الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب القلق العام ولا أتمكن من عمل أنشطتي اليومية

السؤال

السلام عليكم
أشكركم جداً على موقعكم الرائع، وأدعو الله أن يمن عليكم بخيري الدنيا والآخرة، مثلما ساعدتم العديد من الناس، جزاكم الله خيراً.

أتمنى أن تفيدوني وتعلموني مما علمكم الله: أنا بعمر 24 سنة، أعاني من اضطراب القلق العام منذ 10سنوات، وتعب شديد، لا أعرف كيف أصف هذا التعب؟! ولا أتمكن من عمل أنشطتي اليومية، وأظل ملازمة للفراش! بالرغم من أن الفحوصات سليمة، والحمد لله.

ذهبت للعيادة النفسية، وبدأت العلاج منذ سنة، وتدرجت بداية في تناول دواء فلوكستين لمدة 3 شهور، وبعد هذه المدة الدكتور غير لي الدواء؛ لأنه لم ينفعني، فبدأت بتناول الميرتازابين 15جم، ومن ثم 30 جم، ومعه أتناول البروبانولول حبتين يومياً كل منها 10جم، بعدها- ولله الحمد- ذهب القلق والتعب الشديد.

بعد مرور6 أشهر قال لي الدكتور نبدأ بتخفيض الجرعة تمهيداً لقطع الدواء، وبدأ بخفض الجرعات إلى أن قطعته كلياً، وبعد ما قطعته كلياً رجعت لي حالة الخوف والتعب الشديد جداً، نفس ما كنت عليه سابقاً قبل تناول الأدوية.

رجعت مرة للدواء مدة شهرين بجرعة 30 جم وعندما أبدأ في قطع الدواء ترجع لي حالة القلق والتعب! فما السبب في رجوع الحالة؟ لا أريد أن أظل أتناول الدواء لمدة طويلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء.

الذي يظهر أن لديك استعدادا للقلق وللتوتر وربما عُسر المزاج، وهذا يشتد لديك عند التوقف عن عقار (ميرتازبين)، وبعض الناس لديهم استعداد متعلق بتركيبتهم الوراثية والجينية، وحين نقول الوراثة لا نعني أن مرضًا مُعيَّنًا سوف يتم وراثته مائة بالمائة، إنما الاستعداد لحدوث القلق وشيء من الاكتئاب هو الذي تلعب فيه المكونات الجينية دورًا.

اطمئني أن المريتازبين دواء سليم، لكن قطعًا الإنسان أيضًا يريد أن يُحرر نفسه من الأدوية، وهذا أمر مفهوم، بالرغم من سلامة الدواء وعدم حدوث إدمان منه.

أقول لك: يجب أن تُفعِّلي الآليات غير الدوائية، الآليات السلوكية، هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمنع الانتكاسات حين التوقف عن الدواء، والأمور السلوكية بسيطة جدًّا، ليست صعبة، مجرد تغيير نمط الحياة، بأن تعتمدي مثلاً على النوم الليلي، وتتجنبي النوم النهاري، وأن يكون غذاؤك منتظمًا، أن تمارسي شيئًا من الرياضة كرياضة المشي مثلاً، أن يكون لديك أنشطة اجتماعية، على نطاق الأسرة، وعلى نطاق الجمعيات النسائية مثلاً، القراءة، الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن وتعلمه وتدبُّره.

هذه كلها تنمي منهجا سلوكيا جديدا في الإنسان، مسلكا جديدا، طبائعا جديدة، توجُّها فكريا جديدا، هذا قطعًا يُحاصر الاكتئاب والقلق وكثيرًا ما يزيله تمامًا.

غيِّري نمط حياتك، واجعلي فكرك دائمًا فكرًا متفائلاً، التفاؤل أن تخرجي من دائرة التشاؤم والفكر السلبي، فذلك من المتطلبات السلوكية المهمة جدًّا.

هذا هو الذي أنصحك به، ومرة أخرى: أطمئنك على سلامة الدواء، ووسيلة التخلص منه وعدم حدوث الهفوات أو الانتكاسات بعد التوقف منه تأتي من خلال تفعيل الآليات الأخرى، وأقصد بذلك الآليات السلوكية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً