الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عانيت من صعوبة في البلع وجاءتني بعدها نوبة هلع وقلق

السؤال

السلام عليكم
إلى الدكتور عبد العزيز أحمد عمر حفظه الله، أشكرك على مساعدتك لإخوانك على الشبكة الإسلام، وأسأل الله أن يجعله في موازين حسناتك.

لدي تاريخ مرضي منذ 2004م، فقد كنت بعمر 21 سنة، فجأة صرت لا أستطيع البلع، لا الطعام ولا الماء، وصرت أتناول الأكل بصعوبة هائلة، وكشفت على البلعوم والمعدة، فكان كل شيء سليماً.

بعد ذلك أصبت بنوبة هلع قوية، ثم توالت النوبات علي، وأصبح لدي مخاوف كثيرة جداً، منها رهاب الساحة والسفر والكثير، فبدأت رحلتي مع الأطباء، والأدوية تناولت العديد من مضادات الاكتئاب أو قل أغلبها، وكانت تخفف عني القلق والهلع والبلع، ولا أحس بالشفاء إطلاقاً، وأحس بعدم وجود طعم للحياة، حيث لا فرح، بل شبه اكتئاب، وليس بالقوي، وكنت لا أتحمل مضادات الاكتئاب حتى بجرعات متوسطة، فمثلاً السيروكسات لا أتحمل فوق 20 مل، إذا زدت ولو 10 مل أصاب بعصبية هائلة وانشراح وقلة نوم، وأيضا بقية مضادات الاكتئاب.

منذ سنوات صرت كلما تناولت مضاد اكتئاب أصاب بانشراح كبير جداً، ثم تعقبها عصبية رهيبة وقلق شديد لا يتوقف إلا إذا تناولت جرعة كبيرة من المهدئات عندها شخص الأطباء مرضي على أنه اضطراب وجداني ثنائي القطب، فكتب لي الطبيب حبة سيروكسات مع حبتين ديباكين كرونو فلم يأتني الهوس حتى يوم 14 جاءني هوس كبير، ثم رفعت الجرعة إلى 1500 مل ديباكين فأصبت بالهوس بعد 14 يوماً أيضاً، ثم جربت التجريتول 400 فلم يفعل شيئاً، ثم كتب لي الطبيب رسبردال 1 مل فأحسست بتلاشي المخاوف بعد 3 أيام، ولما وصلت إلى أسبوع أصبت بقلق رهيب جداً فتركته، ثم تناولت الزبركسا 10 مل ثم 5 مل وأصبت بقلق شديد جداً، وتناولت الابليفاي 15 و 10 مل فأصبت بقلق شديد، ثم تناولت السوليان بجرعة 400 و 200 فأصبت بقلق شديد بعد نحو 21 يوماً.

آخر دواء جربته هو السوليان بجرعة 200 مل، وقد تركته بعد أن أصابني بقلق شديد جداً، وتركته منذ 5 أيام قل القلق، ولكن ما زال القلق موجوداً.

أنا في حيرة من أمري، ماذا أفعل، وقد جربت أغلب الأدوية وأنا -بإذن الله- مقبل على الزواج قريباً، وعلى عمل، وعندي قلق ومخاوف وهلع!

قد راسلتك عسى أن تجد حلاً لحالتي، وقد أعطيتك كل تفاصيل حالتي منذ 14 سنة، فأرجو رجاء حاراً أن تعطيني حلاً لحالتي، فقد يئست من الأطباء، فهم يعيدون نفس الوصفات السابقة، ويقولون اصبر على هذا العلاج، ثم لا شيء!

أنا أنتظر ردك بفارغ الصبر، عسى أن يوفقك الله للحل، وأرجو أن لا تنصحني بالعلاج المعرفي السلوكي، فإني لا أتحمله، وليس لدينا معالجون حقيقيون.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد خالدي عبد الحميد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك – أخي الكريم – ونسأل الله أن يوفقك في الإجابة على كل استفساراتك.

أنا لن أقول لك: اذهب لأخذ جلسات علاج سلوكي بعد قراءة هذه الاستشارة، ولكن أقول لك: يجب أن نتوصّل للتشخيص السليم والصحيح لحالتك.

لا أدري إن كانت فعلاً حالتك هي اضطراب وجداني ثنائي القطبية أم لا؟ طالما كل الأعراض – أعراض الهوس – تحصل فقط بعد أخذ أدوية الاكتئاب، ولكنك لم تذكر أنك قد أصابتك نوبة هوس واحدة من دون علاج الاكتئاب، أي أنه دائمًا نوبات الهوس تأتي بعد أخذ أدوية الاكتئاب، ولم تكن نوبة هوس كاملة، ولكن قلتَ إنك تحسّ بنشاط زائد.

يجب أن نكون حذرين في موضوع تشخيص اضطراب وجداني ثنائي القطبية في مثل حالتك، يحتاج هذا لتمحيص كثير وفحص نفسي، وأخذ تاريخ مرضي مفصّل ودقيق.

أنا لا أشك في أنك حاولتَ بقدر الإمكان أن توصِّف ما يحصل معك، ولكن مهما فعلنا هذا الحيِّز وهذا الوقت للاستشارة لن يُغني عن اللقاء المباشر في تشخيص هذه الأمراض، وبالذات – دائمًا أتكلم عن الأمراض الذهانية والاضطرابات الوجدانية – لا يمكن تشخيصها من خلال هذه الاستشارات الالكترونية، ونسبة محدودية إمكانياتها.

دعنا نقول: إنك فعلاً تُعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، وهذا يعني أن العلاج الأساسي عندك هو مثبت مزاج، وليس مضادًا للاكتئاب، فإذا كان فعلاً تشخيصك الصحيح هو اضطراب وجداني ثنائي القطبية فالعلاج المناسب لك هو مثبتات المزاج، وكثير من الأطباء هنا لا ينصحون بأخذ مضادات الاكتئاب أصلاً، وعليه مثبتات المزاج كثيرة، ولعلّ أكثرها فعالية هو الـ (ليثيوم)، وبالذات إذا كانت هناك نوبات اكتئاب كثيرة مع الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، فقد يكون الليثيوم هو الخيار الأول.

إن الكثير من الدراسات تُرشّح الـ (لامتروجين) في حالة وجود نوبات اكتئاب كثيرة، كل هذا يجب أن يكون – أخي الكريم – مع طبيب نفسي، يصحب معك هذه الاقتراحات من الأدوية، وقابل طبيبًا نفسيًا آخر.

من أدوية الاكتئاب أيضًا – إذا اضطررنا أحيانًا لاستعمال دواء اكتئاب للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية – فلعلَّ الـ (فلوكستين) هو أحسن أدوية الاكتئاب التي تستعمل، وهذا ثابت من الأبحاث، أن الفلوكستين هو دواء الاكتئاب المناسب استعماله في مرحلة الاكتئاب النفسي التي تكون في الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

اصطحب كل هذه المقترحات التي ذكرتها لك وأسماء الأدوية وقابل طبيبًا نفسيًا آخر – أخي الكريم – لعلَّه يصل إلى التشخيص الصحيح والعلاج المناسب.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً