الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحقق أهدافي وطموحاتي وأحافظ على صلواتي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب في الصف الثاني الثانوي، أريد نصيحة؛ لكي أحقق هدفي، وأكون دكتورا، وأقلع عن العادة السرية، وأحافظ على الصلاة في مواقيتها.

وشكـــــرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: شكر الله لك -أخي الحبيب- حرصك على معرفة طريق الاستقامة، وهذا يدل على خير فيك، لكن هذا الخير لا يكتمل إلا ببعض الوصايا التي نسأل الله أن تكون نافعة لك.

ثانيا: لتحقيق الأهداف لا بد من وضع خطط عاجلة ومتوسطة وبعيدة المدى، والأمر ليس شاقا بل هو يسير جدا، فبعد التوكل على الله والاستعانة به حدد أهدافا يوميا تنجزها، وما حددته من أهداف لا تقبل المساومة عليه، ثم حدد أهدافا ربع، بمعنى ربع سنوية، ثم حدد أهدافا سنوية تقودك إلى هدفك الذي تريد تحقيقه.

تقسيم الأهداف بهذه الطريقة يسهل عليك الوصول إلى ما تأمل، ويهون عليك عظائم ما تبتغي، ويقودك إلى تنظيم وقتك تنظيما يحفظ عليك جهدك، ولا يشتت فيه أمرك.

ثالثا: الكسل عن الصلاة ليس من صفة أهل الإيمان والصلاح، بل هو أقرب ما يكون إلى أهل النفاق -عافاك الله ووقاك- قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} ونحن نربأ بك أن تكون من هؤلاء. وقد ذكر أهل العلم أن لها أسبابا منها:

1- الوقوع في المعاصي، وخاصة صغائر الذنوب.. قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).

2- الإسراف في المباحات؛ لأنه يعوِّد النفس على الراحة والكسل والخمول؛ وبالتالي ترك الطاعات أو عدم فعلها بالشكل والكيفية المطلوبة، فينشأ في النفس حبٌّ لهذه المباحات، واستثقالٌ للطاعات، وعدم صبرٍ على أدائها، يقول المولى عز وجل: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المسرفين}.

3- صحبة أصحاب المعاصي أو المسرفين في تعاطي المباحات؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) فمتى ما صاحبت أهل المعصية فإما أن تقع معهم فيها، وإما أن تراهم يفعلونها ولا تنكر عليهم؛ وكلاهما منكرٌ ويؤدي إلى الفتور.

4- ضعف التفكير في الموت، وعدم تذكُّر الموت وأمور الآخرة؛ وذلك لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة) رواه أحمد، وفى رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة) فتذكّر الموت والآخرة يجعل الإنسان دائمًا في شعورٍ حيٍ واتصالٍ وثيقٍ بالله؛ لأنه يستقر في وجدانه أنه مهما طال عليه العمر فإنه ملاقي الله عز وجل، وعدم تذكّر الموت والآخرة يؤدّي إلى نسيان الهدف من الحياة، وبالتالي إلى الفتور والكسل والدعة.

هذه هي أهم الأسباب باختصار، ونرجو منك عرض هذه الأسباب عليك، والتفكير فيها جيدا.

ونحن ننصحك -أخي الحبيب- بما يلي:

1- اجتهد أن تبدأ الصلاة بشحن النفس جيدا، مستحضرا الآيات والأحاديث التي تقوي عزمك وتعينك على الأداء خاشعا لله محتسبا، ومن تلك الآيات:

- {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}.

- {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة على الخاشعين}.

- {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.

- {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا}.

- {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون}.

- قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا).

- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر).

- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) اكتب هذه الأحاديث ومن قبلها الآيات في ورقة أو علقها على الحائط أمامك ، وداوم النظر إليها.

2- استحضر نعيم أهل الجنة، وجحيم العصاة من أهل النار كلما دعتك نفسك إلى التكاسل.

3- احرص على أن تقرأ في سير أهل العلم والصلاح، وكيف عبادتهم لله، خذ كتاب علو الهمة، وكتاب: الإيمان أولا فكيف نبدأ به. وكتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، وكتاب رهبان الليل لحسين عفاني، هذه الكتب ستفتح لك آفاقا رحبة، وتحبب إليك الصلاة.

4- اعلم -أخي الحبيب- أنه لا عقوبة إلا بذنب، فأكثر من الاستغفار والتسبيح والذكر، فإن هذه من أعمال اللسان التي لا تتطلّب وقتًا مخصصًا لها، ولكنها تفيد في صفاء القلب، وخلوه من المعاصي والذنوب، فيمكن الإكثار منها في المواصلات، وقبل النوم، وفي كل حال.

5- افرض على نفسك عقوبة إيجابية لكل فرض تكاسلت عنه، المهم أن تكون عقوبة رادعة ومتحملة، فلا ترهق نفسك بعقوبة تقصم الظهر، ولا تجعلها هينة تعتاد عليها.

رابعا: وأما بخصوص العادة السرية فإننا ننصحك حتى تتغلب عليها بما يلي:

1- الإقناع الذاتي بأنك تقدر، فما لم يتم الاقتناع الداخلي فإن العلاج سيكون ناقصا غير كامل.

2- زيادة التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل) والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل، واعلم أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، قال الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأدّاها كما أمره الله؛ أعانه الله على شهوته.

3- اجتهد في الإكثار من الصيام، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

4- ابتعد عن الفراغ عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة، أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم أن لا تسلم نفسك للفراغ مطلقا، وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.

5- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلم أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام، أو السماعية عن طريق المحادثات، أو أيا من تلك الوسائل لا تطفئ الشهوة بل تزيدها سعارا.

6- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة، فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهد في التعرف على إخوة صالحين، واجتهد أن تقضي معهم أوقاتا أكثر في الطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.

7- تجنب -أخي الحبيب- أن تجلس وحدك مطلقا، ولا تذهب إلى حاسوبك إلا والباب مفتوح تماما، ولا تخلد إلى النوم إلا وأنت مرهق تماما.

8- كثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه، والله المستعان.

إننا نريدك طبيبا غدا -يا أخانا- فلا تنشغل عن هدفك بهذا الأمور، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يحقق لك أمانيك، ويعينك على ما تريد من خير، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر عصام

    بارك الله فيك

  • الجزائر fouzia

    شكرا اخواني أتمنى أن أكون معكم في هده المصيرة أحببتها كثيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً