الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدت للإسلام بعد الإلحاد، فكيف أتمسك به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 17 سنة، في مرحلة الثاني الثانوي، لقد كبرت ونشأت بعيدًا عن الدين، لا صلاة ولا صوم، وكنت أرتكب المعاصي دون الشعور بأي ذنب ولا حياء، كنت أسب الأديان، حتى أصبح روتينا أتلفظ به في أي وقت أشعر فيه بالغضب، لا أبر والديّ، ولا أطيعهما، وقد طلبا مني مقابلة إمام المسجد لكني لم أفعل، وكنت أسأم منهما رغم أنها الأقرب إلى قلبي.

في السنة الماضية تعرفت على شخص كان ملحدًا، كان خلوقا ويحب الخير للجميع، رغم أنه لا يتبع أي دين، ولا يؤمن بوجود الله، صار صديقي، ولم أكن أعلم أنه ملحد، وتأملت أن أصبح مثله، لكنه تلاعب بعقلي، وحاول جعلي أنكر وجود الله، وذلك من خلال فيديوهات ومواقع إنترنت تدعي أن الدين والإله أوهام، ولأنني بعيد عن الدين تقبلت كلامه وأفكاره وصرت مثله، وصرت مغيبا أتلفظ بكلمات غير لائقة عن الله والأديان.

وفي يوم من الأيام قرأت هذا الحديث القدسي فيما يرويه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ربه تعالى:" يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة"، وهنا دمعت عيناي وبكيت، واكتأبت لفترة، ثم نطقت الشهادة، وكأن لم يحدث شيء، وعدت كما كنت سابقا، مسلما بالاسم فقط.

أريد أن أتعلم ديني، أن أحفظ القرآن، أن أصبح قريبًا من الله عز وجل، سئمت حياتي بهذه الطريقة، ارتكبت ذنوبا كلما تذكرتها بكيت خجلًا، أين كان عقلي؟ أين كنت أنا؟ أتعذب يوميا بسبب ما كنت أفعله، أصبحت لا أرى نفسي إنسانا، أحس أن الله غير راضٍ عني، لا أحد يعرف هذا الإحساس، أريد أن أتوب توبة لا عودة بعدها للمعاصي -إن شاء الله-، أرجوكم أرشدوني كيف أتوب إلى الله، وأتعلم الدين من البداية كطفل؟

آسف لو تلفظت بكلمة لا تليق بالمجتمع الإسلامي، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يثبتك على الحق والهدى، والجواب على ما ذكرت.

- بداية نحمد الله تعالى الذي هداك إلى الحق، ووفقك للتوبة، وعرفك طريق الهداية، حتى عدت إلى الصواب وتركت ما كنت عليه.

- اعلم أن الله رحيم لطيف بعباده، يقبل توبة من جاء إليه تائبا منيبا مهما كانت ذنوبه، وبما أنك قد ندمت على ما كان منك من ذنوب، واقلعت عنها، وعازم على أن لا تعود إليها، فأبشر بخير، ولا تخف مما كان منك، فإنه قد محي عنك -بإذن الله-، ولا تقنط ولا تيأس من رحمة الله، بل عليك أن تحسن الظن بالله، فإنه الذي سترك وأمهلك ثم وفقك للتوبة، وأعانك عليها، فلا شك أنه يقبل توبتك، ولن يخيب رجاءك فيه، فإنه جواد كريم.

- ثم اعلم أنك بدأت مشوار حياتك السعيدة في ظل توحيد الله وتقربك إليه بالطاعات، فلا داعي من السأم وكراهية الحياة، بل تفاءل وعش حياتك بكل معاني السعادة بما أنك على الجادة المستقيمة.

- ولقد أحسنت على أنك تحرص على طلب العلم، وهذا من العلامات التي تدل على قبول التوبة، ومما أدلك عليه في طلب العلم وتقوية إيمانك:

أولا: الالتحاق بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، وإتقان القراءة والحفظ على يد طالب علم متمنك من ذلك.

ثانيا : عليك بطلب العلم بما لا يسع المسلم جهله من أصول العقيدة والفقه وأصول الأخلاق، ويمكن أن تلتحق في حلقة علم في طلب العلم، فتدرس كتاب أصول الإيمان لنخبة من العلماء بإشراف صالح آل الشيخ، وكتاب الفقه الميسر لنخبة من العلماء، وكتاب أصول المنهج الإسلامي لعبد الله العبيد، وكتاب الأربعين النووية بشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

ثالثا : وبعد دراسة ما لا يسع المسلم جهله يمكن أن تأتي لك الرغبة وبعد الإستشارة لأهل العلم، في دراسة تخصص في فن معين من العلوم الشرعية.

رابعا: عليك بتوخي الصحبة الصالحة، فإن الجليس الصالح يقودك ويهديك للخير، والصحبة الصالحة موجودة في الشباب الملتزمين بالمساجد وطلاب العلم، وتجدهم في المحاضرات والبرامج الدعوية، وعليك أيضًا الابتعاد عن كل صحبة فاسدة، فإن الصاحب ساحب، والصاحب الفاسد مثل المريض الذي يعدي السليم، وفي تجربة صحبة ذلك الملحد درس وعبرة، والحمد لله الذي عافاك ونسأل الله لك الثبات.

خامسًا: عليك الإكثار من الطاعات والقربات، فإنها عصمة لك -بإذن الله تعالى-، تقوي إيمانك وتوثق صلتك بربك، وتكون ردْءًا ودرعًا لك عن المعاصي، وأكثر كذلك من النوافل في الصلاة والصيام، وعليك بقيام الليل وكثرة الدعاء وذكر الله تعالى، وللفائدة راجع وسائل تقوية الإيمان: (285182 - 240748 - 231202 - 278059 - 278495)، البداية الصحيحة للالتزام: (231202 - 278059 - 258546 - 247251 - 2124842).

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً