الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بوساوس الموت وتأثرت حياتي بعد وفاة والدي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من عمر 17 سنة، منذ شهرين توفي والدي وأصبحت أعيش في معاناة نفسية، وأصبحت كثير القلق والتوتر، وتكالبت علي هواجس ووساوس الموت، فصرت أفكر فيه بشكل يومي، وأخاف من سماع كلمة الموت.

تطورت مخاوفي إلى أعراض جسدية تظهر على شكل خفقان شديد، وألم في عضلات الصدر والظهر، مع تعرق راحة اليد، والشعور بالغثيان والصداع وألم البطن والمعدة، وغيرها من الأعراض التي تخيفني، علما أنني أجريت الفحوصات اللازمة للقلب، وكلها سليمة -بفضل الله-.

تغيرت حياتي وصرت أخاف كثيرا عندما أتذكر، وفي بعض الأحيان أبكي عند تذكر أبي، وفي الليل أتبول كثيرا، هل يمكنكم تفسير حالتي، وهل أنا محتاج إلى الرقية الشرعية؟

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ilyes حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الطبيعي عند وفاة شخص عزيز لدينا أن نحزن ونبكي لفقده، ولكن سنّة الله أن ننسى أحزاننا وننخرط في الحياة بعد ذلك بصورة طبيعية، استمرار الحزن لأكثر من شهرين، وتذكّر الشخص الذي فقدناه بصورة مستمرة يُعتبر حزنًا مرضيًا ويحتاج إلى تدخل طبي، وكل الأشياء التي تحس بها الآن هي أعراض قلق وتوتر، الأعراض الجسدية التي تحس بها، أجريتَ الفحوصات هي أعراض قلق وتوتر، وناتجة عن الحزن المرضي الذي تعاني منه -يا ابني العزيز- وواضح أنك -كما ذكرتَ- كلما تذكرتَ والدك تبكي، وواضح أنك ما زلت حزينًا على والدك، استمرار الحزن لهذه الفترة الطويلة وبهذه الحِدَّة يكون حُزنًا مرضيًا ويتطلب تدخلا طبيًّا، تدخلا طبيا نفسيا بالدرجة الأولى.

فالمطلوب منك أن تتكلم عن والدك، عن فقدك، وهناك معالجون نفسيون يعرفون كيفية التعامل مع الأشخاص الذين لديهم حزنًا مرضيًا، هذا من ناحية.

أما بخصوص الرقية، فإني أطلب منك -يا ابني العزيز- أن تقرأ القرآن، وأن تؤمن بالقدر، قال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}.

قراءة هذه الآيات تُحدث السكينة في النفس، والصبر مهم، فكلنا أموات أبناء أموات، فكل نفسٍ ذائقة الموت، وكل شيءٍ هالك إلا وجه الكريم سبحانه وتعالى، ولكل أجلٍ كتاب، وإذا جاء الأجل فلا نستأخر ساعة ولا نستقدم أخرى، وهذه من الأقدار التي يجب أن نؤمن بها، والإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان الستة، التي إن لم يحصل الإيمان بواحدة منها كان الكفر بجميعها والعياذ بالله تعالى.

فقراءة الآيات التي تذكّر بهذا الصبر، والترحُّم والدعاء لأبيك، أبوك الآن في حاجة إلى الدعاء، وكل ميت رحل عنا يحتاج منا الدعاء، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)، وذكر منهم: (وولد صالح يدعو له)، فادعُ لأبيك، حافظ على صلواتك، واقرأ القرآن، وقابل معالجًا نفسيًا، وسترجع طبيعيًا -إن شاء الله-، وتذكر أن خير ما تقدمه لوالدك أن تنجح في حياتك، وأن تقدم له عملاً صالحًا ينفعه في مماته، والعمل الصالح كثير، منها نجاحك أنت في حياتك، وتكون رجلاً صالحًا تنفع نفسك وغيرك.

وانظر الاستشارات التالية: الصبر على الابتلاء والمصائب 110650 - 18338 - 2111726 - 2109166
تقوية الإيمان والرضا بالقدر: 278495 - 2110600

وفقك الله وسدد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فرنسا youcef

    أعاني نفس الحالة نسأل الله أن يشفينا و يشفي جميع مرضى المسلمين و لكن فيما يخص الالم في اليد اليسرى و النغزات اظن انه بما يسمى مرض (فيبروميالغيا) حتى أنا عندي نفس الشيء الي تحس بيه والله أعلم.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً