الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما علاج الوسواس والنسيان في الطب والسنة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب طب، أعاني منذ 3 سنوات من وسواس قهري، وأنا الآن في السنة الثالثة، وآخذ علاجا له منذ السنة الأولى، أول علاج أخذته (لوسترال 50) أخذته لمدة طويلة تقترب من الـ 6 أشهر، وكنت أعاني معاناة شديدة من النسيان، وضعف التركيز، فأخذت (بروزاك 20)واستمريت عليه إلى الآن؛ لأني أرتاح عليه.

لما أخذته شفيت من النسيان، ثم لم ألبث أن رجع النسيان لي بعد فترة وجيزة، فكتب لي الدكتور (ويلبوترين) ولما أخذته مع (البروزاك) شفيت من النسيان، ولكن زادت نسبة الوساوس أكثر، فتركته بعد شهر ونصف من أخذه، واستمريت على (بروزاك) ثم كتب لي الدكتور (ابيليفاي 10) نصف قرص بعد الأكل، وأخذته فشفيت من الوسواس، لكن أصابني نوم شديد؛ فامتنعت عنه.

كتب لي الدكتور (اوركاليون فورت) وهذا للنسيان، وبفضل الله لم أعد أنسى كما سبق، لكن عندي وسواس أن هناك شيئا ما في المخ قد ضمر، حيث إني كنت أنسى نسيانا شديدا، وصل بي أن أنسى أسماء أصحابي، أو أسماء أماكن معينة، فضلا عن نسيان العلم الطبي والشرعي.

أنا أمارس العادة السرية وأشاهد الأفلام الإباحية، ولكني بفضل الله نويت الامتناع عنهما، وأريد الدعوة إلي الله، فأنا بفضل الله أحفظ بعض القرآن والأحاديث، وقد درست كتبا شرعية، لكن همي الآن الدعوة على أكمل وجه إن شاء الله، وأيضا التفوق في اتجاهي الطبي.

ما أريده الآن:

1-هل آخذ (اوركاليون فورت) باستمرار؟ حيث إني متخوف أن أتعود عليه، وألا يصحّ دماغي إلا به؟ حيث طلب مني الدكتور أن آخذه لمدة شهر، وأكلمه بعدها.

2-ما سبب النسيان الشديد هذا، وعدم التركيز؟ هل هناك ضمور في المخ أو غيره؟

3-هل لن أتذكر شيئا إلا إذا أخذت الحبوب المنشطة للذاكرة، أم إنها حاجة مؤقتة؟ وما الأساس العلمي لهذا؟

4-هل هناك مأكولات معينة تساعد على تنشيط الذاكرة؟

5-شخص ملتزم كان قد كتب لي على وصفة لم أتذكرها الآن، لكن كان بها شيء مطحون، فهل فعلا ورد عن النبي وصفة للنسيان؟

آسف جدا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت -والحمد لله تعالى- مدرك لحالتك وبتفاصيل جيدة، وقطعًا خلفيتك الطبية أفادتك كثيرًا في هذا السياق.

الوسواس كما تعرف -أيها الفاضل الكريم– لا بد أن يُعالج بحسم وعزم من خلال تحقيره، وعدم مناقشته، واستبدال الفكر أو الفعل بما هو مخالف له، وأن ينظم الإنسان حياته، وأن يرتبها، وممارسة الرياضة أيضًا أمر مهمّ وضروري.

بالنسبة لسؤالك حول الأركليون: لا أرى أن هنالك داعيا أصلاً للاستمرار عليه أكثر من ثلاثة أشهر، وبالمناسبة في مثل عمرك: مثل هذا الدواء لا ضرر له، لكن أيضًا لا فائدة منه، هذا أقوله لك بكل ثقة، التحسُّن الذي طرأ على حالتك ناتج من التأثير الإيحائي لهذا الدواء، فلست في حاجة إليه.

وضعف التركيز والنسيان الذي يأتيك هو من القلق، لأن الوسواس جُلها قلق، والأمر يمكن علاجه من خلال النوم المبكر، هذا أمر مهم وضروري، ومجرب لتحسين الذاكرة، الاستيقاظ مبكرًا، وصلاة الفجر، بعدها تراجع دروسك لمدة ساعة أو ساعتين، ثم تذهب للكلية، ابدأ يومك وحياتك على هذا النمط، وسوف تجد أن أمورك قد تبدلت وأصبحت أكثر إيجابية، وأصبحتَ متميزًا في إدارتك لوقتك بصورة تعود عليك بالفائدة والنفع الكبير -بإذن الله تعالى-.

ممارسة الرياضة مهمة جدًّا لعلاج عدم التركيز، وتلاوة القرآن الكريم بتمعن وتفكر {واذكر ربك إذا نسيت}، {ولا تكونوا كالذين نسوا الله}، و{واذكروا الله كثيرًا لعلكم تُفلحون} ... هذه أسس رئيسية جدًّا لتحسين الذاكرة، وكذلك تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015)، يمكن أن ترجع إليها، وتطبق من خلالها تمارين الاسترخاء.

أنت لا حاجة لك للحبوب المنشطة، وليس هنالك مأكولات معينة، إنما التنظيم الغذائي المنضبط والمتعادل هذا هو المطلوب.

بالنسبة للسؤال الخامس: سوف يقوم -إن شاء الله تعالى– أحد الإخوة المشايخ بالإجابة عليه.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وعقار البروزاك عقار ممتاز جدًّا لعلاج الوساوس، وأعتقد أنك إذا رفعت الجرعة إلى أربعين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر مثلاً، ثم بعد ذلك رجعت للجرعة الوقائية –وهي كبسولة يوميًا– أعتقد أن ذلك سوف يكون أمرًا جيدًا، ويسهل عليك كثيرًا، ويزيل هذه الأعراض، تواصلك مع طبيبك أعتقد أنه جيد كداعم نفسي رئيس بالنسبة لك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
__________________________________________

انتهت إجابة د. محمد عبد العليم ...... استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي ...... مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
__________________________________________

فلا نعلم شيئًا عن النبي –صلى الله عليه وسلم– من الوصفات في علاج النسيان، وقد ذكر الإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى– في الطب النبوي من كتاب (زاد المعاد) آثار عن الصحابة –رضوان الله تعالى عليهم– فقال: يُروى عن عليٍّ –رضي الله تعالى عنه– أنه قال لرجل شكى إليه النسيان، قال له: (عليك باللُّبَّان فإنه يشجع القلب ويذهب بالنسيان)، ويُذكر عن ابن عباس –رضي الله عنهما– أن شُربه مع السُّكرِ على الريق جيد للبول وللنسيان، ويُذكر عن أنس –رضي الله تعالى عنه– أنه شكى إليه رجل النسيان فقال: (عليك بالكُندر وانقعه من الليل، فإذا أصبحت فخذ منه شربة على الريق، فإنه جيد للنسيان)، انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

فهذه الآثار موقوفة عن الصحابة –رضوان الله تعالى عليهم– ولا نعلم شيئًا مرفوعًا إلى النبي –صلى الله عليه وسلم– وقد أورد ابن القيم –رحمه الله تعالى– في كلامه عن هذا اللُّبَّان حديثًا، وحكم عليه بأنه لا يصحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم– ولفظ الحديث: (بَخِّروا بيوتكم باللُّبَّان والسَّعتر) ولم يتعرض فيه ذكرٌ للنسيان، ومع ذلك فهو غير صحيح، كما أفاد ابن القيم –رحمه الله-.

نسأل الله تعالى التوفيق للجميع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً