الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتارة بين أن أستمر في وظيفتي أو أن أكمل دراستي، فبم تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكركم على هذا الموقع الهادف والأكثر من رائع..

مشكلتي هي أني قبلت في وظيفة ولم تعجبني من أول أسبوع، لأن طبيعتها مخالطة رجال عاملين والإشراف عليهم مع كثرة الموظفات العاملات معي بالقسم، ولكن كنت محرجة، فقد جلست مدة ثم نقلت بعد شهرين بواسطة، ولكن المكان الآخر أيضا لم يعجبني، لأني لم أسأل عن طبيعة عملهم قبل أن أنتقل إليه، فقد كنت أريد الهروب فقط من رؤية الرجال، لأني أحسست بأنني قد ضعت، وتشتت تفكيري، وأحرجت من توسطوا لمساعدتي.

والآن انتقلت إلى قسم أقل اختلاطا، ومرتاحة فيه، ولكن أحيانا أكتئب وأحزن من كثرة النساء معي، وذهبت لأسأل عن النقل للعمل الإداري، ولكن أنا مقيمة ولست مواطنة، ولا يقبل نقلي للقسم الإداري، كما أن الراتب سيكون ضئيلا.

أتمنى أن أعيد دراسة الثانوية العامة في الفترة المسائية، ولكن عملي في الفترة المسائية ويوميا من الرابعة عصرا للتاسعة ليلا، فكيف أنسق وأنا أشعر بأني منهكة، عدا أن نفسيتي تعبت من الانتقال من مكان لآخر؟

فكرت بأن أستقيل، ولكن أشعر بالخوف من البطالة، وخائفة أيضا من اتخاذ القرار، وفكرت كثيرا في الأمر، وكل من حولي يقولون ادرسي وأنت في وظيفتك، كما أن إحدى صديقاتي درست وهي موظفة، والآن هي في المرحلة الجامعية، ولا أريد أن يمضي الوقت وتصبح شهادتي قديمة ولا يقبلوني في الدوام المسائي، كما أني أخاف المجازفة.

ولقد قالت لي إحدى صديقاتي أنني أستطيع أن أدرس عن طريق الانتساب إلى جامعة، ولكن انتهى وقت التسجيل، ولا أعلم هل سيقبلون شهادتي القديمة؟ كما أن تخصصات الانتساب محدودة، لذلك أنا أشعر وكأني في دوامة، فأنا أجمع مبلغا من المال للتقديم على جامعة خاصة، ولكن تذكرت بأني أحتاج إلى أموال من أجل المواصلات والمصروف، حيث أن والدي متقاعد، ولديه زوجة أخرى وأطفال.

سؤالي هو:

كيف أتخذ قرارا يغير حياتي، وأنا أريده وأرغب فيه؟ فقد شعرت بنظرة من حولي بأنني ضائعة، ولا أعرف ما أريد، فالقلق والخوف سببا ضياعي.

كما أنني لاحظت بأنني أتعمق بالتفكير والقلق، ولقد استمررت في وظيفتي هذه بسبب مشورة إحداهن أن أبقي في الوظيفة، ومع مرور الوقت سأتأقلم أو أنتقل، ولكن للأسف ظهرت كالمغفلة، ولا أحسن التصرف، واستشارتها لم تكن في محلها، وأنا أعتقد بأن كل وظيفة فيها سلبيات، وأشعر بأنني عممت على كل الوظائف.

وفقكم الله لما يحب ويرضى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ won حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل خير، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك عونًا لأهلك على طاعته ورضاه، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن قضية اتخاذ القرارات قضية تربوية، الأسرة الواعية المدركة لرسالتها هي التي تحاول أن تدرب أبناءها منذ الصغر على اتخاذ القرارات المناسبة، ودراسة الواقع قبل أخذ أي قرار حتى لا يخرج القرار خاطئًا.

وهناك أسر مع الأسف الشديد تُهمل هذا الجانب، ويظل الإنسان يعيش في داخل الأسرة لا يفكر في اتخاذ القرار، بل ولا حتى قرارًا بسيطًا، وإنما دائمًا يرجع لوالديه، وبذلك يتم محو شخصيته، وإضعاف قدرته على اتخاذ أي قرار، فإذا ما وصل إلى سن متقدمة، وأراد أن يأخذ قرارًا، فإنه يشعر بعدم القدرة على ذلك.

فيبدو لي من خلال رسالتك أنك فعلاً ضحية أسرة ما كانت تُعطي أبناءها الفرصة لأخذ القرارات المناسبة، وتحمل المسؤولية عن هذه القرارات، ولذلك أنت الآن مترددة جدًّا، وعاجزة عن أخذ القرار المناسب، ومن هنا فإني سأساعدك على أخذ قرار هذه المرة، على أن تحاولي في المرات الأخرى أخذ قرارات بنفسك، ومن الممكن أن تدخلي إلى مواقع البحث جوجل وغيرها لتكتبي (كيفية اتخاذ القرار) وستجدين هناك - إن شاء الله تعالى – كمًّا طيبًا من المعلومات التي تفيدك في ذلك.

أتمنى ما دمت الآن أصبحت مستريحة في عملك إلى حد ما ومعك موظفات وأصبح الاختلاط قليلاً، وأنت لا تختلطين بأحد اختلاطًا يتعارض مع الشرع، فأرى أن تواصلي الرحلة في هذا العمل، خاصة وأن أسرتك الآن في أمس الحاجة إلى الراتب الذي تأخذينه من هذا العمل، نظرًا لأن والدك قد أُحيل للتقاعد، وأنتم لستم مواطنين حسبما فهمت من رسالتك.

فأنا أرى - بارك الله فيك – مواصلة العمل ما دام لا توجد فيه إشكالات شرعية، حتى وإن كان فيه بعض التعب البدني، خاصة وأنك أخبرت في رسالتك أنك مستريحة وأن التعب أصبح قليلاً، وأن قدراتك من الممكن أن تواصلي رحلة العمل بلا مشقة.

المسألة الثانية، وهي مشكلة اتخاذ القرار في مواصلة الدراسة: أنا أنصحك بما نصحك به أخواتك، بأن تواصلي العمل مع مواصلة الدراسة، نعم ستتعبين، ولكن سترتاحين راحة عظيمة عندما تتحولين من إنسانة تحمل شهادة متوسطة إلى إنسانة جامعية تستطيع أن تتبوأ الصدارة، وأن تحتل مكانًا جيدًا في مؤسستها أو في غيرها من المؤسسات.

لذا أرى وأميل بقوة إلى تسجيل اسمك في أي جهة علمية تقبلك لمواصلة الدراسة الجامعية، هذا أول شيء أنا أتمناه، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينك على ذلك، وأن تواصلي، وأنت ستتعبين مما لا شك فيه قليلاً، ولكنك سوف تستريحين في المستقبل عندما تكونين على رأس عملك، وفي نفس الوقت أيضًا تواصلين رحلة الدراسة، والمسألة كلها في حدود أربع سنوات سوف تجدين نفسك قد تخرجت وأصبحت جامعية، وتصبح لديك فرصة لتحسين وضعك - بإذن الله تعالى – أو البحث عن وظيفة أخرى أفضل مما أنت فيه.

فإذًا - بارك الله فيك – أقترح مواصلة الدراسة مع مواصلة العمل، خاصة أن العمل يخلو من المحاذير الشرعية، وأن الاختلاط فيه نادر، وأنك تعملين في وسط أخوات مثلك من الفتيات، وفي نفس الوقت حاولي الانتساب إلى إحدى الكليات أو المؤسسات التعليمية التي تتناسب مع ظروفك، حتى تتمكني من تحقيق حلمك الكبير، وتصبحي - كما ذكرت لك – جامعية، وفي نفس الوقت تقومين بمساعدة أهلك في الإنفاق الشهري وقضاء حوائجهم، وبإذن الله تعالى سوف سيأتيك عون من الله سبحانه؛ لأنك ما فعلت ذلك إلا تنفيذًا لأوامره وحرصًا على إكرام أهلك وصيانتهم من ذل السؤال أو التعرض لأي موقف من المواقف المحرجة نتيجة مد اليد إلى الغير.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك لاتخاذ القرار المناسب، وأن يعيننا وإياك على طاعته ورضاه، وأن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر فرح

    السلام و عليكم انا انصحك باكمال دراستك وان تبحتي عن عمل صباحيوشكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً