الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل إذا انسلخ شهر رمضان والعبد تارك لذنبه؛ فهو أرجى ألا يعود له؟

السؤال

السلام عليكم

أريد أن أبث لكم بشرى واستشارة، البشرى أنني منذ بداية الشهر الكريم –رمضان– وأنا مقلع عن العادة السيئة، وإن شاء الله سينقضي الشهر وأنا مجتنب لها، ومجتنب أسبابها بإذن الله.

الاستشارة: أن الأمر الذي يشغلني هو كيف أحقر الذنوب التي كنت أفعلها لسنين –أتوب وأرجع-، كيف أنال العزم الأكيد على عدم العودة؟ والله إن رمضان لا يشغلني هم الذنوب فيه؛ فأنا لن أطلق بصري، ولن أفعل العادة في رمضان -إن شاء الله-؛ لكن ما يشغلني هو ما بعد رمضان!! فالله يقبل التوبة إذا عزم العبد العزم الأكيد على طرح تلك الحقارات، وأنا لطول فترة الذنب أشعر بأن الأمر لازمني، وإذا انقضى الشهر؛ فلربما أرجع، فاللهم أعنِّي!

هل إذا انسلخ الشهر والعبد تارك لذنبه؛ فهذا أرجى ألا يعود؟ لا تزال أمتنا بحاجة إلى شباب واع مطيع لربه، مشارك بإيجابية في إصلاح مجتمعه، فاللهم أعنِّي وإخواني على رفع راية الخير.

حفظكم الباري من كل سوء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: نرحب بك ابننا الكريم، ونهنئك وأنفسنا بشهر المرحمة وبشهر الرحمة، بشهر التقوى والمغفرة، ونسأل الله أن يعيده علينا وعليكم أعوامًا عديدة وسنوات مديدة في طاعته، وأن يجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله، وهنيئًا لك بالتوبة والتوقف عن تلك الممارسة السيئة الخاطئة، وهذا أول وأبلغ وأهم دروس الصيام، فإن الصائم الذي يترك طعامه وشرابه وشهوته لله تبارك وتعالى، الذي ترك الطعام الحلال والشراب الحلال ينبغي أن يصمد ويصبر ويبتعد عن المعاصي والأمور التي حرمها الله في رمضان وفي غيره، وهذا هو أهم الدروس، فإن الثمرة من الصيام هو أن نتدرب على ترك المعاصي، وإذا ترك الإنسان المعاصي ثلاثين يومًا وواظب على الخيرات ثلاثين يومًا فإن المفروض منه أن يستقيم على ما تعود عليه، وأن يستمر على هذه الخيرات التي تدرب عليها.

ونحب أن نؤكد لك أن الأمر هينٌ على من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله، لذلك الصيام يربي على قوة الإرادة، فعليك أن تعزم العزم، ودائمًا تستعين بالله تبارك وتعالى، وتبتعد عن مسببات هذه الخطيئة، فإن الإنسان إذا غضَّ بصره، وابتعد عن الخلوة بالنساء، وابتعد عن سماع الأغاني، وابتعد عن المثيرات، وابتعد عن المواقع المشبوهة، وشغل نفسه بالخيرات، واستنفذ ما عنده من الطاقة في كل عمل يُرضي الله تبارك وتعالى، ولم يأتِ الفراش إلا وهو مستعد للنوم، وحرص على أن ينام طاهرًا، وأن يستيقظ ذاكرًا، فإن هذا برنامج حماية للإنسان من هذه الممارسة الخاطئة.

ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينك على ترك المنكرات وعلى فعل الخيرات، وأن يُباعد بينك وبين الشر وأهله، ونشكر لك هذا التواصل، ونتمنى أن يستمر التواصل، وقبل ذلك تستمر الطاعات بعد رمضان، فإن الله لم يقل (واعبد ربك في رمضان) وإنما قال: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، والإنسان إذا تعود ترك الشيء واستطاع أن يصمد ويصبر فهذه بشارة خير، وهو أرجى ألا يعود -بإذن الله-، فعليك أن تواصل المشوار، وإلى الأمام، ونتمنى أن نسمع عنك الخير، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والسداد والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً