الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ربي لا يحبني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا صاحبة الاستشارة رقم (2238513)، فتاة أدرس في الصف الثاني المتوسط، أريد أن أسألكم عن أمر فأنا في حيرة من أمري.

لقد كتبت استشارة لكم قبل هذه المرة، وقد فسرتم وقلتم: إن لدي خجلا اجتماعيا، لقد تعبت كثيرا من هذا الخجل، حاولت مرارا وتكرارا أن أكسره لكن لم أستطع.

لماذا ربي لا يحبني، لماذا كل ما أريده ليس لدي، ماذا فعلت من ذنب كي أعاقب هكذا؟
أرى أمامي زميلاتي في الصف وفي ساحة المدرسة، ويأتي في بالي: لماذا لست هكذا، لماذا لم يعطني ربي مثلها؟

أنا حقا لا أقارن نفسي بأحد، وأنا هي أنا، لكن لماذا الجرأة والاجتماعية، والضحك والتسلية، والصديقات، والأشياء الطبيعية التي لدى كل إنسان، ليست لدي، ولدى جميع الناس، لماذا لست الشخصية التي أحب أن أكونها؟ كم أتمنى أن أكون شخصية فعالة وجريئة.

لدي زميلات أعرفهن، هن يعجبنني كثيرا، جريئات، وفعالات، ومنطلقات، وجميلات، ومحبوبات، يوجد فيهن كل ما أتمنى أن يكون عندي، لا أقول لكم: إنني أحسدهن، لا، بل بالعكس، لكن لا أعلم لماذا ربي أعطاهم ولم يعطني، هل هو عقاب؟ وإن كان عقابا فأريد أن أعرف ذنبي؛ كي أصححه اليوم قبل الغد،
لا تعلمون كم أريد أن أصبح جريئة، وشخصية فعالة، ومنطلقة واجتماعية.

أعرف أنكم ستقولون ما قلتموه لي في الاستشارة السابقة: (عليك بالمحاولة، وأنت وأنت وعليك وووو)

يقولون: إنه إذا أحب الله عبده سيعطيه كل ما يريد، وأنا عكس ذلك، فهل يدل ذلك على أن الله لا يحبني؟.

الله الحمد أنا محافظة على صلواتي ولا أعصي والدي، فكيف أستطيع أن أحبب الله فيني، وما ذنبي؟

على الأقل إن لم أكن جريئة ولا اجتماعية، ولا فعالة ولا منطلقة، ولا محبوبة، فأريد أن يعطيني الله الرضا بوضعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا مجددا، وقد قرأت سؤاليك السابقين، أعانك الله وخفف عنك.

من قال: إن الله إن أحب إنسانا أعطاه كل ما يريد هذا الإنسان؟

الذي نعرفه أن الله تعالى إن أحب عبدا ابتلاه، للرفع من مكانته، ولحكمة يعلمها قد لا ندركها الآن.

الله يعطي الجميع، إلا أن ظروف معيشتهم تختلف؛ مما قد يجعل بعضهم اجتماعيا، والبعض الآخر انطوائيا، وهكذا تتنوع وتتعدد الشخصيات، والحياة بحاجة لهؤلاء وهؤلاء، ولو كان الناس نوعا واحدا لفسدت الحياة.

مما أعرفه يقينا ومن تعاملي مع المئات من الناس، أن كثيرا من الناس ممن يبدو أنه اجتماعي ومنطلق، ولا يرتبك من لقاء الناس، كثير من هؤلاء الشجعان والسعداء، والذين يضحكون، كثير منهم يعاني من درجة من درجات الرهاب أو الارتباك الاجتماعي، وليس كما يبدو على السطح، إلا أنهم يضغطون على أنفسهم، ويحاولون تجاوز خوفهم وارتباكهم، ونحن لا نرى ما في داخلهم، وإنما نرى الظاهر منهم.

فالخيار لنا فيما إذا أردنا أن نحرر أنفسنا من القيود التي تكبلنا، أو نبقى مقيّدين بها. وليس هناك حاجة أن يكون الأمر تحت مبدأ (كل شيء أو لا شيء).

أي أنك لست مضطرة في أن تكوني في غاية الانطلاق الاجتماعي والجرأة والضحك والانفتاح، أو في حالة شديدة من الرهاب الاجتماعي واعتزال الناس.

أرجو أن تعيدي قراءة أجوبتي السابقة، وبضوء هذا الجواب، ومن ثم تحاولي من جديد، خطوة خطوة.

وكحل أخير: هناك علاج دوائي ونفسي معرفي سلوكي للرهاب الاجتماعي، وما عليك إلا أن تأخذي موعدا مع عيادة الطب النفسي وكما يفعل الكثيرون ممن يعاني من الرهاب الاجتماعي.

وبالتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً