الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت الدراسة بسبب خوفي من الضرب.. كيف أسيطر على خوفي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة أبلغ من العمر 19، مشكلتي أنني أفقد السيطرة على حياتي، ولا يوجد نظام عليها. في الماضي كنت أقضي اليوم بطوله من الاستيقاظ حتى النوم على الانترنت أو على مواقع التواصل في هاتفي، لدي ميول شديدة للعزلة وعدم الاختلاط بالآخرين، وأخشى بشدة أن أتعرض للإحراج أو للإساءة من الآخرين؛ لذلك أملك عددا قليلا من الأصدقاء.

بعد وفاة والدي انتقلنا إلى بلد آخر يسمح فيه بالجلد في المدارس، ولم أحتمل ذلك فتركت الدراسة، رغم أنني في السنة الأخيرة، ودرجاتي مرتفعة لم أعلم السبب، غياب والدي الذي كان صارما في إكمالي للدراسة؛ لأنه يطمح أن يكون مستقبلي مشرقا رحمه الله، أم أن الأسلوب الذي أستخدم في المدارس لم يناسبني، لدي خوف شديد من العقاب حتى لو أخطأت لا أحتمل حتى العتاب أو اللوم، قد أفعل أي شيء أكذب أو أهرب أو أتجنب الشخص كي لا أعاقب.

أتمنى أن أكمل دراستي الثانوية وأتخلص من مخاوفي وأسيطر على النظام في حياتي.. فهل من طريقة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا بما في نفسك وحياتك، أعانك الله وخفف عنك بعض معاناتك.

يطرح سؤالك عددا من الأمور، فهناك كيفية قضاء الساعات والساعات على النت أو وسائل التواصل الاجتماعي، والأمر الآخر والذي ربما هو متعلق بالأول، وهو ميلك للعزلة وعدم الاختلاط بالناس الآخرين، والذي هو ربما النتيجة الطبيعية لقضاء الساعات وراء الجهاز...

وبالتالي فأنت شديدة الحساسية مما جعلك لا تستطيعين تحمل الجو الاجتماعي العام وخاصة في المدرسة، مما جعلك تنصرفين عن الدراسة وترك المدرسة...

ولو كنت كتبت لنا قبل ترك المدرسة، لنصحتك بعدم تركها، وخاصة أنك في السنة الأخيرة، وما هو إلا وقت قصير حتى تدخلي الجامعة، فيا ترى هل تأخر الوقت لتعودي للمدرسة أم هذا غير ممكن الآن؟

وواضح من كلامي بأنه إن استطعت العودة للمدرسة، فأرجو أن تأخدي بهذا الخيار، إذا كان ما زال متوفرا، ففي الدراسة مخرجك من الكثير من هذه الصعوبات والتحديات، فهي تتيح لك التواصل مع الناس، والتخطيط لحياتك ومستقبلك...

ولا يخفى أن عليك العمل على تغيير سلوك استعمال النت ووسائل التواصل الاجتماعي، فالصورة التي وصفتها في رسالتك ربما تشير لحالة من إدمان النت ووسائل التواصل...

ومن جملة الإجراءت الكثيرة التي يمكنك أن تقومي بها للتخلص من سوء استعمال النت، أو الإدمان:

• أغلقي الجهاز، وضعيه بعيدا عنك.
• اعطِ الجهاز لأحد أفراد أسرتك، واطلبوا منهم أن لا يعطوكِ إياه إلا بعد ساعتين مثلا أو أكثر.
• اتركي الجهاز في البيت، وحاولي أن تدرسي وتنهي أعمالك في مكتبة المدرسة مثلا أو المكتبة العامة.
• حددي وقتا لاستعمال النت، وبحيث بعد ساعة معينة مثلا أطفئي الجهاز، أي لا تنقطعي كليا عنه، وإنما حددي وقتا مخصصا.
• ادرسي مع صديقة لك، وبحيث تلتزمين بالجلوس معها طول مدة الدراسة.
• خصصي يوما في الأسبوع لا تستعملين فيه الكمبيوتر، وإذا استطعت يمكن أن تجعليها ليومين.

• حددي وقتا في المساء كآخر ساعة تستعملين فيها الجهاز، فمثلا لا استعمال بعد الساعة 8 مساء.

• حددي وقتا في أثناء النهار بلا جهاز، مثلا بين الساعة 12 ظهرا و8 مساء، وبحيث تكافئين نفسك على الدراسة باستعماله بعد هذه الساعة.

وهكذا ترين أن هناك وسائل كثيرة يمكننا من خلالها أن ننظم أمور حياتنا، وبحيث نسيطر على ظروفنا ولا نجعل "ظروفنا" تتحكم بنا، وربما العنصر الأساسي في نجاح هذه الإجراءات هو صدق العزيمة، واتخاذ الأسباب، وكما يقول تعالى في موقف مشابه عن مدى استعداد الإنسان للقيام بعمل ما يحتاج صبرا وعزيمة، {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} (التوبة: 46).

أرجو منك الآن، وبعد قراءة جوابي هذا أن تطفئي الجهاز، ولا تعودي إليه إلا بعد ساعتين من الآن، وسترين كيف يمكن علاج المشكلة، ومن نفسك، ولكن لا بد من اتخاذ الخطوات البسيطة هذه.

وفقك الله ويسر لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً