الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعالج من نوبة الهلع وأعراضها المصاحبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أريد أن أشكركم على المجهودات الجبارة التي تقومون بها من أجل خدمة الناس الذين هم في حاجة ماسة إلى استشاراتكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، وأعمل بميدان التعليم الخصوصي، أصبت قبل سنتين بنوبات الهلع المتكررة، مصحوبة بأعراض نفسوجسدية للقلق النفسي، والمتمثلة في: الارتباك، والدوخة والغثيان، والشعور بالإغماء والتعب، وكثرة التثاؤب.

راجعت الطبيب النفسي العصبي، فوصف لي سبرالكس 10 ملغ، استخدمته لمدة سنة ونصف بانتظام، وألبرازولام 0.25، عند الضرورة فقط، فتحسنت حالتي بنسبة 70%، لكن دون التخلص من تلك الأعراض، فكيف أتخلص منها؟

منذ شهرين أعاني من دوخة قوية في المساء، وعند قياس الضغط، كان 14/ 8، فأخبرني الصيدلي أنه معدل مرتفع، فما السبب؟ وما العمل؟

أعاني أسبوعيا من الإسهال، ويستمر لمدة عشرة أيام، حتى أستعمل أموديوم، والطبيب الباطني أكد أني بخير، فما السبب؟ وما العلاج؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ yassine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة جدًّا، وبالفعل أنت قد أُصبتَ بنوبة هلعٍ حادَّة – أي قلق حاد غير مبرر – وبما أن نوبات الهلع أو الفزع دائمًا تكون مصحوبة بأعراض جسدية دون وجود مرضي عضوي تحوّلتْ لديك الحالة إلى أعراض نفسوجسدية، والمُحرِّك الأساسي لأعراضك هو القلق ولا شك في ذلك.

الأدوية التي تناولتها هي أدوية ممتازة وفاعلة جدًّا، لكن العلاج الدوائي لوحده لا يؤدي إلى التعافي من هذه الحالات، إنما تغيير نمط الحياة هو الأساس وجوهر التغيير، فأرجو أن تُركِّز على هذا الجانب، والأمر المطلوب منك بسيط جدًّا: أن تُداوم على ممارسة الرياضة، حتى موضوع الإسهال الذي ينتابك من وقتٍ لآخر، أنت لديك مشكلة القلق، نعم؛ الطبيب قال لك لا تعاني من شيءٍ، ويقصد أنك لا تعاني من مرضٍ عضوي، لكنّ القلق موجود، والتوتر موجود، وتوتر النفس يؤدي إلى توتر العضلات – خاصة عضلات الجهاز الهضمي – مما ينشأ عنه هذا الإسهال، وحتى الدوخة لها علاقة قوية جدًّا بالقلق والتوتر.

فتغيير نمط الحياة وإدخال أساليب علاجية سلوكية جديدة هو الذي سوف يفيدك، الرياضة يجب أن تكون على رأس الأمر، والرياضة التي أقصدها هي الرياضة الفعّالة التي تحسّ من خلالها بالأثر الرياضي، وأن تكون منتظمًا في ممارستها.

والأمر الآخر هو صرف الانتباه عن هذه الأعراض من خلال الحرص على العمل وتطوير أساليبه، وكذلك تعزيز التواصل الاجتماعي، وحُسنِ إدارة الوقت، هذه كلها بدائل علاجية ممتازة جدًّا.

الحرص على عباداتك وصلاتك في وقتها، والتفقه ومصاحبة الصالحين، هذا أيضًا نعتبره علاجًا.

فيا أخي الكريم: نحن دائمًا ندعو ونتحدث عن علاجاتٍ عملية، علاجاتٍ من الواقع، علاجاتٍ تجلب للإنسان خيري الدنيا والآخرة، هذا الذي أطلبه منك، وهذا هو الذي أريدك أن تُطبقه، وأنا على ثقة تامَّة أنك سوف تستفيد كثيرًا مما ذكرته لك إذا طبَّقته -بإذن الله تعالى-، وأنا أثق أنك حريص على نفسك مثلما أنا حريصٌ عليك، بل أنت أحرص على نفسك أكثر.

هنالك تعديل بسيط جدًّا في الأدوية، وهي: أن ترفع السبرالكس إلى عشرين مليجرامًا، هذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة، عشرون مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك خفضها إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

وأريدك أيضًا أن تبتعد تمامًا عن تناول اللزولام، هو دواء طيب لكنّه تعوّدي وإدماني واستعبادي، والزولام يمكن أن تستبدله بدواء أفضل وأحسن وأفيد، وهو الـ (دوجماتيل) والذي يُعرف علميًا باسم (سلبرايد)، الجرعة المطلوبة في حالتك هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسون مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ واحد، ثم تتوقف عن تناوله.

فسِرْ على هذا المنهج العلاجي الدوائي والسلوكي والاجتماعي، واعرف أن هذه الآليات العلاجية تتضافر مع بعضها البعض لتؤدي إلى نتائج علاجية إيجابية ورائعة -إن شاء الله تعالى-.

أشكرك – أيها الفاضل الكريم – على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً