الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك علاج للوسواس القهري الحاد دون طبيب؟

السؤال

السلام عليكم..

لدي بعض الأسئلة المتفرقة فأرجوكم لا تبخلوا علي بالمساعدة.

1 ما معنى نضح الثوب في الإسلام؟
2 ما هو علاج الوسواس القهري الحاد دون طبيب؟
3 هل الامتناع عن العادة السرية والاحتلام (عن طريق الأدعية) يعد حرمانا جنسيا وله مضار جسدية بالنسبة لشاب في الخامسة عشر من عمره؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رائد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سوف يُجيبك الأخ الدكتور عمار ناشر على الجوانب الشرعية، وأنا سوف أُجيبك على سؤالك الثاني، وسوف أعطيك أيضًا إجابة جزئية لسؤالك الثالث، وسوف يُكْمل الشيخ عمّار الإجابة.

علاج الوسواس القهري الحاد: أولاً يجب تأكيد التشخيص، وكثيرًا ما يختلط أمر الوساوس على الناس، فإن تم تأكيد التشخيص على أنه الوسواس القهري الطبي المعروف ففي هذه الحالة يكون العلاج عن طريق الأدوية، والأدوية مهمَّةٌ جدًّا، لأن الوسواس القهري الطبي مرتبط بتغيرات كيميائية بيولوجية في الدماغ، والتغيُّر البيولوجي الكيميائي لا يتم تصحيحه إلَّا من خلال الأدوية.

وهناك العلاجات السلوكية التي تقوم على مبدأ: أن يرفض الإنسان الوسواس، أن يُحقِّره، وأن يتجاهله تمامًا، وألَّا تُناقشه، وأن تقوم بفعل الضِّدّ.

العلاج الثالث هو العلاج الاجتماعي، والذي يتمثَّل في: أن تشغل نفسك اجتماعيًّا، وتُحسن إدارة وقتك، ولا تترك مجالاً للفراغ، وأن تُمارس الرياضة، وأن تُطبِّق بعض التمارين الاسترخائية، هذه تفيدك كثيرًا.

أمَّا العلاج الإسلامي فيتمثّل في: الاستغفار، وتستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وتحافظ على صلاتك في وقتها، ويكون لك ورد قرآني، وكما ذكرنا أيضًا تصِلْ رحمك، وتكون بارًّا بوالديك... هذه كلها تُعالج الوساوس القهرية إن شاء الله تعالى.

بالنسبة لسؤالك الثالث حول الامتناع عن العادة السرية والاحتلام عن طريق الأدعية، هل يُعدُّ حرمانًا جنسيًّا وله مضار جسدية؟

أولاً: الامتناع عن العادة السرية هو أمرٌ ممتاز وأمر طيب، ويحفظ الصحة، ويحفظ الدين، ولا يُعدُّ أبدًا حرمانًا جنسيًّا.

أما الاحتلام فأعتقد أن الاحتلام شيء طبيعي، ويحدث لأي شاب، وهو أمر تلقائي، متنفَّس لهذه الأشياء، والمهم فيه أنه لا يرتبط بخيالات جنسية شاذة، والخيالات الجنسية كثيرًا ما يستجلبها الإنسان في أثناء اليقظة ممَّا ينعكس عليه في وقت الاحتلام، لكن إن حصل خيال جنسي في أثناء النوم – أي الاحتلام – فالإنسان قطعًا لا حرج عليه في مثل هذه الحالة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
______________________________________

انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الشيخ/ عمار بن ناشر -مستشار الشؤون الأسرية والشرعية-.
_____________________________________

- بارك الله فيك – أخي العزيز – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع وحرصك في السؤال عن دينك, سائلاً الله لك العفو والعفة والعافية والتوفيق والنجاح في دينك ودنياك وآخرتك.

- النضح يُطلق غالباً في الفقه الإسلامي على الغسل للمذي ونحوه, وقد يطلق ويراد به الرش أو الصب للماء دون غسل, والأحوط هو أن يغسل المكان الذي أصاب الثوب من المذي ونحوه لتطهيره من النجاسة.

- لاشك أن الوساوس الشيطانية والنفسية والقهرية نوع من الأمراض النفسية تهجم على ذهن الإنسان الطبيعي وتسيطر على محور تفكيره, ومهما حاول التخلص منها فإنه يصاب بالخوف والقلق والاكتئاب والاضطراب النفسية, وهي تؤثر على حياة الإنسان العلمية والعملية والاجتماعية والنفسية مما يستدعي العلاج منه باعتبار العلاج الدوائي, والعلاج السلوكي, والعلاج الإيماني الشرعي, وكونك تسأل عن العلاج غير الدوائي, فهو على أهميته إلا أنه يمكن ذلك – بإذن الله تعالى – بالفهم والتطبيق للخطوات التالية:

- وجوب كراهة هذه الوساوس النفسية والشيطانية والنفور منها ومدافعتها بالتغافل والإعراض عنها والتناسي لها وعدم الالتفات إليها وإهمالها والتحقير والتسخيف لها والإصرار على تفاهتها وإدراك أنها وساوس شيطانية عابرة وسخيفة جهة صدورها وورودها هي الشيطان الرجيم, مما يستلزم معه ضرورة المدافعة له (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) والاستعاذة منه (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم).

- عدم تضخيم المشكلة والثقة بإمكانية العلاج والأمل بالشفاء التام منها بإذن الله تعالى بشرط حسن الظن بالله والثقة به سبحانه ثم بالنفس بتقوية الشخصية وتعزيز الثقة بالذات بلزوم الحزم والعزم والإرادة والتغافل عنها ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا) ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به يشركون), وقد صح في الحديث : (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).

- عدم المبالغة في حمل الهم إزاءها أو الشعور بالضيق أو تأنيب الضمير بإدراك أنك معذور شرعاً لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) وفي الحديث الحسن بمجموع طرقه: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) كما ورد في الصحيحين قوله: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) والمعنى أنه يشترط عدم التكلم بها بإظهار المحبّة لها والإعجاب بها وإقرارها أو العمل بالتكلّف في استحضار الوساوس والشبهات, فـ "المرء – كما يقال - حيث يضع نفسه"

وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ.

- ومما يخفف عنك مشاعر الضيق والقلق ويقوي العزم والإرادة استحضار ثواب الأجر بالصبر على هذا البلاء والرضا بالقضاء, والتزام تقوى الله والاستعانة به والتوكل عليه (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).

- الانشغال بالإكثار من الطاعات والأعمال الصالحات, وقد صح في الحديث: (احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك )، والرقية بالذكر والدعاء وقراءة القرآن, وخير الأذكار والأدعية في ذلك قراءة سورة البقرة وسور الإخلاص والمعوّذتين وأذكار الصباح والمساء.

- الانشغال عن الوساوس بالدراسة والقراءة والرياضة والأنشطة الاجتماعية ونحوها من الأعمال النافعة والمفيدة, وقد صح في الحديث: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

- وأوصيك بالقراءة في الكتب العلمية والإيمانية, لاسيما في كتب وبرامج الإعجاز العلمي للقرآن الكريم, وهي كثيرة ومعروفة, وكذا مجالسة أهل العلم الراسخين.

- ومن الضرورة بمكان الاستمرار في مراجعة استشاري نفسي صالح في دينه وكفاءته العلمية للعلاج الطبي, ولا ينبغي لك التردد في مقابلته والالتزام بالدواء؛ لما لا يخفى عليك من أنه لا حياء في الحق والطب والمصلحة الصحية؛ لما في الشفاء من آثار حسنة وإيجابية على دينك ودنياك وعلى حاضرك ومستقبلك بإذن الله.

- أوصيك بحسن الظن بالله تعالى والإلحاح عليه بالدعاء (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء), والاستعاذة به سبحانه من همزات الشيطان – وساوسه وخطراته - كما قال تعالى: (وقل ربِ أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربِ أن يحضرون).

- وأما بالنسبة عن سؤالك عن العادة السرية, فإن الامتناع عنها هو الأصل لقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى غير ذلك فأولئك هم العادون)، أي أن ما سوى الزوجة وملك اليمين عدوان على حدود الله, ولذلك فقد أخذ الإمام الشافعي من الآية حكم التحريم للعادة السرية, ووافقه الأكثرون, لاسيما مع ثبوت ما في تعاطيها من إدمان يفضي إلى ضرر صحي ونفسي.

وأما الاحتلام فهو ظاهرة طبيعية لا يمكن السيطرة عليه تحدث للشباب في بداية البلوغ غالبا أو في حالة المراهقة أو بعدها أيضا, وهي إنزال المني في المنام عن غير قصد عن طريق حلم جنسي كرؤيا للجماع أو بدونه, وهو متنفس طبيعي جائز ليس فيه إثم، ولكن يجب منه الاغتسال بتعميم جميع البدن بالماء مع نية الطهارة في إزالة هذا الحدث الأكبر.

- أوصيك – أخي العزيز – بلزوم الذكر والدعاء والصحبة الطيبة وقراءة القرآن والاستفادة من مرحلة الشباب والاستفادة من الوقت والفراغ والقوة بشغل النفس بالتركيز على طلب العلوم الشرعية، والتمكن من التفوق في العصرية الإنسانية أيضاً، وتطوير مهاراتك وقدراتك العلمية والعملية، وفقك الله وقواك وأعانك.

- أسأل الله أن يشرح صدرك، وييسر ويتولى أمرك، ويرزقك التوفيق والسداد ويلهمك الخير والهدى والصواب والرشاد, والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً