الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أثق بزوجي أو أصدقه بسبب تعامله مع البنات!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة منذ 3 سنوات ولدي طفلة، في بداية زواجنا كان زوجي يعاملني معاملة حسنة، وكانت مشكلاتنا تقتصر على الأهل فقط، ولكنه منذ سنة تقريباً بدأ يتغير في تعامله معي، وأصبح يخرج مع أصدقائه كثيراً، ويقصر علي مادياً، وزادت بيننا المشاكل، وبدأ يختلط مع البنات في العمل، ويتكلم معهن خارج حدود العمل، وقد نبهته عن ذلك الأمر أكثر من مرة، وكان يؤكد لي أنها مكالمات في حدود العمل فقط، ولكنني أكتشف العكس، ويتعمد مسح الرسائل بينه وبين البنات، ولا يستمع لما أقوله له، ويفعل ما يريده.

اكتشفت أنه على علاقة بواحده منهن، ويتكلم معها كلام حب، ويتواصل معها ومع أهلها، وعندما واجهته بذلك أنكر، وقال لي: أنتِ مخطئة، وطبيعة عمله تتطلب أن يتعامل مع البنات بهذه الطريقة، فزعلت منه فترة طويلة، ووعدني بالتغيير، ولكنه لم يتغير وكان يحلف لي كذباً، ولا يصلي.

لقد تعبت من هذا الوضع، فلم أعد أصدقه أو أثق به، وما زلت أصلي وأدعو الله، وأحاول الكلام معه دون جدوى، فماذا أفعل؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورهان حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأقول رداً على استشارتك:

1- التفكير في الزواج بعاطفة مجردة يجعل الفتاة لا تنظر في الصفات الواجب توفرها في شريك حياتها، فتكون النتيجة الحتمية كثرة المشاكل والخلافات بينهما، والواجب التفكير بعقل مرتبط بالشرع، لأن الحياة الزوجية مبنية على الاستدامة وليست مؤقتة، ولذلك أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الصفات المطلوب توفرها في الزوج فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق هما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة والآمنة والمستقرة، وهما صفتان متلازمتان لا تغني إحداهما عن الأخرى.

2- لا يخلو بيت من المشاكل، لكنها تختلف شدتها وحدتها من بيت لآخر؛ بسبب ثقافة الزوجين وحسن إدارتهما للخلاف.

3- الوقوع في المعاصي والمخالفات الشرعية سببه ضعف الإيمان ومراقبة الله تعالى، فزوجك -كما ذكرت عنه- أنه لا يصلي، وتعلمين أن الصلاة عمود الدين، لذلك يجب عليك أن تعالجي أسباب وقوع زوجك في هذه المخالفة وذلك من خلال:

أ- تضرعي إلى الله بالدعاء وأنت ساجدة وفي أوقات الإجابة أن يصلح الله زوجك، وأن يهديه لإقامة الصلاة، وييسر له سبل الخير، وألحي على الله بالدعاء وهو القادر على هدايته، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء.

ب- تواصلي مع محارمك المحافظين على الصلاة، واطلبي منهم زيارتكم في البيت كي ينصحوا زوجك، بحيث لا يشعروه أنك من طلب منهم ذلك، وحبذا لو كانت زيارتهم ما بين العصر والمغرب، أو ما بين المغرب والعشاء بحيث يأتي موعد الصلاة وهم في البيت، فيلحون عليه أن يذهب معهم لأداء الصلاة.

ت- رغبيه في أداء الصلاة في الوقت الذي ترين أنه مناسب، وبطريقة حسنة وعبارات مشعرة بالحب والحنان، وفيها اللين والرفق، (فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).

ث- تواصلي مع زميلاتك ممن لهن أزواج صالحون، واطلبي منهن زيارتكم في البيت مع أزواجهن، وربط علاقة مع زوجك وبطريقة لا تشعر زوجك أنك كنت وراء ذلك، ومن ثم تتبادلون الزيارات، فالصاحب ساحب، والقرين بالمقارن يقتدي، وفي الحديث الصحيح: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).

ج- المرأة الذكية هي التي تحسن استخدام ما وهبها الله من الصفات الأنثوية في التأثير على زوجها، من خلال العبارات الساحرة والرسائل العاطفية، والتجمل وحسن تدبير البيت، والاهتمام بمظهرها ومظهر زوجها، وحسن استقباله وتوديعه، ويمكنها أن تمتنع من معاشرته إن رأت أن نتيجة ذلك ستكون إيجابية وليست سلبية.

4- خوفيه بالله تعالى من مغبة فعله مع تلك الفتيات، وذكريه بأن الجزاء من جنس العمل، فهل يرغب أن يكتشف أن أخته أو ابنته على نفس تلك العلاقة؟!

5- بيني له حرصك الشديد على سمعته والتي هي رأس ماله، وأنك تخافين أن ينتشر بين الناس ما يقيمه من علاقات مع تلك الفتيات.

6- حاولي معه أن يغير عمله إلى مكان آخر يقل فيه تواجد النساء أو ينعدم؛ فلعل ذلك يكون من أسباب العلاج -بإذن الله-.

7- ما يحصل من زوجك حالة مرضية يمكن علاجها فلا تفقدي الثقة بزوجك، وأعطيه الفرصة تلو الأخرى، واقتربي منه أكثر من ذي قبل، وامدحيه في حال أحسست بشيء من التحسن، فإذا كان ربنا الرؤوف الرحيم قد منح لعباده الفرصة تلو الأخرى ليتوبوا إليه، أفلا نكون نحن كذلك؟!

8- لنا أسوة حسنة في نبينا -عليه الصلاة والسلام- في كيفية التعامل مع العاصي، فلقد كان رؤوفا رحيما بهم لم يؤثر عنه أنه شتم أو عنف، بل كان أحيانا يشيد بصفاته الحسنة، فقد جيء برجل شارب خمر وكان كثيرا ما يؤتى به ليجلد، فقال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تعينوا الشيطان على أخيكم، لا تلعنوه فو الله إنه يحب الله ورسوله)، ولا شك أن شرب الخمر أكبر مما يفعله زوجك.

أسأل الله أن يصلح زوجك ويهديه سبل السلام، آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً