الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقة حب عفيفة نرجوا منها الزواج، فما الدعاء الذي يسهل أمرنا؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 16 سنة، متفوقة في دراستي ومتمسكة بديني -والحمد لله-، تعرفت على شاب جامعي عبر النت، ذي أخلاق عالية، ومتمسك بدينه، ارتحت له، لكني رفضته في الأول لأن العلاقات خارج إطار الزواج لا يجوز، لكنه أخبرني أنه سيخطبني، علما أن المسافة بيننا بعيدة.

تطورت علاقتنا مدة عام تقريبا، ثم توقفنا لأنه شعر بالذنب، وأنا شعرت بالندم، وأتمنى من كل قلبي أن نكون معا في الحلال.

أرجوكم ادعوا لنا بالهداية والمغفرة، وأن يجمعنا الله في الحلال، وما هو الدعاء الذي يجب قوله؟ فقد سمعت أن الدعاء يغير القدر.

مع خالص تحياتي وشكري لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فريدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيسعدنا ما تتحلين به من تمسكك بدينك -ثبتك الله عليه-؛ لما في ذلك من مصالح كبيرة في معاشك ومعادك ودنياك وآخرتك, كما أن تفوقك في دراستك - أعانك الله - مما يعينك على تنمية ثقافتك وبناء شخصيتك وتحسين معيشتك، والإسهام في خدمة بلادك ونهضة أمتك, وكذا فإن حرصك على اختيار الزوج الصالح المتمسك بدينه المتحلي بالأخلاق العالية - كما ذكرت -، ورفضكما لما حرمه الله تعالى من العلاقات خارج إطار الزواج دليل على صدق التوبة وحسن الدين، وحرصك على حفظ شرفك وكرامتك؛ حيث لا أغلى لدى المسلمة العاقلة من ذلك، زادك الله فضلا وثباتا وتوفيقا.

لا يخفاك - أختي الكريمة - أن مشاعر الحب تجاه الطرف الآخر تجوز إذا كانت فطرية طبيعية وفق ضوابط وحدود الشريعة الإسلامية، حيث لا تبرج ولا سفور ولا خضوع بالقول ولا مغازلات عاطفية ونحو ذلك مما هو من ذرائع الحرام، لقوله تعالى : (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا)، فالوسائل تأخذ أحكام المقاصد كما هو متقرر في قواعد الفقه.

حرصك على الزواج من هذا الشاب المتدين الخلوق أمر مشروع وطيب، إلا أنه لا ينبغي لك المبالغة في التعلق به؛ لأن التعارف في وسائل الاتصال لا يحقق المقصود في معرفة صدق وحقيقة ومدى ما عليه الطرف الآخر من صفات إيجابية أو سلبية، حيث أنه من المعتاد أن يتزين كل من الطرفين للآخر في كلامه ومعاملته، وإذا كان مثل هذا الوهم غير المقصود أو الخداع والمكر والتغرير المقصود يحصل في اللقاءات المباشرة بين الناس، حيث لا حواجز جغرافية بل ولا واقعية حقيقية بينهم - خلافا لحالكم -، فكيف في مثل حالكم؟ وعليه فإن الواجب عليك التريث والتمهل وعدم الاستعجال، واستخارة الله الكبير المتعال سبحانه ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعزة والجلال أن يجمع بينك وبينه على خير، إن كان قد سبق في علمه تعالى أن في الزواج من هذا الشاب خيرا, وأن يصرفه عنك إن علم أن في الإقتران به شرا، وقد قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، لا سيما وأنك ما زلت شابة صغيرة في مقتبل العمر(16) سنة، حيث قلة الخبرة والتجربة من جهة، ولم تكملي دراستك الثانوية بعد من جهة أخرى، فاحذري أن تعيقي انشغالك في الدراسة والتفوق فيها بانشغالك في أمر مجهول وغيبي وبعيد الحصول نوعا ما.

لذا أوصيك بالثبات والصبر على ما أنت عليه من حسن دين وخلق واهتمام بدراستك، ودعاء الله عز وجل أن يلهمك الرشد والصواب، ويرزقك الزوج الصالح ويعينك على الازدياد من العلم النافع والعمل الصالح.

نعم فقد ثبت في الصحيح دعاء الاستخارة، وفيه ما يحقق للداعي الرضا بأمر الله وخيرته، كما يحقق له ما يعلمه الله تعالى لعبده المستخير ما فيه مصلحته والخير، ولفظ (دعاء الاستخارة) كما في حديث جابر قال صلى الله عليه وسلم: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من دون الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك, وأستقدرك بقدرتك, وأسألك من فضلك العظيم, فإنك تقدر ولا أقدر, وتعلم ولا أعلم, وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - وتذكرين حاجتك - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو في عاجل أمري آجله, فاقدره لي ويسره لي, ثم بارك لي فيه, وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني وأصرفني عنه, وأقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به) رواه البخاري، كما أن الدعاء - المأثور منه وغير المأثور - مستجاب فهو خير كله كما قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)، (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).

هذا وأسأل الله أن يفرج همك، ويثبتك على الصلاح والاستقامة والخير , وأن يرزقك الزوج الصالح ويحقق أمانيك في الخير، إنه سميع عليم بر تواب رؤوف رحيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الغابون بال

    شكرا علي النصيحة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً