الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقلق من أي شيء يخص التعليم، فما نصيحتكم؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

أبدأ بالحديث بقصتي من البداية، وهي: أنني كنت منذ سبع سنوات إنسانا متفوقا جدا في دراستي، وكنت في هذا الوقت في الصف الثالث الإعدادي، وكنت أبذل مجهودا كبيرا جدا في مذاكرتي؛ كي يكرمني الله وأكون من أوائل محافظتي، ودخلت الامتحانات، واجتهدت فيها، ولكن عندما ظهرت النتيجة لم تأت بالمرغوب، وفي التيرم الثاني كنت أريد أن أكمل على ما أنا عليه من مجهود، ولا أريد أن أستسلم، ولا يصيبني اليأس، ولكن كنت أشعر بالتوتر والقلق، وبدأ نومي يتأثر، وانتهى هذا التيرم وامتحنت، ودخلت المرحلة الثانوية، وعزمت فيها أن أبدأ صفحة جديدة، وأن أذاكر وأبذل مجهودا كبيرا؛ كي أتفوق على زملائي، ولكن كنت أشعر بالقلق والتوتر الذي أصبح يؤثر على مذاكرتي وعلى نومي، وكان قد سبّب لي ضعف تركيز ونسيانا.

عندما أتت الامتحانات كنت أعاني من قلق شديد يجعلني غير مركز أبدا، ونسيان مخيف، فحصلت على مجموع أقل بسبب هذا التوتر والقلق الذي كان يصيبني، ثم دخلت الصف الثاني الثانوي، وهذا العام هو شهادة، أي لابد من الحصول فيه على أعلى الدرجات، وبدأت بكل عزيمة وإصرار أن أذاكر، ولكن القلق والتوتر والنسيان وضعف التركيز كانوا يعوقونني، فقررت الذهاب إلى دكتور، والذي صرف لي بعض الأدوية المضادة للاكتئاب؛ كي تهدئني، وأكملت العام الدراسي، ودخلت الامتحانات، ولكني لم أحصل على الدرجات التي أستحقها من بذلي للمجهود طول فترة تعليمي، فهناك من الطلاب الذين هم أقل مني، وقد حققوا درجات أعلى مني.

دخلت الصف الثالث الثانوي، وقد عانيت من قلق واكتئاب أشد، وذهبت للدكتور العديد من المرات، والذي صرف لي المهدئات، وكان عندي إصرار أن أكمل هذه السنة، وبالفعل دخلت الامتحانات، والتحقت بكلية متخصصة في البرمجة، وعانيت في الكلية من قلق وتوتر واكتئاب، ولكن استطعت أن أجتاز الكلية بمساعدة الأدوية مثل (اللبرالكس) و(اللوسترال) وغيرها كثير لمدة أربع سنين، لأنني لم أكن أستطيع أن أتحمل الكلية وضغوطها، والقلق والتوتر، وكذلك ثقتي بنفسي التي ضعفت كثيرا، وأصبحت أنظر لنفسي نظرة دونية وانطوائية، وخجل، ورهاب عند التعامل مع الناس.

تخرجت وأنا الآن ما زلت أحتاج للمذاكرة؛ لكي أستطيع العمل، ولكن ما زلت أعاني من قلق وتوتر، وعسر مزاج عند المذاكرة، وأعاني من ضعف ثقتي بنفسي وبعض الرهاب الاجتماعي، وأصبحت أقلق من أي شيء يخص التعليم، وتتعب نفسيتي بشدة لا أستطيع أن أتحمل أي شيء.

كما سبب القلق لي بعض المشاكل العضوية من تعب، وآلام، وخمول في الجسم.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أخي الكريم:
أولاً: الحمد لله أنك تخرجت ودرست التخصص الذي رغبته، فالكثير من الشباب يتمنى الوضع الذي أنت فيه، والحمد لله على حرصك على النجاح، والحمد لله على طموحك العالي ورغبتك الجادة في تحصيل العلم النافع.

وبداية نقول لك: لا بد من إعادة الثقة في نفسك بأنك قادر على المذاكرة والنجاح والتفوق، وأن قدراتك العقلية تؤهلك لذلك، واعلم أن الذي يتوقع النجاح ويعمل له؛ فإنه سينجح -إن شاء الله-، وبما أنك تملك المقومات الأساسية للنجاح فتحتاج فقط لتنظيم الوقت، وزيادة الدافعية للمذاكرة.

وأما موضوع القلق والخوف من عدم النجاح، فنقول لك: القلق المحمود هو الذي يعمل كمحفز ودافع للإنجاز والأداء الجيد، أما القلق غير المحمود هو الفائق عن الحدود، والذي يعمل كمثبط للأداء الجيد، لذلك حاول ضبط درجة القلق في الحدود المعقولة بعدم تهويل الأمور وإعطائها حجماً أكبر من حجمها، وتذكر دائماً أن التوفيق بيد الله، وعليك أن تعمل بالأسباب، وترضى بالنتائج ما دمت أنك تقوم بواجبك حق قيام.

فالحياة تجارب وخبرات، فمن استفاد من تجاربه وخبراته الماضية؛ تقل أخطاؤه، وتتحسن تصرفاته، فنريدك أن تعتبر ما مضى صفحة قد انطوت بخيرها وشرها، ولا تندم على ما فات، بل ما زالت الفرص أمامك لمزيد من النجاحات، ولتكن نجاحات وخطط الآخرين دافعا بالنسبة لك، لا مثبطة ومحطمة، فأنت ما زلت في مقتبل العمر، ويرجى منك الكثير؛ فلا تيأس وتقنط في بداية المشوار، بل واصل المسيرة، واسع وخطط للمستقبل بخطى ثابتة وبروح متفائلة، وثق في الله فهو الموفق.

إليك بعض الإرشادات ربما تفيدك في التخلص من مشكلة الرهاب الاجتماعي:
1- عزز وقو العلاقة مع المولى -عزَ وجلَ- بكثرة الطاعات، وتجنب المنكرات. فإن أحبك الله؛ جعل لك القبول بين الناس.

2- عدد إيجابياتك، ولا تحقر ما تملكه من نعم وقدرات وإمكانيات، بل اعتز بها، واحمد الله عليها، ولا تنظر لمن هم أعلى منك في أمور الدنيا، بل انظر للأقل منك، واعلم أن الناس الذين تتحدث معهم لهم عيوب ولهم أخطاء أيضاً.

3- استخدم روح الفكاهة في بداية الحديث مع الآخرين، وركز على محتوى الحديث أكثر من تركيزك على الأشخاص، وصفاتهم، ومناصبهم، ومكانتهم الاجتماعية.

4- لا تضخم فكرة الخطأ وتعطيها حجما أكبر من حجمها؛ فالحذر الشديد من الوقوع في الخطأ قد يساعد في وقوعه.

5- زوّد حصيلتك اللغوية بالقراءة والاطلاع والاستماع لحديث العلماء والمفكرين.

6- تدرب على إدارة حلقات نقاش مصغرة مع من تألفهم من الأقارب والأصدقاء.

7- شارك في الأعمال التطوعية التي تجمعك بالناس، وإذا أتيحت لك فرصة للحديث عن نفسك؛ اغتنمها ولا تتردد.

8- قم بالتعليق على ما يذكره الآخرون من قصص، وحكايات، وأخبار بمزيد من الاستفسارات أو الأسئلة، وطلب التوضيح.

9- نوصيك بممارسة تمارين الاسترخاء العضلي، وتجد تفاصيلها في الاستشارة رقم: (2136015) لخفض القلق والتوتر.

وفقك الله تعالى وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً