الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تنال محبة الناس دون التنازل عن شيء من الدين؟

السؤال

السلام عليكم

كيف تجعل كل الناس يحبونك بدون التنازل عن شيء من الدين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود أبو سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يرزقك محبته ومحبة الصالحين من عباده، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنك تعلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وهذا ما أخبرنا به الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كذلك ما أخبرنا به من قوله: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول فيما يتعلق بحب عائشة – رضي الله تعالى عنها – على غيرها من النساء: (اللهم إنَّ هذا قسْمي فيما أملك وما تملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)؛ لأن قلوب العباد كما تعلم بيد الله تبارك وتعالى وحده، وإذا أردنا أن نصل إلى قلوب العباد لا بد أن نلجأ إلى رب العباد، ما دامتْ قلوب العباد بيده فهو الذي يستطيع أن يملأها محبة لمن شاء من عباده أو بُغضًا لمن أراد من خلقه.

ولذلك الباب الرئيسي إلى قلوب الخلق إنما هو باب الخالق جل جلاله، فإذا اجتهدتَّ في طاعة الله تبارك وتعالى وأدَّيتَ حق الله تعالى أحبَّك، وإذا أحبَّك الله تعالى وضع لك القبول في الأرض، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إذا أحب الله عبدًا نادى: يا جبريل إنِّي أحب عبدي فلانًا فأحبَّه، فيُحبه جبريل، ثم يُنادي جبريل في الملأ الأعلى: ألا إنَّ ربكم يُحبُّ عبده فلانًا فأحبُّوه، فيُحبُّه أهل السموات، ثم يُوضع له القبول في الأرض).

إذًا أردتَّ أن يُحبك الناس دون التنازل عن شيءٍ من دينك عليك بطاعة الله تبارك وتعالى والاستقامة على شرعه، فإذا أحبَّك حبَّب فيك جميع خلقه، من الملأ الأعلى ومن الملأ الأدنى، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا} أي حُبًّا وودًّا منه ومن خلقه.

أيضًا قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه)، فعندما تؤدِّي الفروض المفروضة وتجتهد في النوافل المسنونة، فاعلم أن الله تبارك وتعالى سوف يُحبُّك.

وأيضًا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ازهد في الدنيا يُحبُّك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يُحبك الناس).

وعليك أيضًا - بارك الله فيك – أن تعلم أن الدنيا ساعة، وأن خير العباد من جعلها طاعة.

فهذه العوامل من العوامل التي تؤدِّي إلى كسب محبة الناس، وهناك عامل آخر وهو حُسن التعامل مع الخلق، فإن الناس يُحبون من يُحسن إليهم، ولذلك كما قال الشاعر: (أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم)، فمعاملة الناس بالمعروف كما قال الله تعالى: {وقولوا للناس حُسنًا} وقال: {وجادلهم بالتي هي أحسن}، وقال: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}، وقال: {خُذِ العفو وأْمُرْ بالعرف وأعرضْ عن الجاهلين}، معاملة الناس بشرع الله تبارك وتعالى ستؤدي إلى كسب محبة الناس أيضًا.

إذًا الطريق إلى كسب محبة الناس إنما هو من قبل الله تبارك وتعالى بطاعته ورضاه والاستقامة على شرعه كما ذكرتُ لك، وكذلك معاملة الناس بالمعروف والإحسان، فإن الناس يُحبُّون من يُحسنُ إليهم، ويُحبُّون من يتواضع لهم، ويُحبون من يُراعي شعورك ويُقدِّرها.

نسأل الله تبارك وتعالى يوفقنا وإياك لطاعته ورضاه، وأن يجعلنا وإياك ممَّن يُحبهم ويُحبونه، وأن نكون ممَّن سيجعل لهم الرحمن ودًّا، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً