الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز لي أن أطلب من الله علامة لاستجابة الدعاء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من اتّبع هداه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
أنا فتاة عزباء، ولي أمنية أريد من الله سبحانه وتعالى تحقيقها لي بشدّة، وكنت دائما أدعو الله -عزّ وجلّ-بموضوع أريد أن يتمّه الله لي، وكنت دائما ما أكرّر دعائي هذا لله سبحانه وفي كلّ وقت أدعوه به، وأتحرّى أوقات استجابة الدّعاء، وأيضا أصلّي قيام الليل وأدعوه به، وفي مرة من المرات دعوت الله سبحانه إن كان قد استجاب لدعائي وسيحقّق لي أمنيتي أن يرسل لي علامة تدلّني على أنّه قد استجاب لدعائي وسيحقّق أمنيتي، فمثلا: في مرة من المرات دعوت الله بحرقة وبيقين تام، وكان دعائي له من قلبي أن يستجيب لي، وبعدها وفي نفس الوقت الذي كنت أدعو فيه قلت: يا رب إذا كنت قد استجبت لي دعائي هذا أنزل علي مطرا كعلامة لي منك على استجابتك لدعائي هذا، وكنت أطلب العلامة من قلبي.

علما أن السماء كانت ملبدة فقط بسحب قليلة، والمكان الذي كنت أجلس فيه لم تكن فيه ولا أية سحابة، وبعد دعائي وسؤالي الله تعالى العلامة رأيت السحب تتجمّع في السماء فوق رأسي، وبدأت تمطر علي، فقلت في نفسي هذه علامة أرسلها الله سبحانه لي كما طلبتها منه.

وأيضا قد طلبت من الله سبحانه الحليم الكريم عدة علامات على نفس الموضوع وقد أرسلها لي كما طلبتها منه تماما، فسؤالي لكم هو: إذا دعوت الله سبحانه وتعالى في أمر من أمور الدنيا أمنية أريد من الله تحقيقها لي بشدة وأردت أن أعرف منه سبحانه ما إذا كان قد استجاب لي وسيحققها لي أو لا فدعوته بهذا الدعاء: يا رب إذا كنت قد استجبت لدعائي وستحقق أمنيتي فأرني علامة تخبرني بها بأنك قد استجبت لدعائي وستحقق أمنيتي، فأراني الله العلامة كما طلبتها منه -علما أنني قد دعوته سرا وهو يسمع ويعلم السر وأخفى سبحانه- فهل أعتبر أن تلك علامات منه سبحانه يخبرني فيها بأنه قد استجاب لدعائي وسيحقق أمنيتي بإذنه تعالى؟

علما أنه سبحانه وتعالى الحق وفعله حق ووعده حق، وكل أمره جد ولا يحتمل أبدا المزاح والتلاعب، تعالى ربي عن ذلك علوّا كبيرا، فهل أعتبر بأن تلك العلامات وعد من ربي سبحانه بأنه سيحقق أمنيتي؟

أرجو منكم إجابتي في أقرب وقت ممكن -بارك الله فيكم- والحمد لله رب العالمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن ييسر أمرك، والجواب على ما ذكرت.
بداية لا شك أن الدعاء عبادة عظيمة، ولها شروط وآداب، وموانع قد تمنع قبولها لابد من تركها، وأنت قد وفقك الله إلى تحقيق هذه العبادة، وقد رأيت بعض آثارها النافعة -والحمد لله- فأنصحك بالمحافظة عليها، والاستمرار بما أنت عليه من هذا الخير العظيم.

وأما مسألة أنك تسألين الله أن يريك علامة تدل على أنه سيحقق لك ما تريدين؟
والجواب على هذا، أن من علامات استجابة الدعاء الشعور بصفاء القلب ونقائه وصفائه، والبكاء والشعور بالسكون، وأن ما كان به العبد من هموم قد زالت، فإذا شعرت بالطمأنينة وانشراح الصدر بعد الدعاء، فهذه أقوى علامة كما ذكر ذلك الإمام الشوكاني رحمه الله، ولا داعي لسؤال الله علامة حسية، وكونه في مرة نزل المطر، فهذا كان قضاء وقدر من الله فقد كانت السماء ملبدة بالغيوم، فأتمنى مستقبلا أن لا تسألي الله أن يريك علامة على إجابة الدعاء، فإن هذا لم يرد في الشرع، ولم يفعله سلف الأمة، وأخشى أن يكون انشغالك بهذا الأمر وحرصك عليه أن يتحول إلى أمر غير نافع، ويشغلك عن عبادة الدعاء نفسها.

ولكن عليك بالدعاء مع اليقين بالإجابة وحضور القلب، كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه أحمد والترمذي والحاكم.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً