الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس النظافة والطهارة أتعبتني كثيرا.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الوساوس منذ الصغر، كنت أخاف من الموت، ومن فكرة أنه لا يوجد نهاية للآخرة، وأخاف على أهلي من الموت، وأعاني من وساوس النظافة، فأغسل يدي كثيرا لظني بأنها غير نظيفة، ولا أجلس مكان أي زائر يأتينا في المنزل لاعتقادي بأن ملابسه غير نظيفة، ودائما أشعر بأنني على غير طهارة، وأشك أن قطرات البول تنزل من ملابسي، فأضطر إلى تبديلها بالكامل، وتبديل الفراش، وكل مكان جلست به كالكنب أو السرير.

منذ صغري وأنا أعاني من التبول اللاإرادي إلى اليوم، أكملت 25 عاما وما زلت في بعض الأحيان أتبول أثناء النوم حينما أحلم بأنني في دورة المياه للتبول، وحينما أصحو أجد ملابسي جافة، وأشك بأنني تبولت، فأقوم بتغيير ملابسي، وأغطية السرير، وهذا الأمر يسبب لي الكثير من المشاكل مع والدتي.

علما أن والدتي تعاني من وسواس النظافة، ولي أقارب كثر لديهم المشكلة نفسها، وعندما أدخل إلى دورة المياه ويرتد الماء أثناء التبول من المرحاض علي، أشك بأن الاستنجاء لا يغسل جميع الأماكن التي جاء إليها الماء، فأشعر بالرغبة في الاستحمام.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dilara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح أن مشكلتك الأساسية هي الوسواس القهري، وإن كان بدأ بمخاوف وسواسية عن الموت وخوفك على الأهل، ولكنه الآن استقرَّ في صورة مخاوف وسواسية من النظافة بمختلف طرقها ووسائلها، الآن خوفك الرئيسي هو من النظافة أو وسواس النظافة، خوفك من القذارات والنجاسات وعدم الطهارة، ولذلك قمت بتكرار الغُسل أو الجلوس في الحمام للاغتسال لفترة طويلة.

ولكنك ذكرت كجملة اعتراضية؛ أنك تُعاني من التبوّل اللاإرادي منذ الصغر، وإن كان ليس هناك سببًا مباشرًا، أو ليست هناك علاقة مباشرة من التبول اللاإرادي ووسواس النظافة، ولكنه قد يعوق العلاج، لذلك أرى أن يتم العلاج من التبول اللاإرادي أولاً، وعلاج التبول اللاإرادي له طريقتان:

إمَّا بالأدوية: العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (تفرانيل Tofranil)، ويعرف علميًا باسم (امبرمين Imipramine)، خمسة وعشرين مليجرامًا، حبة ليلاً لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك تُرفع الجرعة إلى حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر متواصلة، هذا هو العلاج الدوائي لسلس البول أو التبول اللاإرادي ليلاً.

وإمَّا أن يتم العلاج بجهاز السلس البولي، وهو جهاز يعمل ببطارية كهربائية، ويُباع عادة في الصيدليات، فإذا تمكنتِ من الحصول عليه فهو مفيد -إن شاءَ الله-، وطريقة تشغيله وعمله تكون مرفقة مع النشرة والشرح المرفق بالجهاز، هذه طريقتان لعلاج التبول اللاإرادي، وأرى أن تبدئي بهما لمساعدتك في علاج الوسواس القهري.

علاج الوسواس القهري نوعان: علاج دوائي وعلاج نفسي:
العلاج النفسي: هو علاج سلوكي معرفي (Cognitive Behavior Therapy) ويختصر في (CBT)، ويتمثل العلاج السلوكي المعرفي بما يعرف بمنع الاستجابة: يجب ألا تستجيبي للوسواس، وألا تُعيدي الوضوء، أو تجلسي في الحمام لفترة طويلة، أو تُعيدي النظافة، مهما شعرت بالضيق، لا تستجيبي لهذا الوسواس؛ لأن الاستجابة للوسواس يُساعد في استمرارها، عدم الاستجابة –أي نعم– يُسبب قلقًا لفترة من الوقت وضيقًا، ولكن بتعلم الاسترخاء النفسي يمكن أن تتغلبي على هذا الضيق، وبالتالي يمكنكِ التغلب على الوسواس القهري، ولا تستجيبي له.

وهناك أيضًا أدوية تُساعد في علاج الوسواس القهري الاضطراري، ولعل من أشهر الأدوية في هذا المجال ما يعرف تجاريًا باسم (فافرين Faverin)، ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) خمسين مليجرامًا، نصف حبة أي خمسة وعشرين مليجرامًا، ويتم تناوله بعد الأكل وقبل النوم لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وغالبًا الفافرين يأتي مفعوله بعد شهرٍ ونصف إلى شهرين، والجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي هو الأفضل، وبعد ذلك يمكنك الاستمرار في تناول الدواء لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، وبعدها يمكن التوقف عنه بالتدريج، ربع حبة كل أسبوع حتى يتوقف تمامًا.

الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي هو أفضل من وجود أحدهما دون الآخر.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً