الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي تعتقد أن الجيران يتكلمون عنها والناس تراقبها، فكيف نعالجها؟

السؤال

السلام عليكم.

والدتي عمرها 77 سنة، منذ أكثر من 26 عاما حدثت بينها وبين مسافر مشاجرة، حيث إنها تخيلت أنه يضايقها بشكل ما داخل الباص الذي كانت تستقله هي ووالدي في طريق العودة من السعودية إلى مصر، حيث كان الطيران معلق في ذلك الوقت أثناء حرب الخليج، وقد كانت تعمل هناك كموجهة في التعليم، ومن وقت أن عادت تملكتها فكرة أن هذا الشخص سينتقم منها، بأن سيشيع عنها أنها سيئة الأخلاق لدى الجيران والأقارب، لذلك كانت تقول أنها تسمع أصوات طرق، وما إلى ذلك بهدف إزعاجها، وأن هذه الأصوات مشابهة لتلك التي كانت تسمعها في الباص، وكانت هي سبب المشاجرة.

تطور الأمر أنها كانت تسمع كلام الجيران عنها في العمارت المجاورة، بالرغم أنها لم تكن تسمع رنين التليفون في الغرفة المجاورة، وكانت تفسر هذا بأن الله أعطاها هذه القدرة لكي تتمكن من سماع هؤلاء الناس.

ولم يقتصر الأمر على الجيران، بل وصل إلى الأقارب، حيث كانت تفسر أي عمل أو قول من أي قريب على أنه استجاب لهذا الشخص وصدق أكاذيبه، ومن ثم تكرهه كرها شديدا، وازداد الأمر سوء بأن اعتقدت أن هذا الشخص يطاردها في كل مكان، حتى إذا ذهبت لمكان ما لأول مرة، فهي تسمع نفس الأصوات، وتعاني من الجيران أينما ذهبت.

حتى أنها ذهبت إلى الحج مع أخي الأكبر وأسرته، وظلت تسمع هذا الكلام من الحجاج المصاحبين لها، وقد وصل الأمر إلى ذروته هذه الأيام، حيث أنها ترى أضواء داخل غرفة نومها أثناء الليل، برغم أن النوافذ مغلقة، وقد غطت زجاج النافذة بغطاء لا ينفذ الضوء، ولكنها تقول أن الجيران قد أتوا بأجهزة حديثة تصدر ضوء يخترق أي شيء، وذلك بهدف تصويرها أثناء نومها، ولذلك لا تنام في غرفتها، ولكن في مكان آخر غير مواجه للجيران.

والدتي شديدة الالتزام الديني، فهي تصوم جميع النوافل والسنن، وكذلك تصلي جميع النوافل والسنن، وتقوم الليل وتقرأ القرآن بانتظام، وتتصدق على الأقارب وغيرهم، وكانت مدرسة اقتصاد منزلي، ثم موجهة في التربية والتعليم، وهذا المجال لا يوجد به اختلاط بالرجال أبدا.

هل هناك من طريقة للعلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ alaaeldin حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: ما حدث من مشاجرة مع والدتك في الباص وردة الفعل التي حصلت بعدها، قد تكون ناتجة عمَّا كانت تحسُّ به الوالدة من بداية أعراض المرض، ولهذا كانت المشاجرة بهذه القوة، وما زالت آثارها حتى الآن، وإلَّا فعادةً تحدث هذه المشاجرات في الباصات وفي الطائرات والقطارات، وبمجرد تنتهي الرحلة ينسى الناس هذه الأشياء، ولكن لماذا ظلَّت عالقة كلَّ هذا الوقت؟ قد يكون هذا بداية المرض، ولم تكونوا تشعرون به، أو لم يكن ظاهرًا في ذلك الوقت.

الآن الأمور واضحة، سماع الأصوات – أصوات الجيران – هي هلاوس سمعية، وعندها أيضًا ضلالات فكرية بأن الجيران أتوا بأجهزة لتصويرها أثناء نومها، والآن أصبح لديها أيضًا هلاوس بصرية بأنها صارتْ ترى أضاء مما جعلها تُغلق الغرفة بالستائر.

إذًا الوالدة الآن عندها أعراض اضطراب ذهاني واضح، يتمثل في وجود هلاوس سمعية وهلاوس بصرية وضلالات فكرية.

ليس لهذا الاضطراب علاقة بطبيعة عملها أو لكون أن عملها ليس فيه اختلاط أو ما شابه ذلك، المهم هذا اضطراب ذهاني، وأحيانًا الاضطراب الذهاني في هذه السِّنِّ قدي كون مؤشِّرًا لاكتئاب نفسي، اكتئاب نفسي مع أعراض ذهانية، أو قد يكون اضطرابًا ذهانيًا بحاله، والفرق هنا فرق في العلاج، إذا كان اكتئابًا ومعه أعراض ذهانية، فيُعطى مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان، أما إذا كان اكتئابًا ذهانيًا فيُعطى مضادات الذهان فقط.

نعم هناك علاج لحالة والدتك، ولكن أنصح بأن تذهب بها إلى طبيب نفسي ليقوم بأخذ التاريخ المرضي بدقة، وفحص الحالة العقلية، ومن ثمَّ الوصول إلى التشخيص النهائي وإعطاء العلاج المناسب لها.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً