الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يملؤني الخوف من بعد وفاة والدي، وافتقاد أسرتي وحياتنا لمن ينظمها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

مشكلتي تتعلق بوفاة والدي رحمة الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته، توفي -رحمة الله- قبل سنتين تقريبا، في البداية سبحان الله الذي ربط على قلبي، لكن مع مرور الأيام أصبحت أشعر أني بحاجة لوالدي وشعرت أني فقدته، هناك مواقف كثير احتجت لوالدي فيها، وأشتاق للراحة النفسية والأمان الذي كان يمنحني إياه وجوده، أصبحت الحياة مخيفة بالنسبة لي، كم شعرت بالخوف عندما طلب منا صاحب البيت أن نخرج من البيت ونحن لم نكمل الأعمال في منزلنا الذي سننتقل إليه، اضطررت أن أكلم أصحاب البيت بنفسي، وأطلب التجديد منهم لحين انتهاء أعمالنا بالمنزل الجديد.

سبحان الله كان عندي أمل ورجاء في بعض أقاربي أنهم سيقفون بجانبنا، لا أنكر أن لهم فضلا علينا، لكن كنت أنتظر منهم أن يساندوننا أكثر، أوكلوا بعض الأمور لإخوتي وهم لا زالوا في مرحلة المراهقة ولا يستطيعون تحمل المسؤولية، كل همهم الخروج مع الأصدقاء، عانيت كثيرا وأصبحت دائمة التفكير في المستقبل وماذا سنفعل؟ وأصحبت خائفة أن نحتاج للمال ولا نجده، أي أني خفت من الفقر، أشعر أني بحاجة لشخص ينظم حياتنا، لأنها أصبحت فوضى وأمي لا تستطيع السيطرة على إخوتي.

كما أني أشتاق لوالدي جدا بغض النظر عن الأمور الأخرى، فالأب في حياة الفتاة كل شيء وبفقده تفقد كل شيء، لا أحد يقوم مقام الأب أبدا، لا أعرف كيف سأجتاز هذه المرحلة؟ أريد أن أتخلص من الخوف الذي تولد بداخلي منذ فقد والدي، الخوف من كل شيء في هذه الحياة، وجوده معنا كان يشعرني بالأمان والراحة، حتى قبل وفاته رحمه الله كنت أشعر بالقلق وعدم الراحة وشيء من الاكتئاب إذا غاب عنا بضعة أيام للعمل، مع أنه نادرا جدا أن يحدث ذلك.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ SAHAR حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يرحم والدك وأمواتنا وأموات المسلمين، ونشكر لك المشاعر النبيلة تجاه والدك، ونسأل الله أن يعينك على الاستمرار على بره بالدعاء، وما مات من ترك مثلك ممن تحمل هم الأسرة، ونذكرك بأن الرزاق حي لا يموت، ونسأل الله أن يصلح الأحوال ويحقق الآمال.

لا شك أن الأب له الأدوار الكبيرة، ولكن العظيم لا يضيع أحدا، والوالد توقف رزقه وبقيت أرزاقكم، والوهاب هو الله فتوكلي عليه سبحانه، وأحسني الظن بالله، واحمدوا الله الذي متعكم بوالدكم حتى تجاوزتم مراحل الطفولة، وهكذا الدنيا تمضي بأهلها ولكل أجل كتاب.

ونحن ننتظر منك الاقتراب من إخوانك وتوجيههم بلطف، ودفعهم لتحمل المسؤوليات، فإن تحملهم للمسؤوليات جزء من برامج النضج المفيدة لهم، وإذا شعر الشاب أن له دورا وأن البيت بحاجة إليه، ووجد الثقة والتشجيع فإنه ينضج ويستقر.

والإنسان عندما يتذكر أوضاع الآخرين تهون عليه مصائبه، ولذلك أمرنا رسولنا –صلى الله عليه وسلم- أن ننظر في كل أمور الدنيا إلى من هم أقل منا كي لا نزدري نعم الله علينا، وعند فقد الأعزاء علينا أن نتذكر مصاب الأمة بفقد خير الأنبياء، ورغم تقديرنا لمشاعرك وشكرنا لك وفاءك، إلا أننا ندعوك إلى تجاوز الموقف والانتقال لأدوار إيجابية، فيها الدعاء للوالد والاستغفار له، وفيها الاستقبال للحياة بأمل جديد وبثقة في ربنا الوهاب المجيد.

ووصيتنا لكم بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، والدعاء لأنفسكم وللوالد، واقتربي من الوالدة والإخوان، وكوني مصدر دعم لهم، ونكرر لك الشكر عن التواصل، ونفرح باستمرارك مع موقعك، وكلنا لكم في مقام الأب والأخ.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً