الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي ضعف إيماني، وخوفي من الجن والشياطين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أفتخر كثيرا بكم وبموقعكم، وشكرا لكم على جهودكم النيرة التي تبذلونها من أجلنا.

أنا امرأة متزوجة، ولدي طفلان، وعمري 20 سنة، أعاني من ضعف الإيمان وهذا الشيء سبب لي مرضا نفسيا، فأصبحت لا أريد التحدث مع أي شخص، وعصبية جدا على أولادي.

عندما كنت حاملا بطفلتي كنت أصلي، ولكن عندما ولدت وانتهيت من النفاس لم أعد للصلاة، حاولت مرارا ولكن لا جدوى، ودائما أسأل نفسي وأحاسبها من الداخل عن عدم التزامي بالصلاة والأذكار، وأحزن كثيرا، ثم أقول سأبدأ بالصلاة غدا، ويأتي غدا ولا أصلي، وأحمد الله بأن رزقني زوجا صالحا لا يقطع الصلاة وملتزم، وعندما أراه أحزن كثيرا في داخلي، وأقول يا ليتني كنت مثلك، فأنا أريد أن أكون امرأة صالحة يحبها ربها، أريد أن أتوب، فماذا أفعل؟ وكيف أبدأ؟ أخاف أن أموت وأنا لم أصلي، أرشدوني.

ولدي مشكلة أخرى أتعبتني كثيرا وهي الخوف من الجن والشياطين، والخوف عند النوم، والخوف من الظلام، وأيضا عندما أسمع صوتا فجأة، فما الحل؟

أريدكم أن تنصحونني، وأن أكثر من الطاعات كي أربي أطفالي على هذا المنهج، آسفة على الإطالة، وجزاكم الله خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ diala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لعل الشيطان هو من سول لك ترك الصلاة بعد الولادة، واستحوذ عليك بوساوسه، فاستمرأت تلك الوساوس وتفاعلت معها، فاعتدت على ترك الصلاة، ولكن لا يزال فيك الخير ما دمت تلومين نفسك على ترك الصلاة.

العبادات فيها شيء من الثقل على النفس كما قال تعالى في الصلاة: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) والعودة لأدائها يحتاج منك أولا إلى توبة نصوح؛ والتي من شروطها: الإقلاع عن الترك، والندم على ذلك، والعزم على عدم العودة مرة أخرى لتركها.

العودة لأدائها تحتاج إلى مبادرة فورية من هذا الوقت دون التأخير لوقت آخر، فإن ذلك هو السبيل كي يخنس الشيطان عنك.

اطلبي من زوجك أن يعينك على طاعة الله، ويذكرك بأداء الصلاة، ويوقظك لأدائها، وينشطك على فعل الخيرات.

من ثمار المعصية ضنك العيش، والوحشة من الناس، وتوتر الأعصاب قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) ويقول تعالى: (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) فما تعانينه نتيجة طبيعية لترك الصلاة.

من فوائد أداء الصلاة ما قاله العلامة ابن القيم: (الصلاة مجلبة للرزق حافظة للصحة دافعة للأذى مطردة للأدواء مقوية للقلب مبيضة للوجه مفرحة للنفس مذهبة للكسل).

أكثري من الصدقة، فإن من آثارها جلب السرور للنفس كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله.

الجن والشياطين ليس لهم سلطان علي المؤمن إنما سلطانهم على أوليائهم، فبأدائك للصلاة تخرجين عن هذا الوصف يقول تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ).

الشياطين إنما تخوف أولياءها، والمؤمن لا يخاف منها أبدا، ولا يمكن أن تنزل به أي ضرر؛ لأن النفع والضر بيده سبحانه يقول تعالى: (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ومن الخوف الطبيعي أن يخاف الإنسان عند صدور صوت فجأة وبعض الناس يخاف من الظلام.

وثقي صلتك بالله، واجتهدي في تقوية إيمانك به من خلال أداء ما فرض الله عليك، وأكثري من الأعمال الصالحة وخاصة تلاوة القرآن وما تيسر من صيام النوافل، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، وكشف الكروب، وغفران الذنوب، يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وسماع المواعظ الإيمانية، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، وتشعرين بسعادة غامرة، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

ابتعدي عن كل ما يكون سببا لقسوة القلب؛ كسماع الأغاني، ومتابعة الأفلام والمسلسلات التي تثبطك عن أداء الطاعات.

استعدي للصلاة قبل أن يؤذن المؤذن، وقدمي أداء الصلاة على أي عمل ما لم يكن العمل يتطلب المتابعة.

أكثري من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وفي أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يهدي قلبك، وأن يرزقك الاستقامة والثبات، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالاستقامة والثبات إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً