة بشيخوخة مبكرة، لأن العواطف تكون قد ضاعت فيما يُغضب الله تبارك وتعالى، وتبدأ الحياة بأزمات، والشيطان الذي يجمع الشاب بالفتاة على الغفلات والمكالمات والضحك والجلسات، هو الشيطان نفسه الذي سيأتي يغرس الشكوك في النفوس، يقول لها: (كيف تثقين فيه؟) ثم يذهب إليه فيقول: (كيف تثق فيها؟) وبعد ذلك يكون هذا هو المسمار في نعش الحياة الزوجية بكل أسف.

أنتم في مقام أبنائنا والبنات، والإنسان لا يرضى لأبنائه ولا لبناته إلا ما يُرضي الله، ولذلك ندعوكم إلى الانتباه للتوجيهات الصادرة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية صاحبة السؤال

    تم الأمر :) ... قطعت العلاقة ^_^

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً