الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاوف ووساوس أعاني منها... فكيف الخلاص؟

السؤال

السلام عليكم

منذ حوالي سنة تعرضت لمشاجرة مع أحد الناس عبر الفيس بوك، وصرت أخاف من أن يأتيني ونتشاجر سويًا، بالرغم من ضعفه، وكلما أذهب إلى المدرسة وغيرها أخاف من ذلك، وكنت مضغوطا جدا بالدراسة.

ومرة التقيت بصديقه الذي أيضاً تشاجرت معه، فلما رأيته أحسست بأن قلبي توقف (هذا الضعف في قلبي منذ أن كنت صغيرا) تحدثنا وحلت المشكلة وارتحت كثيرا من ذلك، ولكن في اليوم التالي أصبحت أفكر بأمور جديدة، مثل أن أفكر في شعر رأسي، بالرغم من عدم وجود مشاكل، وأفكر في أنني أرى أنفي، والعديد من الوساوس التي لم أستطع ردعها، حتى أنني لا أستطيع أن أشعر بالسعادة، فبمجرد إحساسي بالسعادة ولو كان بسيطا أتذكر كل الوساوس، وأفكر بالموت وخوفي منه.

مع أني كنت قبل ذلك رياضيا جيدا، تصل ساعات التدريب في يومي إلى 6 وأنا أعلم بأن هذه الأفكار تافهة جدا، ولكن بعد فترة ذهبت إلى طبيب وقال بأني مصاب بالاكتئاب، فأعطاني دواء اسمه زولوسير، مادته السيرترالين 25ملغ.

وبعد فترة من الزمن أصبت بالدم في المني، زرت الأطباء ولم يستطيعوا حل مشكلتي، ولكن أحدهم قال لي بأن هذا عامل نفسي، أخذت عدة أدوية من أجل الدم، وأصبت بتداخل دوائي مع حالتي النفسية، فأصبح الوسواس يأتيني في أمور لا أستطيع حلها، ولم أستطع السيطرة عليها، فلقد ضاق صدري أيضا بسبب المشاكل في بلدي سوريا.

الفكرة الأولى: أشعر بأني غير موجود في الحياة.

الفكرة الثانية: أن الناس الآخرين لا يشعرون مثلما أنا أشعر، وإذا اقتنعت أكتئب بأني لا أريد أن أكون مثل أحد أكرهه.

الفكرة الثالثة: أصبحت أتساءل كيف أستطيع تحريك جسدي والنطق وغيره بدون جهد.

الفكرة الرابعة: أتساءل كيف خُلق الكون؟ ولماذا خلق بهذا الشكل وهذا النظام الكوني؟

الفكرة الخامسة: الخوف من الغدر والشك في بعض الناس.
الفكرة السادسة: أخاف من إصابة أو مرض أو أن أصبح عجوزاً.

مع أنني -الحمد لله- أصلي وأقرأ القرآن.

وفي بعض الأحيان أشعر بشهوة جنسية نحو الذكور، فأشعر بأنني شاذ -والعياذ بالله- مع أنني أخاف الله، ولا أريد هذه الأمور، فأصاب بالاكتئاب، فما هو الحل الذي سيخلصني من الوساوس؛ لأني لم أعد أتحمل إطلاقا؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ezio حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي الكريم: أنا اطلعتُ على رسالتك، ولا أراك مريضًا، لديك بعض الظواهر، لديك بعض الهشاشات النفسية، هناك شيء من القلق، هناك شيء من عدم الثقة بالنفس، هناك شيء من المخاوف، وكذلك الوساوس، كل التساؤلات التي طرحتها معظمها مبنية على فكرٍ وسواسي قلقي.

أيها الفاضل الكريم: هذا كله يتم تغييره من خلال التأمُّل فيه وتدبُّره، ثم أن تقنع ذاتك بأن المقابل الإيجابي موجود، كل ما هو سلبي يُقابله شيء إيجابي في الحياة، فلماذا لا أتمسُّكُ بالإيجابي؟ لماذا لا أجعل هذا طريقي؟ فإذًا هناك طريق سلبي وهناك طريق إيجابي، تسلك ما تشاء، وأنا أريدك أن تسلك الإيجابي، وحقِّر هذا الفكر.

والذي سوف يُساعدك هو أن تجعل لحياتك هدفًا، ما هي أهدافك في الحياة؟ ماذا تريد أن تكون؟ أين التميُّز العلمي؟ أين العمل؟ أين الزواج؟ أين المشاركة الإيجابية في أمور الأسرة؟ أين الاجتهاد في بر الوالدين؟ في مساعدة الآخرين؟ رفع مستوى المهارات الاجتماعية وكذلك الثقافي.

هذا هو العلاج - أيها الفاضل الكريم - وفي مثل سِنِّك يجب أن تعيش حياة صحيَّة، تعتمد على النوم المبكر، والتوازن الغذائي، والحرص على عباداتك، وممارسة الرياضة، وحُسن إدارة وقتك، إذًا أريدك أن تأخذ هذه المبادئ العمومية التي تحدثتُ عنها وتُطبِّقها، هذه هي طريقة التغيير، ليست الأدوية أبدًا، الأدوية تُساهم في تقليل القلق والخوف والوساوس، لكنها لا تُغيِّر الناس، نحن نصفها ونُعطيها فقط من أجل المساعدة التمهيدية، والطبيب حين أعطاك الـ (زولفت Zoloft) أو الـ (سيرترالين Sertraline) كان قراره صحيحًا، لكن لا أريدك أن تعتمد على ذلك أبدًا.

الزولفت أو السيرترالين من أفضل الأدوية التي تُعالج أو تُساعد في علاج قلق المخاوف الوسواسي، جرعة الخمسة وعشرين مليجرامًا تحتاج أن تُرفع إلى خمسين مليجرامًا، ثم تجعلها بعد شهر مائة مليجرام ليلاً، هذه هي الجرعة العلاجية، وهذه تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول هذا الدواء.

قطعًا إذا كان عمرك أقلَّ من عشرين عامًا لا تتناول أي دواء دون استشارة الطبيب.

بالنسبة لموضوع شعورك بالشهوة نحو الذكور: الحمدُ لله تعالى أنت لديك الكوابح، ولديك القوة، ولديك العفَّة، ولديك الهمَّة، ولديك مخافة الله قبل ذلك، هذا سوف يقيك -إن شاء الله تعالى- من ذلك، ارتق بنفسك، وارفعها إلى مقامات الرجال الصالحين، وفكِّر في الزواج وفي زوجة المستقبل، هذا يزيل عنك هذه المشاعر القبيحة، نفسك طيبة، وإن شاء الله تعالى هذه النفس الطيبة حتى وإن أوقعتْ عليك بعض اللوم، هذا نقبله تمامًا؛ لأنها في النهاية سوف تنقلك -إن شاء الله تعالى- إلى مرحلة الطمأنينة التي ننشدها لك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا نونا

    الله يوفقكم ويجزاكم خير ويشفي مرضاا ومرضى المسلمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً