الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق والاكتئاب والوساوس القهرية جعلتني أفعل ما لا أريد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لا أعلم من أين أبدأ، ولكن قبل كل شيء لابد من شكر القائمين على هذا الموقع، وبالأخص الدكتور محمد عبد العليم، الذي أحبه في الله كثيرا، نظرا لخدمته المسلمين من كل مكان، وهذا بالطبع شيء لا يقدر بثمن، أسأل الله أن يكافئه بجنات عرضها السموات والأرض.

بدأت معاناتي منذ فترة طويلة جدا، ربما كانت منذ الطفولة، أو بعد الولادة مباشرة، أو بعد حادثة أصابتني وأنا صغير، واحد منهما هو السبب، خصوصا الوراثة.

معاناتي تتلخص في قلق واكتئاب ووساوس قهرية تجعلني أفعل ما لا أريد، وشرود ذهني ونسيان، وعدم القدرة على التركيز، وخوف ورهاب اجتماعي وحزن يراه الناس دائما على وجهي، وضيق في الصدر، وعدم القدرة على استخدام عقلي.

هذه المعاناة بدأت في تدميري؛ فشلت كثيرا في الدراسة بعد أن كنت من المتفوقين قبل ذلك، حيث كنت أدرس في بلدي وكنت مسيطرا جزئيا على الاكتئاب، ولكن عندما ذهبت للدراسة في بلد آخر؛ استحوذ علي وأنهكني حتى أفشلني.

تناولت الـ (بروزاك) حبة واحدة لمدة أسبوعين، ثم رفعتها لحبتين لمدة شهر، وكان رائعا ونتائجه إيجابية. بعدها رفعت الجرعة إلى 3 حبات، فرجعت لي جميع الأعراض.

ماذا أفعل يا دكتور؟ علما بأني داخل على امتحانات وأريد حلا سريعا لأثبتَ نفسي من جديد.

وجزاك الله خيرا يا دكتور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك –أخِي الكريم– على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع، وفي حق الدكتور محمد عبد العليم، ودعائك له، ولك بمثل ما دعوتَ له، فإن عند دعائك لأحد يقول لك الملَك: (ولك مثل ما دعوت).

لقد ذكرتَ أن معاناتك كانت منذ فترة طويلة، منذ الصغر، وأنها أثرت عليك كثيرًا من رهاب اجتماعي وقلق وتوتر –وهكذا–، وهذا يعني أنها تركت بصماتٍ في شخصيتك، والحمدُ لله استطعت في بلدك التغلب عليها بصورةٍ ما، واستطعتَ أن تتفوَّق في دراستك.

طبعًا الذهاب إلى بلدٍ آخر يكون دائمًا نوعًا من أنواع الضغوط النفسية، حتى عند الذين لا يُعانون من أي مشاكل نفسية، الهجرة إلى بلدٍ آخر غير البلد الذي تربَّوْا فيه وعاشوا فيه قد يُسبب لهم اضطرابات ومشاكل نفسية، فما بالك بالذين هم مثلك، الذين أصلاً يُعانون!

وماذا يعني هذا؟ يعني أنك قد تحتاج –يا بني– إلى علاج نفسي دعمي لمساعدتك في التخلص من هذه التراكمات التي ظلَّتْ في شخصيتك منذ فترة طويلة. لو استطعتَ أن تقابل معالجًا نفسيًا من خلال بعض الجلسات النفسية الدعمية -إن شاء الله تعالى- سوف يُساعدك هذا كثيرًا، وإلا فعليك ببعض الأشياء التي تؤدِّي إلى الاسترخاء النفسي، مثل: الرياضة الخفيفة، رياضة المشي خاصة، وُجدت أنها تساعد في الاسترخاء النفسي، الصلاة، الانتظام في الصلاة، الذكر وقراءة القرآن، تؤدِّي إلى الطمأنينة وراحة البال إنْ شاء الله.

أما بخصوص الـ (بروزاك Prozac): هو علاج فعّال للاكتئاب النفسي، وعادةً حبَّة واحدة كافية، 20 مليجراما، لغالبية المرضى كافية لزوال معظم الأعراض، ويجب أن نُعطيها الوقت الكافي، عادةً لا نزيد عن حبة إلَّا بعد مرور شهرين كاملين على هذه الجرعة، إذا حصل تحسُّنًا كافيًا نطلب من الشخص الاستمرار في هذه الجرعة، وعادةً حتى إذا زدنا الجرعة لا نزيد أكثر من حبتين.

أنا طِيلة ممارستي للطب النفسي -التي امتدَّتْ إلى 3 قُرون أو أكثر– لم أُعط 3 حباتٍ إلَّا نادرًا، معظم المرضى أُعطيهم حبة، وقليلاً منهم أعطيهم حبتين.

أنا لا أدري لماذا زدتَّ الدواء إلى 3 حبات؟ لأنه أحيانًا 3 حبات تزيد من الأعراض الجانبية للبروزاك، والبروزاك قد يؤدِّي إلى توتُّرٍ أحيانًا وقلق وضيقٍ، وهذه من الأعراض الجانبية.

لذا أنصحك –مع العلاج النفسي الذي ذكرتُه– بالرجوع إلى جرعة حبتين يوميًا، ويجب أن تتناول الحبتين منفصلتين، حبتين في النهار، أو معًا، بعد الأكل في النهار، ولا تتناوله ليلاً، وإن شاء الله تعالى بهذه الطريقة ترجع الحالة الطبيعية كما كانت، ويرجع التحسُّن وتتفوق في دراستك.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً