الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب الاجتماعي وعدم الثقة بالنفس، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا أعاني في حياتي الاجتماعية، وأشكو من الأعراض التالية:

1- عدم الثقة بالنفس.

2- ارتباك شديد، وتلعثم باللسان أثناء التكلم مع الشخص الذي أمامي، ومحاولة إنهاء الحديث مع الشخص المقابل بأقصى سرعة، وهو مجرد شعور داخلي، لا أعرف مصدره، ولكنه أثَّر على علاقاتي الاجتماعية كثيرًا.

3- عند ما أواجه موقفًا اجتماعيًا، وأرتبك فيه، فإني عند ما أمشي لا أحس بخطواتي، أي أحس أنني لا أمشي على الأرض.

ماهو تفسيركم لهذه الأعراض؟ وكيف أقضي عليها؟ وهل يكون علاجها نفسيًا فقط أم تنصحونني بأدوية معينة؛ كون هذه الأعراض شديدة، وأعاني منها كثيرًا؟

شكرًا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إذا تركنا موضوع الثقة بالنفس جانبًا، فالعَرَض النفسي الثاني الذي تعاني منه، وهو الارتباك الشديد والتلعثم عند المواجهات، فهذا دليل على أنك تعاني من خوف اجتماعي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، والعَرَض الثالث يؤكد ذلك، وفي ذات الوقت شعورك بالارتباك، وأنك لا تحس بخطواتك، هذا نسميه بالاضطرابات الإنيّة، وهذه ناتجة من القلق النفسي.

أيها الفاضل الكريم، مُجمل القول: إنك تعاني من رُهاب اجتماعي، أحسبُ أنه من الدرجة البسيطة، وهذا أدى إلى اهتزاز ثقتك بنفسك.

أيها الفاضل الكريم، العلاج يتمثل في الآتي:

أولاً: هنالك ما نسميه بتغيير المفاهيم، لا بد أن تغيّر مفاهيمك، فما تشعر به من ارتباك أو تلعثم في اللسان، هو شعور خاص بك أنت لا أحد يطّلع عليه، كما أن مشاعرك قطعًا تظهر في شكلٍ مبالغٍ فيه، هنالك تضخيم كبير؛ وذلك نسبةً للإفراز الكيميائي الذي يحدث من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي، حيث إن الإنسان حين يكون في وضع مواجهاتٍ تُفرز مادة الأدرينالين، وتؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، وربما رعشة، وشيء من التلعثم، هذه المادة أصلاً الهدف منها هي تحضير الجسم والنفس ليكونا أكثر استعدادًا للمواجهة، لكن أحد الآثار السلبية والعكسية، هو الشعور بالارتباك وبالتلعثم وتسارع ضربات القلب، وربما التعرّق والرجفة لدى البعض.

فإذًا المشكلة هي مشكلة فسيولوجية نفسية في المقام الأول، وهذه الأعراض خاصة بك أنت، ولا أحد يطّلع عليها، هذه نقطة مهمة جدًّا.

النقطة الثانية: وهي الخوف الاجتماعي، وهو ليس نوعًا من الجبن أو ضعفًا في الشخصية، على العكس تمامًا، هو مجرد مفاهيم خاطئة من تجربة سلبية اكتسبها الإنسان في وقت سابق، وأي شيء مكتسب يمكن أن يُفقَد عن طريق التعليم المضاد، والتعليم المضاد الذي نقصده هنا، هو أن تحقّر فكرة الخوف، وأن تصر على التواصل الاجتماعي.

هنالك نوع من التواصل التلقائي الجميل والجيد والمفيد، مثلاً: أن تصلي مع الجماعة في المسجد، هذا تواصل اجتماعي من نوع خاص وخاص جدًّا، تُثاب -إن شاء الله تعالى- عليه، وفي ذات الوقت يبني مهاراتك الاجتماعية.

أن تصر على زيارة المرضى في المستشفيات، أن تزور أرحامك،...هذه ليست صعبة -أيها الفاضل الكريم-، أن تكون لك مشاركات اجتماعية في المناسبات (الأفراح والأتراح)، فإذًا اضبط نفسك، وألزِمْها اجتماعيًا، وسوف تجد أنك قد تخلصت من مخاوفك تمامًا.

في ذات الوقت تدرب على تمارين الاسترخاء، هنالك تمارين للتنفس التدرّجي، وتمارين لقبض العضلات وشدها ثم إطلاقها، وإسلام ويب أوضحت ذلك بتفصيل جيد ودقيق وبسيط في الاستشارة رقم (2136015)، أرجو أن ترجع إليها، وتأخذ ما بها من إرشاد، فسوف تجد فيها فائدة كبيرة جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: فهو مهمّ، والدواء مفيد جدًّا، هنالك دواء يعرف باسم (زيروكسات)، اسمه العلمي (باروكستين)، وهو متوفر في العراق، يمكنك أن تذهب إلى الطبيب النفسي إن كان ذلك ممكنًا، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فخذ هذا الدواء من الصيدلية، وابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام)، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة كاملة، تناولها يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين، تناول الحبتين مع بعضهما البعض يوميًا لمدة شهرين، ثم أنقِصْ الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء دواء سليم، ليس له آثار جانبية، فقط بالنسبة للمتزوجين ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤثر على الإنجاب أبدًا أو على ذكورية الرجل، قد يؤدي أيضًا إلى فتح بسيط للشهية نحو الطعام في بعض الحالات.

أخي الكريم، أرجو أن تَتَّبِع ما ذكرته لك من إرشاد، وعلاجُ حالتك بسيطٌ جدًّا إذا انتهجت المنهج الذي ذكرته لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً