الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت مصابًا ببكتيريا المعدة، وصرت أخاف من نقل العدوى للناس

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

حضرة الأطباء الأفاضل: أنا كنت مصابًا ببكتيريا المعدة، وتعالجت منها والحمد لله، ولكنها في بعض الأحيان تعود، وكما قرأت أن نسبة كبيرة من العالم مصابون بها، منهم من قال: الثلث، ومنهم من قال: النصف، ومنهم من قال: إنها تصل إلى الثلثين.

ما هو معروف بهذه البكتيريا إنها ممكن أن لا تؤذي بتاتاً، ويمكن أن تؤذي وتؤدي إلى قرحة، ويقال أن سببها الرئيسي هو المياه الملوثة والفواكه الغير نظيفة، وأيضًا قرأت مقالات أن هذه البكتيريا تعيش في الفم، أي ممكن للعاب أن يحتوي عليها، ومن ثم الاتصال المباشر يقدر أن ينقل العدوى...، ولذلك أصابني وسواس تجاه هذا الموضوع من أن أنقل العدوى لأحد، وأخاف من أن لا يعالج أو ينقل العدوى للآخرين، ويكون بذمتي أشخاص وأشخاص قد مرضوا، ولذلك أغسل يدي في اليوم أكثر من ٣٠ مرة!، وإذا لمست يداي شفتي أو إذا لمست أشياء فأغسلها أيضًا؛ خشية أن أنقل العدوى للآخرين.

هنا بدأت ألفت نظر أهلي، ويتعجبون من تصرفاتي، وطلبوا مني الذهاب إلى مستشار نفسي، وذلك بسبب حزنهم عليَّ. وتجدر الإشارة أن الأطباء لا يحذرونا من أن نعدي الآخرين، ولا أعلم السبب. ربما لأنها تنتقل عبر الملوثات أكثر، أو لأن نسبة كثيرة من البشر تتواجد معهم هذه البكتيريا، وهنا -يا شيخي- هل أستمر في غسل يدي هكذا، وأنصرف، وأعطي هذا الموضوع حجمه؛ خوفًا من أن أسبب العدوى لأحد، أو أعود لحياتي الطبيعية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mouhamad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أنت بالفعل مُصابٌ بوساوس الخوف من العدوى أو انتشار العدوى، ووساوسك مسبَّبة، وهي قائمة على فكرة الخوف من الباكتيريا التي تُعرف باسم (هيليكوباكتر Helicobacter) وهي باكتيريا منتشرة جدًّا، تُصيب عددًا كبيرًا جدًّا من الناس، ويُعرف أن أضرارها بسيطة جدًّا وقليلة جدًّا.

أخِي الكريم: مفاهيمك ذات طابع وسواسي -مع احترامي الشديد لشخصك الكريم– أنت اتخذت تحوطات أكثر ممَّا يجب حتى لا تنقل العدوى، أو حتى لا تُصاب أنت، لكن هذا – أخي الكريم – ليس هو المنهج الصحيح، وما ذكر حول طرق انتقال هذه الباكتيريا قد لا يكون دقيقًا.

أخِي: تعرف أن الهواء مليء بالجراثيم، ومهما اتخذنا من تحوطاتٍ لا نستطيع أن نمنع هذه الجراثيم، لكنَّ الله حبانا بمقاومة داخلية ذاتية تُوقف هذه الجراثيم عند حدِّها، ويوجد جهاز مناعة يعمل دون هذه الجراثيم في أجسادنا، فتعامل مع الأمر على هذه الشاكلة، وكن وسطيًا –أخي الكريم– وأنت الآن أدخلت نفسك في حالة مرضية، إذا كان نصف سُكان العالم مُصابون بهذه الجرثومة فقطعًا إن كانت أضرارها شديدة لظهر ذلك على الناس، هي ليست بهذه الحِدَّة وليست بهذه الشِّدَّة، وأعتقد أن غسلك ليدك ثلاثين مرة في اليوم لن يمنعها.

فإذًا حقَّر الفكرة، ويجب أن تُلحَّ على نفسك وتُصِرُّ عليها إصرارًا شديدًا بأن لا تغسل يدك بهذه الطريقة وعلى هذا النمط المرضي، لا، أحْجِم عن ذلك تمامًا، ويمكنك أن تتحكَّم في نفسك بعد أن تُصحح مفاهيمك على الأسس التي ذكرتها لك، وحتى يسهل عليك الأمر –أخي الكريم– يمكنك أن تتناول أحد مضادات الوساوس، عقار (فلوكستين) نم الأدوية الممتازة جدًّا، ويُسمى تجاريًا (بروزاك) والجرعة المطلوبة هي عشرين مليجرامًا، تتناولها يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلها أربعين مليجرامًا –أي كبسولتين في اليوم– وهذه تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

وقطعًا –أخي الكريم– إذا ذهبت إلى طبيبٍ نفسي هذا سوف يُدعم ما ذكرته لك، ويُريحك تمامًا من هذا الذي أنت فيه.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً