الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحبب زوجي في المحافظة على الصلاة والانتظام فيها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا امرأة متزوجة من رجل منذ سنة وشهرين، ولي منه طفل يبلغ 3 شهور، تزوجت زوجي على حسن أخلاقه، وشهد الناس لي بحسن التزامه، وهو فعلا أخلاقه وكلامه ومعاملته مع الناس في غاية الاحترام، ومعي جيد جدا، وطيب وخلوق، ويحبني، ويراعي مسؤولياتي ومسؤوليات ابني، ولكني اكتشفت مؤخرا بأنه غير محافظ على الصلاة، اندهشت، وأصبت بخيبة أمل، وأصبحت أبكي ليلا ونهارا لأن زوجي هكذا، ولم أكن أتخيل ذلك أبدا، ولم أكن أعلم.

وأنا -والحمد لله- محافظة على فروضي والسنن أغلب الأوقات، وأحافظ على القيام والورد والأذكار، وأراعي حقوق زوجي.

هو يتظاهر أمامي بالصلاة، وهو على غير وضوء، ورأيته أكثر من مرة لأتأكد، فاكتشفت بأنه لا يتوضأ، ويتظاهر بالصلاة، لأنه يخشى إن علمت تتوتر علاقتنا، ويصغر في نظري، ويعلم أني أريده ملتزما.

لمّحت له ذات مرة وسألته: هل تصلي من غير أن تتوضأ؟! قال لي: لا طبعا، توضأت، وهو لم يتوضأ، فقد رأيته والله بأم عيني أكثر من مرة.

حزنت لكذبه أيضا، لأنه كان يقول لي دائما: بأننا يجب أن نكون صريحين مع بعضنا البعض، كما أنه يصلي فرضا أو اثنين في اليوم، والباقي يتظاهر به، حتى لا يكون اسمه كافرا أو تاركا للصلاة، فحزنت كثيرا، ولم أجد غير الدعاء والبكاء لله تعالى لعل الله أن يهديه، وفي القيام أتضرع إلى الله وأستغفره كثيرا.

ثم خطرت لي فكرة المحاولة من بعيد، فقلت له: إن لي صديقة اكتشفت أن زوجها غير مواظب على الصلاة، ويتظاهر أمامها بأنه يصلي وهو على غير وضوء، وكانت تظن بأنه ملتزم، وحزنت كثيرا، وقل حبها له، ولم تعد تنظر إليه كما في السابق.

توتر كثيرا، وعلم أني عرفت بأمره، فقال لي: تحادثه وتنصحه، فقلت له: هي تعرفه جيدا، سيكذبّها، وهو يعلم الصواب من الخطأ، ويعلم أن الصلاة فرض، فتوتر جدا، وظل يومين بعدها حالته النفسية غير جيدة، وكتب على صفحته: (لا يحق لأحد أن يتدخل بدين المرء، والمهم أنه يتعامل معه جيدا فهذا يكفي).

وأنا أيضا علاقتي معه ليست كما كانت من قبل، فأنا حزينة كثيرا، ومستمرة على الاستغفار والدعاء، وفي ليلة كنت أصلي قيام الليل في الغرفة المجاورة وهو نائم، فاستيقظ قبل الفجر يبحث عني، وأنا كنت حينها أبكي وأدعو الله بصوت عال، فسمعني، وفتح باب الغرفة علي، وسمعني أقول: بصوت باك يا رب اهده فأنا أحبه، فضرب الباب بشدة لأعلم أنه جاء، ففزعت، وأنهيت صلاتي، وقلت في نفسي لعل الله أن يهدي قلبه ويرق، فنظر إلي نظرة غضب، وقال: لماذا تفعلين هكذا؟ وانصرف.

هو لا يحب أن يراني أبكي، ثم ذهب ليكمل نومه، ولكنه لم يستطع، فقام وتوضأ، ونزل لصلاة الفجر، حمدت الله كثيرا، وقلت -إن شاء الله- تكون بداية هدايته وتوبته، لأنه كان يرفض بتاتا أن أوقظه لصلاة الفجر، ومن بعدها أيضا لم يستيقظ، ولم يواظب على جميع الصلاة، فأصبت بحزن أكثر، ولا أعلم ماذا أفعل معه؟

لقد حسنت تعاملي معه، وأصبحت لا أبين له شيئا، وأبعث له مقاطع ورسائل دينية على المحمول، وأدعو وأستغفر، لعله بحسن تعاملي يصلح الله منه.

ولكني حزينة جدا، وأبكي، وضغطي منخفض، وأخشى على نفسي من المرض، وأخشى على رضيعي بسبب اللبن.

ماذا أفعل معه؟ لأنه عندما يراني حزينة، ويعلم أني علمت، يقول: تحدثي معي في الذي يغضبك، وأنا أقول: لا شيء، لأني أخشى أن يكذبني.

لكنني لاحظت في اليومين الفائتين بداية انتظامه، يتوضأ ويصلي لبعض الصلوات أكثر من قبل، ولكن بشكل قليل جدا، ولكني أريد أن يصلي كل الصلاة، لأنني أحبه، وأخشى عليه من الموت.

ونحن في غربة، وصديق زوجي ليس بصالح، ويخرج مع الفتيات، وتشاجرنا بسبب صداقته إياه، ومن بعدها لم أفتح الموضوع معه مرة أخرى، ولا أريده أن يصاحب صديق السوء هذا، ويقول لي: لا تشعريني بأنك أفضل مني، وأنا لم أفعل إلا النصيحة، وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ماذا أفعل لينهي صداقته مع هذا الشخص، ماذا أفعل؟

أنا حزينة جدا على حياتي، ولست سعيدة بها، وأخشى على زوجي، مع العلم أن أصدقائه ليسوا بالملتزمين، وتحدثت معه أن يصاحب أهل الخير، فقال لي: لا تقلقي علي، أنا لست صغيرا.

في هذه الحالة هل أعتبر من الصابرين؟ وما هو فضلهم حتى أتشجع على الصبر؟

أعتذر على الإطالة، ولكني والله لا أعرف غيركم بعد الله أشكو له همي ووجعي.

جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على هداية الزوج، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاته وصلاحه، ونحيي فيك هذه الروح الحية التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.

أعجبنا أسلوبك وتعاملك مع المشكلة، وأفرحنا هذا التعلق بربنا العظيم، وكثرة اللجوء إليه، والإلحاح من أجل أن يهديه، وأبشري بالخير.

ونؤكد على حسن التبعل له، والمبالغة في التزين لإمتاعه وإشباعه، مع ضرورة ربطه بابنته، وإشراكه في رعايتها، واطلبي منه مشاركتك في الصلاة والتلاوة والأذكار.

أما بالنسبة لأصدقائه:
فكوني أنت صديقه الأول، واقتربي منه، وأمنيه، ولا تتجسسي عليه، ولا تخبريه بأنك علمت بأنه يصلى من غير وضوء، ولكن تحدثي عن أن الصلاة أمانة، وأن الله سبحانه يعلم السر وأخفى، وأظهري الفرح لكل خطوة، وبكل تقدم، ولو كان طفيفا، ليأتيك المزيد، وحاولي تسليط الأضواء على إيجابياته، وحسني صورته عن نفسه، وأظهري الخوف عليه لا منه، وأرجو أن تعلمي أن للأنثى تأثير كبير، وهي تملك وسائل التأثير والتغيير، وأحسني وداعه إذا خرج بالقبلات، واسألي عنه بالرسائل إذا غاب، وأحسني استقباله إذا رجع، وكوني له أمة يكن لك عبدا، وكوني له أرضا يكن لك سماء.

نسعد بتواصلك مع موقعك، ونذكرك بأن العافية درجات، وما حصل منه من استجابة يدل على أن بذرة الخير موجودة، والآمل موجود بحول الله وقوته خالق الوجود.

وهذه وصتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً