الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس قهرية وترك للصلاة ودخول للموقع الإباحية!

السؤال

السلام عليكم.

أعاني منذ 8 سنين من الوسواس القهري، وتابعت مع أكثر من دكتور نفسي -والحمد لله- تحسنت كثيرا، والدكتور بدأ يقلل في العلاج لكن ظهرت لي مشكلة في الفترة الحالية، وهي الأفكار الجنسية القهرية، لا أستطيع السيطرة على نفسي، ودائما تارك للصلاة، وعلى غير طهارة، وكثير الدخول للمواقع الإباحية، وكان هذا يحصل أحيانا، لكن من بعد ما قلل الدكتور في العلاج زادت كثيرا، ماذا أفعل؟ إلى جانب أني كنت خاطبا بنتا ولم تستمر الخطوبة، ومن حينها وأنا في حالة حزن وضيق، وأريد أن أخطب أي بنت أمامي بدون تفكير، ودائم التفكير في الموضوع هذا، فهل هذا بسبب العلاج؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

أخي الكريم: أبشرك أن الوسواس القهري يمكن أن يُعالجك، وفي ذات الوقت أودُّ أن أكون واضحًا معك جدًّا، أنه يجب أن نفرِّقُ تمامًا ما بين الدوافع الوسواسية وخلل السلوك، الوسواس القهري لا علاقة له بأن تطِّلع على المواقع الإباحية، هذه – يا أخي الكريم – مشكلة سلوكية، وتأتي تحت طائل مسؤوليتك تمامًا، مسؤوليتك الأخلاقية، ومسؤوليتك الشرعية، ومسؤوليتك العلاجية، وترك الصلاة أيضًا لا علاقة له بالوسواس.

ما يُستثار عندك من أفكار جنسية قهرية فيه شيء نستطيع أن نقول أنه مستحوذ ومتسلط عليك، لكن ليس للدرجة التي تُوصلك لأن تُثير نفسك جنسيًا من خلال الاطلاع على المواقع الإباحية، هذه كلها تحت إرادتك وإدراكك، وأنت -الحمد لله تعالى- صاحب بصيرة ومرتبط بالواقع، فارتفع بنفسك، وارتق بها، وأوقف هذا الذي أنت فيه، وكن صارمًا جدًّا مع نفسك، النفس أمَّارة بالسوء، يجب أن تُكبح، لا بد أن يكون لدينا الآليات الصلبة التي نتحكّم من خلالها في نزواتنا وهفواتنا وسقوطنا في بعض الأحيان، {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}، {قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسَّاها}.

أيها الفاضل الكريم: سامحني إن كانت كلماتي قد تفسِّرها بأنها قاسية وإن لم تكن قاسية، أنت تُريد أن تسترشد بنا في إسلام ويب، وهذا هو المفهوم العلمي والصحيح الذي لا بد أن أبلغك إياه، فأسأل الله لك العافية، وأنا أتعشَّم أن فيك خيرا، وأنك تستطيع أن تُغيِّر من حياتك، وأن تُحرر نفسك.

والمتابعة مع طبيبٍ نفسي هو أمرٌ جيد، لكن لا تتنقل بين الأطباء، هنالك بمصر أطباء متميزون في موضوع الوسواس القهري، يأتي على رأسهم الأخ الصديق البروفيسور (وائل أبو هندي)، فإن استطعت أن تتواصل معه سيكون أمرًا طيبًا وجيدًا، وإن لم تستطع يمكن أن تبحث عن طبيب آخر، كلُّهم -إن شاء الله تعالى- فيهم خير.

الفكر الوسواسي أيًّا كان يجب أن يُحقَّر، ولا تناقش هذا الفكر الوسواسي، أغلق الطريق أمامه، وأريدك أن تُخاطب الفكرة كأنها شيء مُجسَّمٌ أمامك، تُخاطبها (قفي، قفي، قفي، أنتِ فكرة حقيرة، أنتِ فكرة حقيرة، أنتِ فكرة حقيرة) بهذه الكيفية تستطيع أن تُضعف الفكرة.

وأيضًا حاول أن تنفِّر نفسك من الفكرة بربطها بشيءٍ آخر، تصوَّر أن مصيبة قد وقعت، أو أن حادثًا مروريًا بشعًا قد حدث، اربط ما بين الاثنين؛ لأن الربط بهذه الكيفية يؤدي إلى تنفير الوسواس.

وتمرين ثالث بسيط جدًّا وممتاز جدًّا: اجلس أمام طاولة وفكّر في الفكرة الوسواسية هذه، وفي نفس الوقت قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة حتى تحسّ بالألم، هذا التمرين يُكرر عشر مرات متتالية بمعدل ثلاث مرات في اليوم، والهدف هو أن تربط ما بين الألم والوسواس، وهذا يُسمى (بفك الارتباط الشرطي)، وتلقائيًا وجد علماء النفس والسلوك أن الوسواس سوف يضعف.

أنت محتاج لعلاج دوائي، البروزاك زائد جرعة من الرزبريادون ستكون الأفضل بالنسبة لك.

جرعة البروزاك: كبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهرٍ، ثم تجعلها ثلاث كبسولاتٍ في اليوم، كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

أما الرزبريادون فجرعته: واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً