الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس تؤثر على دراستي وتجعل تركيزي قليلًا، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لكم كل الشكر والتحية على ما تقدّمونه من خير ومنفعة للمسلمين.

أود أن أستشيركم في أمري هذا، وهو الوساوس أو الوسواس القهري، والذي لاحظته منذ فترة ليست ببعيدة، وبعد البحث عن صفاته، وجدت أن بعضًا منها ينطبق عليّ، باستثناء الصفات الحرجة والمتقدمة في المرض، والحمد لله أن الأمر لم يصل معي إلى حالات قوية.

لكن المشكلة تكمن في دراستي، إذ إن الوساوس تجعلني أعيد أمورًا قد فهمتها سابقًا، إلا إنني أظل أوسوس بأنني قد أنساها، أو أنني لم أفهمها بشكل كامل أو كما ينبغي، وهذا يجعلني أبطأ في الدراسة، بل وأحيانًا أتساءل عمّا إذا كان ذلك في صالحي أم لا؟!

وهنا تكمن مشكلتي، إذ أصبحت لا أدري إن كان هذا شعورًا طبيعيًا، أم هو مجرد وسواس؟ فلم أعد أستطيع التفرقة بينهما!

أما في باقي جوانب حياتي، فالحمد لله، لا أجد أن الأمر يستدعي القلق الشديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن خلال وصفك: أعتقد أن الذي تعاني منه هو ما نسميه (القلق التوقعي - Anticipatory Anxiety)، حيث تكون مقبلًا على القيام بشيء ما، خاصة في ما يتعلق بالدراسة، فيحدث نوع من القلق والتوتر المسبق، تتوقع هذا القلق فيحدث بالفعل، ومن هنا تأتي هذه التساؤلات والاجترارات الذاتية، وتأخذ طابعًا وسواسيًّا.

إذًا: نستطيع أن نقول إن لديك درجة بسيطة من القلق التوقعي الوسواسي، وهذا القلق قد يكون طاقة إيجابية؛ لأن الذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يوسوس لا ينضبط، ولكن طبعًا إذا خرج الأمر عن المعدل المطلوب، فقد يكون معيقًا بالفعل.

أنصحك -بغض النظر عن هذه المشاعر أو هذه الأفكار- بأن تنظم وقتك، إذا قمت بتنظيم وقتك منذ بداية العام الدراسي، وخصصت وقتًا للمذاكرة، ووقتًا للراحة، ووقتًا للرياضة، ووقتًا للعبادة، ووقتًا للترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل؛ فإن ذلك في حد ذاته يؤدي إلى ما يمكن أن نسميه: الاستهلاك الإيجابي لطاقة القلق والوساوس، مما يحوّل هذه الطاقة إلى طاقة نفسية إيجابية.

كما ذكرتُ: القلق مهم للنجاح، وكذلك الوسوسة مهمة للانضباط والإتقان والتدقيق، ولكن يجب ألَّا تصل إلى الحيز المرضي، هذه نقطة مهمة جدًّا.

والنقطة الأخرى هي أن تكون أهدافك واضحة جدًّا، وأن تضع الآليات والخطط التي توصلك إلى تحقيق هذه الأهداف.

والرياضة أيضًا يجب أن تكون جزءًا من حياتك اليومية، وكذلك تمارين الاسترخاء، هناك برامج ممتازة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة (تمارين الاسترخاء) و(تمارين التنفس العميق)، فأرجو أن ترجع لها، و-إن شاء الله تعالى- ستجد فيها خيرًا كثيرًا.

كذلك هناك دواء بسيط جدًّا مضاد للوسوسة والقلق، وليس إدمانيًّا، يسمى (فلوفوكسامين، Fluvoxamine)، هذا هو اسمه العلمي، ويعرف تجاريًّا باسم (فافرين، Faverin)، يمكنك تناوله بجرعة بسيطة، وهي 50 ملجم، ليلًا لمدة شهرين، ثم تجعل الجرعة 50 ملجم يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه الجرعة الصغيرة -50 ملجم- ستكون كافية بالنسبة لحالتك -بإذن الله-، علمًا أن الجرعة العلاجية الكاملة لهذا الدواء قد تصل إلى 300 ملجم يوميًّا، ولكنك لست بحاجة إلى هذه الجرعة العالية، ولا إلى تناوله لفترات طويلة، بالرغم من أنه دواء آمن جدًّا، وسليم جدًّا، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات الذكورية، أو خلافه.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله أن يمنَّ عليك بالعافية، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً