الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قسمة زوجي للأيام بيني وبين زوجته الأولى صحيحة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة من رجل متزوج، ولقد رزقنا الله ببنت عمرها الآن ثلاث سنوات، وولد لم يره منذ ولادته، عمره الآن سبعة أشهر، ولقد تزوج حتى ينجب، وهو يعمل بإحدى الدول العربية، وزوجته الأولى تعمل معه، ويأتي في الإجازة كل عام نظراً لظروف عملهما، وظروف العمل شاقة، ومدة إجازته شهران، يتم تقسيمها بيني وبين الزوجة الأولى، يوم عندي ويوم عندها، وذلك لأن الزوجة الأولى تعمل طوال العام دون راحة.

سؤالي: هل هذه القسمة صحيحة؟ وهل من المفترض عند نزوله أن يمكث عندي بضعة أيام ثم يقسم الأيام بيننا؟ أرجو الرد حتى يطمئن قلبي، وأرجو مراعاة وجود الأولاد أيضاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يُثيبك خيرًا، ويُحسن لك الجزاء في صبرك على اغتراب زوجك وإعانتك له على هذه الظروف، واعلمي تمام العلم أن كل خير تفعلينه لن يضيع، وأن الله -تعالى- لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فاحتسبي ما تقدمينه من تضحيات مع زوجك في سبيل أسرتك والحفاظ على أولادك.

وأما عن القسمة بين الزوجتين، فنقول – أيتها الأخت الكريمةَ – أن هناك معاملة بالعدل، وهناك معاملة بالفضل والإحسان، فالعدل أن يقسم الرجل بين زوجتيه إلا إذا تنازلتْ إحداهما عن بعض حقوقها، فالأمر راجع إليها، والسفر بإحدى الزوجتين إن كان بقرعة – أي أقرع بين الزوجتين – وظهرت القرعة لإحداهما وسافر بها، ففي هذه الحالة إذا رجع بعد السفر فإنه يقسم المدة بين الزوجتين بالتساوي، ولا يقضي للأولى شيئًا – أي التي لم تسافر – لأنه سافر بتلك بقرعة.

أما إذا سافر بإحداهما بغير قرعة فإن عليه أن يقضي للأخرى إذا رجع إليها، هذا إن كنا نتكلم عن العدل الواجب، وهذا كله ما يشترط الزوج على الزوجة التغاضي أو التسامح عن بعض الحقوق، وإلا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان لا يقسم لسودة – رضي الله تعالى عنها – أُمَّ المؤمنين بعد أن تصالح معها على أن تُسقط حقها من القَسْمِ، ونزل في ذلك قول الله تعالى: {وإنِ امرأةٌ خافتْ من بعلها نُشوزًا أو إِعرَاضًا فلا جُناح عليهما أن يُصلحا بينهما صُلحًا والصُّلحُ خير}.

فالنبي - صلى الله عليه وسلم – خيَّرها بين الطلاق وبين أن تبقى بلا قَسْمٍ، فاختارتْ هي أن تبقى بلا قسْمٍ، وتنازلت عن ليلتها لعائشة – رضي الله تعالى عنهنَّ -.

فهذا النوع من التعامل بين الزوجين جائز، لا سيما إذا كانت المصلحة لهما أو لأحدهما في البقاء على ذلك، فقد يكون البقاء على هذا الحال خير من الفِراق والطلاق، وكما قال الله تعالى في هذه الآية {والصُّلحُ خيرٌ}.

ولذا فنصيحتنا لك أن تتعاملي مع زوجك بهذا الخير، وأن تسامحيه إذا قصَّر في بعض الحقوق، وأن تتجاوزي عن ذلك ما دمتِ تعلمين منه أن هذا هو المقدور عليه والمستطاع، أما العدل الذي لا بد منه: فقد تبيَّن لك أنه لا بد أن يقسم بين الزوجتين، وإذا سافر بإحداهما بغير قرعة لزمه أن يقضيَ للتي لم يُسافر إذا رجع.

وبهذا نرجو أن يكون الحكم قد اتضح، ونسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً