الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تتعامل بالسحر، فهل يجوز لي مقاطعتها؟

السؤال

السلام عليكم

متزوجة، لدي أم تتعامل بالسحر، وتذهب إلى السحرة، وقد طلقت بسببها، فقد ضرتني أنا وزوجي، ولا زلت إلى الآن أتعالج من هذا السحر، فهل يجوز لي مقاطعتها أم أنه يجب أن أستمر في نصحها؟ لأنني حاولت ونصحتها، ولكنها تحلف وتنكر، ولكنني وجدت عندها كتب سحر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أختنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك العافية.

ما ذكرته –أيتهَا البنت الكريمة– من كون أُمَّك تفعل السحر أمرٌ لا ينبغي أن يُطلق من غير بيِّنة وبرهان، لما يترتَّب عليه من تشويه السُّمعة، وإساءة الظن بها، ونحو ذلك من الآثار التي تترتب على ما يتخذه الناس ممَّن عُرف عنه السحر، فاحذري من التسرُّع في اتهام أمك بهذه التهمة الكبيرة من غير بُرهانٍ قاطعٍ.

كون أمك تذهب إلى السحرة لا يعني بأنها تُمارس السحر، نعم قد تقع في الإثم من وجهٍ آخر، وهو إتيانها للسحرة وطلبها أن يُسحر لها، ونحو ذلك من المآثم، ولكنها لا تفعله بالضرورة، لا سيما وأنها مع هذا الذي ذكرتِ تُنكر إذا ما وُجهتْ وقُوبلت بذلك.

المتعين في حقك –أيتهَا البنت الكريمة والأخت العزيزة– أن تتوجهي لهذه الأم بالنصح بكل الوسائل المؤثرة، فإن كانت لا تسمع النصح منك مباشرة؛ فينبغي أن تستعيني بوسائل التأثير الأخرى، وذلك كأن تُسمعيها بعض المواعظ بطريق غير مباشر، المواعظ التي تُذكرها بالله ولقائه والوقوف بين يديه وأهوال القيامة، والنار وأوصافها، والجنة وأوصافها، ولا تيأسي من هدايتها، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلبها كيف يشاء، وقد قصَّ الله تعالى علينا في كتابه من إيمان سحرة فرعون وكيف كانوا في أول النهار سحرةً فجرةً، فصاروا في آخره شُهداء بررة.

لا ينبغي للإنسان أبدًا أن ييأس من رحمة الله تعالى، وأحقُّ من تُهدين إليه المعروف وتحرصين على نجاته من عذاب الله وتجنيبه نار الله هي أمك، فابذلي وسعك في هذا الباب دون كللٍ ولا مللٍ، استعيني بكل ما يمكن تأثيره على هذه الأم، ولا حرج عليك في الاتقاء من الضرر الذي تُحدثه فيك، فتحصِّني بالأذكار والأدعية، وقومي بالواجب لوالدتك من الصِّلة والبر بالمعروف، مع تجنُّب الضرر بقدر الاستطاعة.

أعني: لا تقطعي زيارتها بالكليَّة، لا تقطعي السلام عليها بالكليَّة، لا تقطعي الإحسان إليها فيما تحتاجه منك، ونحو ذلك مما يتعارف الناس عليه أنه من البر، فإن البر أوجبه الله سبحانه وتعالى للوالدين مع شِدَّة ما يبذلانه في إيذاء الولد، فقال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يتولى عونك، وأن يحفظك من كل سوءٍ ومكروهٍ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات