الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبذل الجهد في البر بأمي لكنها تدعو علي.. كيف أرضيها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير، وجزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع والرد على الاستفسارات.

إخواني الأفاضل: أنا شاب والدي متوفى، وحالياً أقيم مع والدتي في نفس المنزل، وجميع إخواني متزوجون, ودائماً تواجهني مشاكل مع والدتي، حيث إنها سريعة الغضب مني، ولا تتحمل مني أي كلمة أقولها ولا تطيق مزاحي، وتتحسس من كلامي ودائماً تصرخ علي، وعندما تذهب معي إلى التسوق تقول لي إنني أكره أن أوصلها للسوق، وأني لا أطيق الأسواق، ولا أريد أن أنفذ كلامها.

مع العلم أني بداخلي لا أشعر بهذا الشعور أبداً، وأنا أخاف عليها، وأغار عليها كثيراً، بل أكثر من أي شيء, وأيضاً يعلم الله بأني أحبها، ولا أريد إزعاجها أو غضبها مني، ولا أعمل أي شيء مما تقوله عني، والمشكلة الأخرى أنها تدعي علي، وتقول بأني سوف أبتلى بأبناء عاقين.

أرجوكم ساعدوني في حل هذه المشكلة، فأنا خائف أن أكون عاقا، -والعياذ بالله- أريدكم أن تنصحوني بالطريقة المناسبة للتصرف معها، وكيف أجعلها لا تغضب مني، ولا تتكرر هذه المواقف؟ حيث إني لم أعد أتحمل، وصبرت بما فيه الكفاية، وهل دعاؤها بأن أبنائي سيكونون عاقين، هل سيستجاب؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حاتم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، وكان الله في عونك، والجواب على ما ذكرت نقول لك:

- بداية ينبغي أن تعلم أن بر الوالدين من أعظم القربات بعد توحيد الله وعبادته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وللجنة باب يسمى باب الوالد، وأحيي فيك حرصك على ذلك، وكلما ازددت في بر الوالدة حفظها الله، وجدت خير ذلك في الدنيا والآخرة.

- أما شدة غضب الوالدة؛ إما لأنها تعاني من مرض نفسي، أو مرض آخر، أو مشكلات في الأسرة جعلها تتعامل معك بغضب، فينبغي مساعدتها في الخلاص من هذا الذي حدث لها، وتجنب كل شيء يغضبها، فيمكن أن تترك المزاح معها، أو أي كلمات قد تفهمها على غير مقصودك، وحاول أيضا أن تقرأ في بعض الكتب التي تخصصت في بيان اختلاف النفسيات، وكيفية التعامل معها، فلعل الوالدة من أصحاب الإحساس المرهف، والذي لا يقبل أي خطأ من ولدها، فينبغي أن تراعي شعورها هذا، وتحرص على تفهم نفسيتها.

- ثم عليك أيضا أن تدعو للوالدة في ظهر الغيب بأن يصلح الله حالها، وبأن يجعل الله قلبها لينا نحوك.

- كما ينبغي أن تعلم أن شدة غضب الوالدة عليك قد يكون بسبب أنك وقعت في بعض الآثام، أو أن الله أراد أن يبتليك، وما عليك إلا مراجعة حالك مع الله، والصبر الجميل فيما يحصل لك، ولك أجر عظيم عند الله.

- احرص -أخي الكريم- على البر أكثر بالوالدة، وعليك تقديم الهدايا لها، والثناء عليها في حضرتها وغيبتها على ما قامت به نحوك من إحسان إليك، وأنت في صغرك، فلعل هذا يكون سببا في تغير معاملتها لك.

- ثم اعلم أن قلب الوالدة، والذي تشعر بأنها تقسو عليك، يمكن أن يتغير إذا قابلت ذلك بالعفو والإحسان إليها، هذا في سائر البشر، والوالدة أحق الناس أن تعفو عنها، وحاول نسيان ما حصل منها، فلا داعي لعبارة: "لم أعد اتحمل وصبرت بما فيه الكفاية" بل عليك بالمزيد من الصبر حتى تنال الأجر عند الله تعالى، فبعض الأمهات تجهل ما ينبغي أن تتكلم به، أو أنها في حالة الغضب لا تعي ما تقول، وهذه في نهاية أمك، فإذا لم تتغير، فليس أمامك سبيل سوى الرضا والصبر.

- أما مسألة دعاء الوالدة عليك، وبأن يكون لك أولاد عاقون، فمن المعلوم أنك إذا لم تكن مخطئا، فهذا الدعاء لا يستجاب لها فيك؛ لأنها دعت عليك من غير خطأ منك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ" رواه مسلم، وبما أنك بار بالوالدة حفظها الله، وتسعي لرضاها، فلا داعي للقلق، ولن يحصل ما تدعو بها عليك بإذن الله تعالى.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً