الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعتبر نفسي إنسانا فاشلا ووالداي غاضبان علي، مني فهل من علاج وتوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوعي باختصار وبكل صدق، أصارحكم عن نفسي وليس عن أحد غيري فأرجو سعة صدركم، وأعتذر أولا عن بعض الألفاظ الخارجة عن السياق وإن ذكرتها؛ فإنما أذكرها لأن هذا هو ما أشعر أنه مستواي.

أنا أعتبر نفسي إنسانا حقيرا ومنافقا وفاشلا، لا أفكر إلا بنفسي ومصلحتي فقط، ولو كانت على حساب ومستقبل الآخرين.

الكذب هو مهنتي وسبيلي، مستعد أن أخسر وبدون حساب أو التفكير بالعواقب مقابل أن يتحدث عني الناس ويشيروا إلي بالبنان؛ حيث أني أحب الظهور بشكل غير طبيعي.

مع العلم أني خجول جدا، وأعيش أحلام اليقظة، وأصبحت تسيطر على حياتي صباحا ومساء، ودمر عملي وخسرت كل تجارتي بسبب الأسباب السابقة، وأنا الآن موظف ومشرد من البلاد، وأعيش في الغربة، والداي غاضبان مني وإن لم يظهرا ذلك، فهل من سبيل لتوبتي وعلاجي، أم أن باب التوبة والرحمة مغلق لأمثالي.

مع العلم؛ أني أصوم وأصلي وأتصدق وأزكي وأضحي، وأقوم بكثير من النوافل.

أخيرا: أرجو أخذ الموضوع بعين الاعتبار، والرد عليه إن استطعتم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ basheer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى صدقك وصراحتك معنا عما في نفسك من مشاعر وأحاسيس.

بلّ أنت الصادق بعون الله، فكم من الناس من عنده مثل ما عندك إلا أنه غير قادر حتى على الصدق، حتى مع نفسه فإذا هو يعيش في دائرة كبيرة من الكذب حتى على نفسه.

سبحان الله، ومن قال: إن باب التوبة غير مفتوح لك ولي ولكل الناس؟ الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وذلك حتى تطلع الشمس من مغربها، فلا تيأس ولا تقنط فاليأس من رحمة الله كفر، والقنوط استحواذ من الشيطان عليك، وانظر: (16287 - 54902 - 254887).

أنا أعتقد أنك قد بدأت بالخطوات السليمة في تغيير حياتك للشكل الذي تريد أن تعيش عليه، وقد بدأت هذا عندما قررت أن تكتب إلينا بما كتبت، وحتى قبل أن يصلنا سؤالك، فالصراحة مع النفس من أولى خطوات التصحيح عموما في حياة الناس، والله تعالى يقول في هذا المعنى: (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم) وها قد بدأت أنت التغيير بما في نفسك، من خلال ما كتبت في سؤالك.

طبعا لا نستطيع أن نستعرض معك كيف يمكنك أن تعيش، إلا أن احتمالات طبيعة الحياة ونمطها مفتوح أمامك على مصراعيه، ولك أن تختار نمط الحياة التي تريد، مستعينا بذلك بضميرك الحيّ، وتعاليم ديننا الحنيف، والسليم من العرف الاجتماعي، فليس بالضرورة أن كل ما تعارف عليه الناس مقبول للجميع، ولكن اختر الصالح منها.

ولا بأس أن يرافقك في هذا السبيل بعض الأصدقاء والأصحاب الصالحين، فالصاحب ساحب كما يقال.

وأما رضا الوالدين، فلا أظنك تحتاجني أن أذكرك به، فصلاتك وعباداتك سترشدك للسبيل الصحيح في أسلوب التعامل معهما، أعانك الله، ويسّر لك الخير والفلاح.

ونرجو منك مراسلتنا مرة أخرى بذكر أسباب غضب والديك عليك، وبالتفصيل حول أسباب كل ما تعاني منه، لنجيبك بصورة أشمل.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً