الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الإرتباك اللاإرادي أمام الآخرين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت أعاني سابقا من الرهاب الاجتماعي، ولله الحمد تمكنت منه، أما الآن فتصادفني حالة غريبة أجهل سببها، وتسبب لي الضيق، وكانت في السابق تأتيني مع وجود الرهاب، ولا زالت مستمرة إلى الآن، وهي أنني أثناء الدراسة أرتبك من أشخاص معينين كلما التفتوا لي ارتبكت وتوترت.

بداية دراستي التقيت بفتاة، وتعرفنا على بعض، ثم بعد الدراسة لاحظت اهتمامها بي، ودائما ما تنتبه لي، وتريد أن تكلمني، بالرغم من أنها لا تقصد شيئا، وهذا الشيء سبب لي ارتباكا، فلا أعلم أصبحت إذا جلست في المقعد الأمامي وأنا جلست خلفها في القاعة قامت تتلفت بدون قصد، وتنظر لشيء أشعر كأنها تنظر لي، وينتابني خجل وارتباك، فألتفت عليها وأتنبه لها.

هذا الأمر للأسف أزعجني كثيرا، بالرغم من أني لا أملك مشاعر تجاهها، وهي لاحظت ذلك؛ مما أدى بها إلى أن تتعجب، وأن تظن أني لست معجبة بها، فأصبحت أتجنبها، ولا أنظر إلى عينيها إذا التفتت.

ماذا أعمل أرجو أن تساعدني في هذه المشكلة، وهل يوجد علاج لذلك؟ وكيف أتخلص من هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كلي أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أختنا الكريمة: الحمد لله أنك سيطرت على أعراض الرهاب الاجتماعي، وصرت أحسن حالاً من قبل، أما حالة الارتباك التي تنتابك الآن فهي من بقايا أعراض الرهاب، وناتجة عن حساسيتك الزائدة للمواقف الاجتماعية، وقد يكون سبب ذلك أسلوب التنشئة الاجتماعية الذي تعرضت له منذ الطفولة.

فلا بد أن تعلمي أن الله تبارك وتعالى خلقك في أحسن تقويم، وأحمدي الله على نعمة العقل فهي أعظم النعم، لذلك لماذا الخوف؟ ولماذا الرهبة من الناس المخلوقين مثلك؟ فكل الناس لهم محاسن ولهم عيوب، والكمال لله وحده، فتقديرك غير الواقعي للآخرين ولنفسك هو سبب الخوف والتوتر؛ لأن هذا ناتج عن النظرة السلبية لنفسك والتقييم المتضخم للآخرين.

حاولي تعداد صفاتك الإيجابية، ولا تقارني نفسك بمن هم أعلى منك في الأمور الدنيوية، وغيري المقياس أو المعيار الذي تقيمين به الآخرين، فأفضل المقاييس على الإطلاق هو المقياس المستمد من الكتاب والسنة، فتقوى الله عزّ وجلّ هي المحك الحقيقي لتقييم الشخصيات، فالمظهر الخارجي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وغيرها من الأمور الدنيوية ليست هي الأصل الذي يجعلنا نحترم الناس، أو نخاف منهم، فتركيزك الشديد على نفسك، وانتباهك لتصرفات الآخرين بالصورة الفائقة؛ يزيد من التوتر بطريقة لا شعورية، وبالتالي يكون سببا في جذب انتباه الآخرين وملاحظتهم للأعراض.

لذلك نقول لك -أختي الكريمة- مشكلة تجنب الآخرين، وعدم الاحتكاك بهم؛ لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، وأولها المواجهة وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية، فحاولي رفع شعار مفاده التحدي والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء، وإجابة الدعوات والمشاركة في المناسبات، ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية.

هذه تكسبك الثقة بالنفس وتزيدها، فإذا انكسر الحاجز النفسي فسيكون الأمر طبيعياً إن شاء الله، فالإنسان يتعلم بالممارسة والتدريب شيئاً فشيئا، في البداية تعلمي كيفية المحادثة مع الآخرين بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم كيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها، وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك فاغتنميها ولا تترددي، بل انتهجي نهج المبادأة، وكوني أول من يبدأ دائماً بالتعريف أو الحديث عن النفس.

مارسي ذلك مع من تعرفيهم من الزملاء والإخوان، والذين تألفيهم فسترى -إن شاء الله- تغييراً واضحاً في زيادة الثقة بالنفس، وانخفاض الخوف والتوتر، ويصبح الأمر عادياً.

متعك الله بالصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً