الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أجد رغبة في الإقبال على المذاكرة، فما نصيحتكم؟

السؤال

أنا عمري 22 سنة، أعاني –أولاً- من كثرة النسيان، وعدم الاستيعاب والحفظ. أدرس حالياً تخصص إدارة الأعمال في إحدى الجامعات، وكما تعلمون أن معظم الدراسات تتطلب لغة إنجليزية، ولكني إلى الآن لم أُتقن اللغة بالشكل المطلوب، والسبب هو عدم الحفظ والاستيعاب، مع أني وصلت لمستوى بسيط جدا، ولكن هذا المستوى ساعدني قليلا في فهم أسئلة الاختبارات، ولكن ليس كثيرا.

أنا لا أجد الرغبة كثيراً في الإقبال على المذاكرة، ولا أعلم لماذا؟ مع أن لديّ طموحا وآمالا لا حدود لها، وأتمنى أن أجد وظيفة تساعدني؛ لأزيد من دخل أسرتي، لأن والدي متوفى، ولكن أحس بتكاسل وكسل وخمول، فلا أكمل ساعة في قراءة أو مذاكرة إلاّ ويأتيني النعاس، ومن بعده النوم، وإذا قرأت أحياناً أشعر أن عقلي متشتت، ولا أستطيع التركيز.

الوقت يضيع دون أن أنجز الكثير من أمور دراستي، ولا أخرج بالشيء المطلوب مني.

وبالنسبة للتفكير السلبي، أحياناً يأتيني يأس، وأحس أنني لن أحقق شيئا، وأحياناً أقول: لا، أنا قادر على تحقيق النجاح -إن شاء الله-.

أتمنى الكثير، ولكن المشكلة التي هي كثرة النسيان، أنا أحتاج شيئا يجعلني أُقدم على الدراسة وطلب العلم، وأنا دائماً أشعر بتكاسل، وقتي يضيع وأنا لم أحقق شيئا جديدا لنفسي، أتصفح الإنترنت أكثر من الاهتمام بدراستي؛ لأني عندما أبدأ في قراءة كتب الدراسة يأتيني الكسل والنعاس، ولا أستطيع أن أقاوم ذلك إلاّ بالنوم، ولا أعرف ما هي المشكلة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ said حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا مجددا بهذا السؤال.

كم نفرح عندما يكتب لنا شاب لاحظ على نفسه بعض التراجع، وهو يريد ويعزم على الإصلاح وشدّ الهمة لما كان عليه في الماضي، وخاصة أيضا عندما يكون شابا طموحا كما هو الحال معك.

قد يكون ما وصفته بالخمول والكسل إنما هو العرض، وليس المرض. ويبدو أن استعمالك للإنترنت والجوال للساعات الطويلة قد أصبح مشكلة واقعية، ونعم هناك الآن تشخيص سلوكي معروف وهو (إدمان الإنترنت) أو غيره من وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك مراكز متخصصة الآن لعلاج مثل هذا (الإدمان السلوكي) فليست كل الإدمانات هي إدمانات على المواد الكيميائية!

نعم كثرة الوقت الذي تقضيه على النت، يمكن أن يفسر قلة اهتمامك بالدراسة والخمول والكسل... فأمامنا مبررات واضحة تفسر ما حدث، دون الحاجة للبحث عن سبب أعمق عن مرض أو مشكلة ما، وهي أمور منتشرة بين الشباب خاصة، وليس أنت فقط، وكثير من هؤلاء الشباب استطاع تغيير ضعف اهتمامه بالدراسة والمذاكرة، واستعاد حماسه ونشاطه عن طريق تغيير تعامله مع النت ووسائل التواصل.

أعتقد أنك في حاجة إلى تحديد ماذا تريد؟ وماذا تريد أن تحقق؟ ومتى؟ وكيف ستقضي أوقاتك؟

أما استعمال النت، والشعور بضعف الحماس... فكلها أعراض متفهمة بسبب ضعف استغلال الوقت.

طبعا هناك أمور أخرى كثيرة يمكنك القيام بها لتنظيم وقتك بشكل أفضل، وخاصة إذا تذكرنا أن يوم الإنسان الناجح بنفس عدد ساعات غير الناجح، 24 ساعة!

وأذكر من جملة الأمور التي يمكنك القيام بها على سبيل المثال، لا الحصر:
• أغلق الجهاز، وضعه بعيدا عنك.
• أعطِ الجهاز لأحد أفراد أسرتك، واطلب منهم أن لا يعطوك إياه إلا بعد ساعتين مثلا أو أكثر.
• اترك الجهاز في البيت، وحاول أن تدرس وتنهي أعمالك في مكتبة الجامعة أو المكتبة العامة.
• حدد وقتا لاستعمال النت والجوال، بحيث بعد ساعة مثلا أطفئ الجهاز، أي لا تنقطع كليا عنه، فأنت تحتاج إليه، وإنما حدد وقتا مخصصا.
• ادرس مع صديق أو قريب لك، بحيث تلتزم بالجلوس معه طول مدة الدراسة، بشرط أن لا تضيّعوا الوقت معا.
• خصص يوما في الأسبوع لا تستعمل فيه الكمبيوتر، وإذا استطعت يمكن أن تجعله ليومين.
• حدد وقتا في المساء كآخر ساعة تستعمل فيه الجهاز، فمثلا لا تستعمله بعد الساعة 8 مساء.
• حدد وقتا في أثناء النهار بلا جهاز، مثلا: بين الساعة 12 ظهرا و8 مساء، وبحيث تكافئ نفسك على الدراسة باستعماله بعد هذه الساعة.

وهكذا ترى أن هناك خطوات كثيرة يمكنك من خلالها أن تنظم أمور حياتك، بحيث تسيطر على ظروفك ولا تجعل ظروفك تتحكم بك، وربما العنصر الأساسي في نجاح هذه الإجراءات هو صدق العزيمة، واتخاذ الأسباب، وكما يقول تعالى في موقف مشابه عن مدى استعداد الإنسان للقيام بعمل ما يحتاج صبرا وعزيمة: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} (التوبة: 46)

أرجو منك الآن، وبعد قراءة جوابي هذا أن تطفئ الجهاز، ولا تعود إليه إلا بعد ساعتين من الآن، وسترى كيف يمكن علاج المشكلة، ومن نفسك، ولكن لابد من اتخاذ الخطوات البسيطة هذه. وستلاحظ بعد فترة قريبة أن تركيزك وذاكرتك قد تحسّنت كثيرا، وبشكل واضح جدا.

وفقك الله، وأرجو أن تكتب لنا تفاصيل نجاحاتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً