الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي مصابة بعدة أمراض ولم نعلم هل هي أمراض نفسية أم عضوية؟

السؤال

السلام عليكم.

أمي تظهر عليها أعراض ولم نعرف تشخيصها، هل هي مصابة بمس، أو سحر، أو أنه مرض نفسي؟ وهل هذا المرض هو الذهان؟ فأمي منطوية على نفسها منذ 4 سنوات تقريبا، ولا تخرج من غرفتها إلا للضرورة، وكانت مهملة في نظافتها الشخصية وبشكل ملحوظ، ولا تأكل إلا وجبة واحدة في اليوم، وهي التي تطبخها، ولا تجلس معنا إذا اجتمعنا، وفي الغالب تكون شاردة الذهن، وتكره أبي وتطلب منه الطلاق.

تصدر أمي أصواتا غريبة خارجة عن إرادتها تحاول السيطرة عليها، ولا تستطع التحكم في عضلات وجهها، أي عندما تأتيها الحالة تحرك فكها وتمسكه بيدها، وتتثاءب بصوت عال، وترفع رأسها للخلف عندما تتثاءب، وتستلقي وتكون متعبة جدا، مع شحوب في الوجه، واسوداد حول العينين.

وأيضا تعاني من الإمساك المزمن، وتسمع صوتا في أذنها أي طنين، ورغبة في التقيؤ ولكنها لا تستطيع، وتشعر بأرق، وعندما تريد أن تنام تظل فترة تخرج منها أصوات، فهذه الحالة تأتيها على فترات متفاوتة في اليوم، ولكي تمنع ظهورها تتحدث معنا، ولكن عندما تنام تخرج هذه الأصوات، وذات مرة لاحظت هذه الحالة عليها عند النوم وعندما استيقظت من منامها رأيتها تنظر إلى زاوية في الأعلى، هذه الأصوات كنا نسمعها يوميا قبل أشهر، فأما الآن نسمعها بشكل متكرر حتى تعودنا عليها.

ذهبنا بها إلى شيخ وقرأ عليها، فلم تكن هناك أية ردة فعل من أمي، فأعطانا ماء مقروءً عليه وزيتاً، وفي اليوم ذاته ذهب أخي وأمي إلى الدكتور النفسي وشخص حالة أمي بالذهان، وصرف لها الحبوب، ولما عدنا إلى البيت أخذنا من الماء ووضعنا عليه الملح وقمنا برشه في زاوية الغرفة وعلى الأثاث، ثم تناولت أمي الحبوب، وشربت من الماء، ودهنت نفسها بالزيت، ونامت ولم نسمع إلا أصواتا قليلة.

في اليوم الثاني صارت متعبة جدا على غير عادتها، ربما من الحبوب، ولكنها خرجت من غرفتها التي قمنا برش الماء فيها إلى الغرفة الثانية، ولم تعد إلى غرفتها، واستمرت أمي تستخدم الماء والزيت والحبوب ولكن لم نر أي تحسن.

أمي توقفت عن تناول الحبوب لأنها ترهقها، أتمنى أن تفيدوني، فهل أمي مصابة بالمس أم السحر أم هي مريضة نفسيا لأننا نريد علاجها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف السوء عن أمك، وأن يعافيها، وأن يردَّ عنها كيد الكائدين وحقد الحاقدين واعتداء المعتدين وظلم الظالمين، وأن يردَّ إليها رُشدها وصوابها وصحتها وعافيتها، وأن يجعلكم جميعًا من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جوادٌ كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فالذي أراه أن أُمَّك في حاجة إلى رقية شرعية مكثفة ومتكررة، وكونكم ذهبتُم إلى راقٍ ولم تتحسَّن الحالة ليس معناه أن الأمر قد انتهى، فإننا في الأمراض العضوية نذهب لأكثر من طبيبٍ، قد نذهب إلى طبيب وقد يكون مشهورًا ولكن لا نُوفَّق للعلاج، فنذهب إلى غيره، وإلى ثانٍ، وثالثٍ، ورابعٍ، حتى يأتي الله بالشفاء.

ولذلك أنا أنصح بالنسبة لوالدتك أن تبدؤوا بداية بالرقية الشرعية، إذا كان هذا الأخ لم يستطع أن يعرف أو يُعالج ما لديها من ألم فلعلَّ الله لم يشأ أن يجعل الشفاء يده، وإنما أراد أن يكون الشفاء على يدِ غيره، ومن هنا فإني أقول - بارك الله فيك -: أتمنى أن تذهبوا بها لأكثر من راقٍ حتى يطمئن قلبكم إلى معرفة حقيقة ما تعاني منه على وجه الدقة، وهذا الأمر -بإذن الله تعالى- سيكون سهلاً ميسورًا إذا تمَّ عرضها على أكثر من راقٍ، لأن بذلك سيوفَّق الله أحدهم للشفاء، وبإذن الله تعالى سيكون ذلك مُيسَّرًا بإذنه جل وعلا.

إذا قدَّر الله ولم تستفد من الرقية الشرعية بعد أن ذهبتم بها إلى أكثر من راقٍ، فمعنى ذلك أن الأمر قد يكون أمرًا نفسيًا، وفي تلك الحال عليكم بمراجعة الأخصائي النفساني، ولكن أنا بدأتُ بالرقية الشرعية، لأن الرقية الشرعية هي مجموعة آياتٍ من كلام الله تعالى ومجموعة أحاديث من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي قطعًا إذا لم تنفع فيقينًا لن تضر مطلقًا، أما الرأي النفساني فقطعًا تتعاطى حبوبًا أو أدوية أخرى، وقد تتأثر بها، لأنه ما من دواء مركب إلَّا وله أعراض جانبية قد تكون أحيانًا عالية وقد تكون خفيفة.

لذلك أنا أقول بداية بالرقية الشرعية، ثانيًا: إذا لم يتيسر لها الشفاء بعد فترة من الزمن كافية أو مُقنعة من الممكن أن تذهب إلى الأخصائي النفساني، وأنا أنصح خلال هذه الفترة أن تُعينوها على أن تُصلي الصلوات في أوقاتها - إذا كان ذلك ممكنًا - وأن تجتهدوا معها في أذكار الصباح والمساء، لأن هذه في غاية الأهمية، كما أنصح - بارك الله فيك يا بُنيتي - بأن تكون على طهارة معظم الوقت، وإذا ما أرادت أن تنام إذا كان من الممكن أن تنصحوها أن تتوضأ، وأن تنام على طهارة، فذلك أفضل، وإن استطاعت أن تقرأ أذكار النوم قبل أن تنام وأن تظل في ذكر الله تعالى حتى تغيب عن الوعي يكون ذلك رائعًا.

هذه كلها أمور من الممكن أن تدفع بصورة أو بأخرى للعلاج والشفاء -بإذن الله تعالى- .

فيما يتعلق بأمرٍ آخر أيضًا تابعًا لهذا البرنامج، وهو: أنها تستمع إلى الرقية الشرعية للشيخ محمد جبريل - هذا المقرئ المصري - وهي موجودة في الإنترنت، تستطيعون - بارك الله فيك - أن تقوموا بتشغيلها على مدار الساعة، خاصة الرقية الطويلة التي تصل أحيانًا إلى تسع ساعات ونصف، فأنا أرى أن هذه الرقية ستكون مفيدة ونافعة لها -بإذن الله تعالى- تستمع إليها حتى وإن لم تكن مركِّزة بنسبة مائة بالمائة، يكفي أن هذه الرقية ستطهر البيت تمامًا من أي اعتداء جني جديد، بل وستساعد -بإذن الله تعالى- في القضاء على أي جني كان موجودًا في داخل البيت يُسبب إزعاجًا لأمك أو لأي أحد من أفراد الأسرة.

إذًا عليكم بالاستماع إلى الرقية الشرعية، واجعلوها تعمل على مدار الساعة، ولا تُغلقوا الجهاز ما دام الأمر في حاجة إلى ذلك.

أيضًا اجتهدوا لها في الدعاء أن يشفيها الله وأن يعافيها، واحرصوا على ذلك، ومن الممكن أن تتصدقوا بصدقةٍ أيضًا، أو أي عملٍ من أعمال البر، حتى ييسِّر الله تبارك وتعالى الأمر، ويتم شفاؤها شفاءً كاملاً، وأسأل الله أن يكون ذلك عاجلاً.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً