الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحل الخلاف الزوجي وأقضي على أنانية زوجتي؟

السؤال

السلام عليكم..

أرجو مساعدتي في مشكلتي: أنا متزوج، وحاليا عندي مشكلات كبيرة جدا مع زوجتي، ولي منها بنت عمرها عام.

قبل بداية المشكلات وجدت في هاتف زوجتي محادثة مع صديقتها، وكان ذلك بعد ولادة بنتي بشهرين، وكتبت أنها تمنت موت ابنتي، وهي تلدها، وكاد قلبي يقف من هول الصدمة، ولكني لم أكلمها وسكت عنها، واحتسبتها عند الله، وعندما احتدت المشكلات واجهتها بذلك، وأقسمت وحلفت على المصحف أنها لم تكتب ذلك، وكذبت وأصرت على كذبها.

ما أعلمه أن الإنسان لا يجوز له تمني الموت، إلا إذا كان يخشى على نفسه من الفتنة، وذلك لنفسه، وما أعلمه أيضا أن حب الوالدين لأبنائهم يغرسه الله في قلوبهم، أي أنه فطرة، وبكل أسف رأيتها بلا قلب، لم أشعر بحبها حتى لابنتها، فهي أنانية جدا.

فما ردكم؟ لأَنَّنِي بالفعل يؤرقني هذا الأمر، وهو ضمن مصائب كثيرة فعلتها، ولم أطلقها حتى الآن، ولا أعلم إن كانت ستصلح من نفسها أم لا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يُعينكما على تربية ابنتكما تربية طيبة صالحةً مُوفَّقة، كما نسأله تعالى أن يُخلِّص زوجتك من هذه الأسباب السلبية التي أدت إلى وجود هذه المشاكل وتفاقمها، وأن يُعينها على أن تتخلص من أنانيتها، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أحب أن أبيِّن لك أن هذا الكلام الذي كتبته زوجتك في هذه الرسالة لصديقتها؛ ليس معناه أنها امرأة سيئة، وأنها وقعت في فاحشة –لا قدر الله– وارتكبتْ منكرًا، خاصة وأنك تقول بأنها أنانية جدًّا جدًّا.

بعض الناس أنانيته تدفعه إلى أن يُفضل نفسه على كل أحد، أنت كما ذكرت فطرة الله تعالى أن الإنسان يُحب أولاده أكثر من نفسه، وهذا حق، ولكن بعض الناس عندما تكون هذه الفطرة لديهم غير سويَّة؛ فإنه يُحب نفسه أكثر من أولاده، بل وأكثر من الناس جميعًا، وهناك آلاف الأمثلة على ذلك، موجودة في حياة الناس.

ومن هنا فإني أقول: لا يلزم حقيقة من هذه الكلمة أن يكون هناك شيئًا سيئًا وقع من هذه المرأة، لكن لعلها ضحية تربية خاطئة، تحتاج إلى مساعدة، بدلاً من الحكم عليها واتهامها بأنها مجرمة، أو أنها فعلتْ وفعلتْ.

فأنا أقول: كم أتمنى أن تمدَّ لها يد المساعدة، وأن تجلس معها جلسات مفتوحة، وأن تُكلمها، وأن تحاول أن تقلِّب معها ماضيها، وكيفية تربيتها، وظروفها التي رُبيتْ فيها، وما مدى هذه التربية على هذه التصرفات السلبية، وحاول أن تُناقشها واحدةً واحدة، وأن تعرض أمامها مشاكلها، وأن تطلب منها حل هذه المشاكل.

اسألها أولاً: هل أنت سعيدة معي؟ إذا قالت نعم، قل لها (الحمد لله، ولكن أنا لستُ سعيدًا في الواقع) تقول لك: لماذا؟ قل لها (للأسباب الآتية: واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة). إذا قالت: أنا لست سعيدة معك، قل لها: (ما عندي مشكلة، دعينا نتفاهم، ودعينا نبحث أسباب عدم السعادة) وبالطريقة هذه تكون المسائل مسائل هادئة وبسيطة، ويكون من السهل علاجها والسيطرة عليها.

فإن ذكرت لك أسبابًا معينة فهذه الأسباب إذا كان من الممكن علاجها؛ فأرى أن تجتهد في علاجها، لأنها امرأتك وأُمُّ ابنتك، ومن الممكن جدًّا أن ينفعك الله تبارك وتعالى بها، وهي قطعًا ستكون أبرَّ الناس بابنتها، وأحرص الناس عليها، رغم أنها أنانية، ورغم أنك تقول بأن قلبها قاسٍ أو عنيف –وغير ذلك– ولكن تبقى هي أم، وفي جميع الأحوال هي أرحم بابنتها من أي أحدٍ آخر على وجه الأرض.

فحاول أن تستمع إليها، وأن تستمع إلى وجهة نظرها، حتى يُكرمك الله تبارك وتعالى بمعرفة الحقيقة، وتحاول أن تُعالجها، إذا كان هناك نوع من التقصير من قِبلك؛ فأنت تحاول أن تُعالج هذا القصور، وإذا أشارتْ إلى بعض السلبيات فيك، وكان كلامها مبالغٌ فيه، أو غير منطقي، أو غير صحيح؛ حاول أن تشرح لها وُجهة نظرك، وحاول أن تأخذ وُجهة نظرها في الاعتبار، وأن تحاول أن تُغيِّر من نفسك، لأن الله تبارك وتعالى جعل تغيير الإنسان مسؤوليته الشخصية، حيث قال جل وعلا: {إن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، فعليك بذلك.

ثم إذا لم يكن لديها من مؤاخذات عليك قل لها (أنا لديَّ بعض الملاحظات) واعرضها عليها، وقل لها (أريد أن أعرف وجهة نظرك، هل أنا جاد مُصيبٌ أم مُخطئٌ؟ ثم ما هو الحل لهذه المشاكل) واستمع إلى وجهة نظرها.

حاول –أخِي الكريم– أن تفتح دائرة النقاش والحوار، الطلاق ليس حلًّا، إنما الطلاق هروب من المشكلة بألف مشكلة أخرى، أنت بالطلاق تُحدث مشكلة لابنتك إلى أن تموت، أنت تفكر الآن بأن هذا حل، هذا ليس حلًّا، هذا انتحار، لأن الطلاق خطر وخطأ، ولذلك نحن لدينا فرصة أن نُصلِّح، ولكي نُصلِّح، ونحاول أن نحسِّن من الأداء ونطوّر من سلوكنا، فحاول أن تتبسَّط معها، ولا تجلس معها وأنت تتهمها وأنت تتحامل عليها، وإنما بكلام بسيط جدًّا، اسألها أولاً: هل أنت سعيدة معي أم لا؟ إذا قالت نعم قل لها: لماذا؟ وإذا قالت لا قل لها: لماذا؟ وحاول أن تأخذ كلامها مأخذ الجد.

ثم بعد ذلك اسألها –نفس النظام– وقل لها: أنا لدي بعض الأمور أريد أن أستمع إلى جوابك عنها، واعْرض عليها السلبيات التي تراها، وانظر ماذا ستقول لك، وساعدها في التخلص منها، لأنك الوحيد المستفيد من هذا التغيُّر، وكذلك ابنتك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً