الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت كثيرا من الأفكار الوسواسية التي أشعر بها، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من أفكار قهرية فلسفية، تأتيني رغما عني، عن الوجود والكون، أصبحت أفكر وأسأل أسئلة تفوق قدرتي العقلية، الفكرة تقول كيف أصدق أن هذا الواقع حقيقة؟! ربما يكون كل من حولي جميعهم خيالا، يعني أشياء ليس لها جواب، وهذا الشيء يشعرني بحالة من الحزن واليأس، وأتمنى الموت، وأيضا أتمنى أن أعيش حياة طبيعية بدون تفكير.

لا أحد يشعر بي، ليس قلة اهتمام من أهلي ولكن بسبب أن هذا التعب يأكل بي داخليا، وعندما أقول لأهلي أنا متعبة جداً يسألونني بماذا تشعرين؟ لا أستطيع الجواب، ولا أعرف أن أصف لهم شعوري، فبعض المرات لا أحب أن أقول لهم عن الأفكار التي أشعر بها؛ لأنها تزيدني تفكيرًا وتعبًا عندما أقولها.

أنا أخشى من الجنون، فأنا متخرجة من الجامعة، ومرتاحة عند أهلي -ولله الحمد-، ولكن الأفكار تأتي بأي وقت، مثلا وأنا سعيدة وجالسة أشعر بالأفكار والأسئلة التسلطية فتسلب مني السعادة، المشكلة لا أستطيع طرد هذه الأفكار، أشعر بها رغماً عني، فمثلا عندما أريد النوم فبمجرد غفوتي ودخولي في النوم أستيقظ بعد نومي بدقائق، فأنا متعبة منها فهي لا تتركني حتى أثناء نومي، فهل هذا سببه خلل في السيرتونين؟ وهل له علاقة بفقر الدم؟ لأنني مصابة بفقر الدم، ونقص في فيتامين (د)؟ وهل يمكن أخذ وصفة طبية من قبلكم لا تسبب لي الضرر؟ وهل هذه الأعراض لها ارتباط بالدورة الشهرية؛ لأنني ألاحظ هذه الحالة قبل موعد الدورة الشهرية بيومين، وأيضا وعند النوم.

أرجو أن تطمئنوا قلبي بأمل العلاج، والله لا أتمنى ما أعاني منه لأي شخص حتى لكافر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا.

يبدو من خلال ما ورد في سؤالك أن التشخيص هو -وكما ذكرت في سؤالك- أنه حالة من أنواع الوسواس القهري بشكل أفكار لها علاقة بالأسئلة، وبحيث تنتهي من سؤال ليأتي السؤال التالي، وهكذا تستمر الأفكار القهرية.

والوسواس القهري يأتي عادة بشكل مجموعة من الأفكار، والصور، والمواقف اللانهائية، وكلما انتهيت من فكرة أتتك من بعدها فكرة أو صورة أخرى، وهكذا.

وصعوبة الوسواس القهري أنه يأتي في الأمور العزيزة على الإنسان كدينه وإيمانه وصحته وأخلاقه، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمؤمن تأتيه في إيمانه وتوكله على الله، وأنت تأتيك في شكل أفكار وتساؤلات فلسفية عن الكون والحياة، وبشكل مخالف لنفسيتك وشخصيتك، إنه الوسواس القهري.

وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يسأل نفسه فيما إذا كان شخصا طبيعيا أو لا، أو فيما إذا بدأ يفقد عقله، مما يضاعف في معاناته، وبالتالي يدخل في دائرة معيبة من تكرار الأفكار.

اطمئني أن كل ما يدور في ذهنك من هذه الأفكار كلها أفكار وربما صور وسواسية قهرية، لست مسؤولة عنها، لأنه وكما قلت من تعريف الوساوس أنها أفكار، أو عبارات، أو جمل، أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لا شك تحاولين جاهدة دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدينها، ويبدو أنك حاولت تجاهلها إلا أن الأمر في غاية الصعوبة.

وليس للأفكار القهرية علاقة بفقر الدم، أو بالدورة الشهرية، إلا من باب أن توتر ما قبل الدورة يمكن أن يسبب بعض القلق مما يزيد الشعور بهذه الأسئلة القهرية.

للوسواس القهري كما في كل الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية، ونفسية، وسلوكية، كما إن وضوح التشخيص وفهم طبيعة الوسواس، لهو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.

ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية، وتحتاج الأدوية النفسية لوصفة من الطبيب ومتابعة العلاج.

وليس بالضرورة على كل من تأتيه بعض الأفكار القهرية أن يراجع طبيبا، ولكن إن وجدت صعوبة كبيرة في التحسّن أو التكيّف، أو طال الأمر عليك واشتد أو أزعجك كثيرا، فأنصحك بمراجعة طبيب نفسي؛ ليقوم على العلاج، ويصف لك الدواء المناسب.

وفقك الله، وحفظك من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً