الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير أخي بعد سوء تفاهم حدث لي مع زوجته، فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة وأرجو منكم الإرشاد.

عندي أخ أكبر، كنت بمثابة ابنة له لا كأخت، غير أن الوضع تغير بسبب سوء تفاهم حدث بيني وبين زوجته، فقبل عامين، مررت بمرحلة صعبة، وكان جل ما أردته هو البقاء لوحدي - فالحمد لله – أن كل أفراد عائلتي تفهموا وضعي إلا زوجة أخي، فأصرت على أنني عاديتها ولا أريد محادثتها، رغم أنني شرحت الوضع مسبقا، والآن أخي بالكاد لا يكلمني بحجة أنني ظلمت زوجته بعدم التكلم معها، رغم أنني شرحت وضعي لكليهما، وأن الآمر ليس كما هي تظن، غير أنها تصر على عكس ذلك، والآن أخي يوكل الله علي، ويتهمني بخطأ لم أقترفه، حتى إن سلوكه تغير مع إخوتي ووالدي، وخاصة والدتي، فهل يجوز له أن يوكل الله بشيء لم أفعله؟ وهل أنا مذنبة في حقه أو حق زوجته؟

أرجو منكم الإرشاد، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونهنئكم وأنفسنا بشهر رمضان الفضيل، الذي نعتقد أن فيه فرصة سانحة لتصفية ما في النفوس، ونؤكد لك بداية أنك لست مذنبة، ولن يضرك ما حصل من الأخ طالما كنت على الحق والصواب، ولكننا نوصيك بصلة الرحم، وأن تكرري المحاولات، وأن تطلبي مساعدة الإخوة والأخوات والآباء والأمهات والعمات والخالات، وكل ما يمكن أن يؤثر عليه؛ حتى تعود الأمور إلى مجاريها وإلى وضعها الصحيح.

كما نتمنى أن تتعاملي مع زوجته بالإحسان، لأن بعض الناس مفتاح شخصيته عند زوجته، فأحسني لهذه الزوجة، وتواصلي معها، وتجاوزي رواسب الماضي، وكوني دائمًا الأفضل لأنك من سأل، ولأنك من توجهتِ إلى هذا الموقع الذي يُرحب بك، الذي يتوجه إلينا ليطلب النصح الشرعي، والنبي - عليه الصلاة والسلام – جاءه رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ. النبي - صلى الله عليه وسلم – لم يقل له (لا ترد عليهم، ولا تهتم ولا تذل نفسك) وحاشاه، فهو الذي بُعث بكسر الأوثان وصلة الأرحام. بشَّرَه فقال: (إن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم المل) أي تُطعمهم الرماد الحار، كناية عمَّا يدخل عليهم من إثم وذنب بتقصيرهم، (ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)، بشره بمعونة وتأييد وتوفيق من الله تبارك وتعالى ما دام يكرر المحاولات.

فكرري المحاولات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، ونسأل الله أن يعين هذا الأخ على الحق وعلى الثبات، وعلى العودة إلى الصواب، وإذا كان هو مقصرًا في حق والديه فهذا إشكال كبير، إذن المسألة ليست صغيرة، فحاولي أن تتصالحي معه، وتقتربي منه، وذكريه بوالديه خيرًا، إذا كان ممن يسمع منك النصح، وحاولي أن تتعرفي على أسباب نفوره من والديه، وهل هناك أشياء جديدة دخلت عليه، أصدقاء جدد، أم يا ترى ما هو سبب هذا التغير السلبي الذي حصل؟ فإن معرفة السبب تعيننا - بإذن الله - على إصلاح الخلل والعطب.

وعلى كل حال أرجو أن تكونوا جميعًا عونًا له على الشيطان وليس العكس، فلا تقابلوا قطيعته إلا بالوصال، ولا تقابلوا تجاهله إلا بالاهتمام، ولا تقابلوا إساءته إلا بالإحسان، واعلمي أن ما بينك وبين الأخ أكبر من قصة هذه الزوجة التي نسأل الله أن يهديها وأن يردها إلى الخير، فهي من يملك إصلاح الوضع، كما كانت السبب الغير مباشر أو المباشر في الوصول بالوضع الأسري والعائلي عندكم إلى هذا المستوى.

على كل حال نحن نرفض التصعيد والتعقيد للأمور، ونحن في شهر فضيل، فكوني دائمًا الأفضل، وتواصلي معه، وقدمي له الاعتذارات طالما هو كبير وأكبر منك، قولي له: (إن كان حصل مني خطأ فأرجو أن تعذرني، وأنت أخي الغالي)، إلى غير ذلك من الكلام الجميل الذي ستؤجرين عليه، لأن الإنسان ينبغي أن يسعى في الإصلاح، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فالتي تبادر وتحرص على إصلاح العلاقة هي الأحسن وهي الأفضل، ونحن نريدك أن تكوني الأفضل دائمًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً