الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني نوبات هلع بين فترة وأخرى، فهل يفضل العلاج بالجلسات أم الدواء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بارك الله فيك يا دكتور على جهودك، وجزاك الله كل خير، فقد استفدت من خبرتك وردودك.

أنا طالبة في كلية طب الأسنان، وبقي لي سنة على التخرج -بإذن الله- منذ سنتين تقريبا ذهبت إلى عرس صديقتي، وكنت مرتاحة، وفجأة أحسست بزيادة في ضربات قلبي، ووجهي احمرّ، ولم أستطع الجلوس في مكاني، اتصلت بأهلي وخرجت فورا، ولم تهدأ حالتي إلا عندما دخلت إلى الحمام وأصابني إسهال شديد، حتى أفرغت كل ما بأمعائي، فارتحت ونمت، وفي اليوم الثاني بدأ الكابوس مرة أخرى، فذهبت للمستشفى، وأجريت تحاليل للدم وللغدة الدرقية وكل شيء.

أصبحت دائمة التفكير، ولازمت البيت قرابة الأسبوع، وعندي خوف من الخروج، وأن تأتيني الحالة مرة أخرى.

عندما قرأت عن الحالة اكتشفت أن الموضوع هو نوبات هلع، وكل مرة تأتيني كانت تختلف عن التي قبلها، فأحيانا كانت تأتي على هيئة زيادة في ضربات القلب إلى 105، وشعور بضيق في التنفس، وتعرق اليدين، ووخزات في الصدر، ويأتيني رعب شديد منها، وأحيانا أحس بدوخة وعدم اتزان.

عملت فحصا للأذن وecg، وكان كل شيء بخير، ولكن ظهر لي في ecg sinus tachycardia ، حيث قال لي الدكتور بأني أعاني من خوف وقلق، وحاولي أن تهدئي من نفسك.

قرأت عن تمارين الاسترخاء، وطبقتها، وشعرت بتحسن، وأصبحت أعرف بأني عندما أفكر أو أكون قلقة فستأتي لي النوبة، وعلى الأغلب عندها موعد معين وهو قبل الدورة الشهرية.

أنا مقبلة على الزواج، ولدي خوف من النوبات؛ لأنها عندما تأتيني أنفصل عن العالم تماما حتى أرتاح، ومرات آخذ ليبراكس حتى أهدأ وتهدأ معدتي من كثرة الغازات.

عندي خوف شديد من الامتحان وليلة الامتحان، حتى في يوم الامتحان أعاني من إسهال وقيء من شدة الأعصاب، فأشرب البابونج أو ليبراكس، وأطمئن نفسي بأنه لن يحدث شيء.

قررت مؤخرا أن أذهب إلى دكتور نفسي، وشخص حالتي بأنها توهم مرضي مع نوبات هلع، ووصف لي زانكس Xanax 0.25 MG نصف حبة صباحا وحبة ليلا، Seroplex 10MG ليلا، وقال لي بأن نصف العلاج دوائي والنصف الآخر جلسات، ولما ذهبت إلى الصيدلية قالوا لي بأن الزانكس يسبب النعاس، وأنا عندي امتحانات، فخشيت من تناوله.

بصراحة أفضل أخذ الدواء، لأني لا أريد أن يعلم زوجي بحالتي، فموعد ملكتي قريب، والموضوع حساس بالنسبة لي، فهل في مثل حالتي تعتبر الجلسات ضرورية، أم أن العلاج بالدواء كاف؟ وما هو الدواء الذي تنصحني به؟ وما هي الجرعة؟

أفدني أفادك الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تقبل الله طاعاتكم وصيامكم، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

من خلال اطلاعي على رسالتك وتدارسها أقول لك: فعلاً النوبة التي حدثت لك أثناء حفل العرس كانت نوبة هرع أو فزع، والفزع أو الهرع هو نوع من القلق الحاد جدًّا المستصحب بمخاوف شديدة، وغير مبررة مع شيء من الوسوسة، ونوبات الهرع قد تحدث دون أي مقدمات، دون أي أسباب، وفي بعض الأحيان حتى الأحداث الحياتية الطيبة مثل حفل الزواج قد تؤدي إلى استثارة الجهاز العصبي النفسي عند الإنسان وتظهر هذه الحالات.

عمومًا: الحالة ليست خطيرة، أنا أطمئنك تمامًا، نعم هي مزعجة بعض الشيء، لكن تفهمها في حدِّ ذاته يعتبر علاجًا أساسيًا، يعني ألا تختلط الأمور على الإنسان ويبدأ يُوسوس وتأتيه مخاوف أنه ربما لديه علة في القلب أو في أحد أعضاء جسده، هذا في حد ذاته مهم، أن نفهم أن هذه الحالة حالة نفسية وليس من الضروري أن يكون لها سبب، ويُعرف تمامًا أن النوبات اللاحقة التي قد تحدث بعد النوبة الأولى تكون دائمًا أخف كثيرًا من النوبة الأولى، والإنسان بطبعه يتطبَّع ويتواءم ويتكيَّف مع ما يحدث له فسيولوجيًا أو نفسيًا، لذا دائمًا النوبات اللاحقة إن حدثت هي أخف.

بالنسبة للعلاجات الأخرى: تمارين الاسترخاء مهمّة، وأنت لديك تجربة إيجابية معها، فأرجو أيتها الفاضلة الكريمة أن تحرصي عليها. أيضًا التمارين الرياضية وجد أنها مفيدة جدًّا، فيا حبذا لو تنخرطي في أي تمرين رياضي يُناسب الفتاة المسلمة، كذلك النوم الليلي المبكر، وتجنب الإجهاد الجسدي والنفسي أيضًا له عائد علاجي إيجابي كبير جدًّا.

نأتي بعد ذلك لموضوع العلاجات الدوائية: السبرالكس دواء رائع، دواء فاعل، دواء ممتاز، بل نعتبره الدواء الأساسي. الزاناكس نعم يتم استعماله في الحالات الحادة، لكن في حالتك أرى أنه لا داعي له.

السبرالكس تبدئين في تناوله بجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوع، ثم تجعلينها عشرة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهر، ثم تخفضينها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هذه هي الطريقة المثلى والطريقة الأفضل لتبني قاعدة علاجية سليمة تقوم على التغيير الفكري المعرفي، والتطبيقات السلوكية التي تحدثنا عنها، وتناول الدواء، هذه أكمل وأفضل، وهي الطريقة التي نراها قائمة على مرتكزات علمية.

بالنسبة لموضوع الزواج: أسأل الله تعالى أن يتم لك، وأن يكون لك فيه الكثير من الرحمة والمودة والسكينة. وليس هنالك قطعًا ما يمنعك من الزواج، الشيء الوحيد طبعًا إذا قدَّر الله وحدث حمل هنا يجب أن تتوقفي عن تناول الدواء، وليس هناك شيء آخر أنصح به غير هذا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً