الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعالج من الرهاب الاجتماعي بلا تكلفة عالية؟

السؤال

السلام عليكم.

بداية أقدم جزيل الشكر للشبكة الإسلامية على ما تقدمه للناس من خير كثير، وأسأل الله تعالى أن يحسبه في ميزان حسنات القائمين على الشبكة.

أنا عمري 21 سنة، كبرت في داخل جو من الصراع بين الوالدين بسبب أن أبي كان مدمنا على بعض المخدرات، وكان دائما يستيقظ صباحا في حالة من العصبية ولا يهدأ إلا بعدما يفطر ويدخن بعض السجائر ثم يعود بعدها ودودا لطيفا، في مرات كثيرة كان يضرب أمي وينقلب المنزل بالصراخ ويتدخل الجيران والأحباب لإنهاء المصارعة التي كانت تقوم في البيت.

وأنا في سن 12 تقريبا أصبت بنوبات هلع قوية جدا كانت تفقدني السيطرة على نفسي، وكانت هذه النوبات تأتيني بالليل عندما أرغب في النوم.

زرت الطبيب النفسي ووصف لي حينها دواء اسمه لوديوميل، لقد كان فعالا جدا إذ بعد المتابعة مع الطبيب وأخذ جرعات متفاوتة كل مرة لمدة سنة تقريبا اختفت نوبات الهلع نهائيا -ولله الحمد-.

الآن بعدما مرت السنين ووصلت إلى سن 21 سنة أدركت أنني كنت مصابا بالرهاب الإجتماعي منذ أن كنت في 15 من عمري، حيث انعزلت عن أصدقائي فجأة وبدون سبب وصرت ملازما للبيت، ولم أعد أخرج إلا للضرورة، وبقيت هكذا إلى أن وصلت إلى 21 سنة الآن.

كل ما كنت أفعله في الفترة ما بين 15 و 21 سنة هو الذهاب إلى الدراسة، والخروج إلى التسوق في حال طلبت مني أمي ذلك، وأيضا في مرات نادرة أخرج لألتقي بصديق لي لا زلت محافظا على التواصل معه، وأخرج أيضا في حال أرسلني والدي لأقضي غرضا ما، كأن أذهب لدفع الفواتير الشهرية وأشياء من هذا القبيل.

نعم، أستطيع الخروج والتحدث مع الناس لكن ينتابني شعور سيء بعد نهاية اللقاء، وأبدأ في جلد الذات والتفكير في الطريقة التي كنت أظهر بها أمام الآخرين.

أستطيع أن أجلس مع العائلة وأن آكل في الشارع وأن أستقبل الضيوف، لكن كل ذلك سيكون قاسيا جدا على نفسي، ولن أقوم به من تلقاء نفسي بل للضرورة فقط، فمثلا قبل الإقبال على أي شيء مما ذكرت لكم أشعر بقلق وأبدأ في تصور أمور سلبية ولا أشعر بالراحة أبدا، وبعد نهاية الموقف أبدأ في التفكير وأعتقد أنني لم أظهر بشكل لائق وأن تصرفاتي كانت غبية، ولو مرت شهور وتذكرت الموقف أشعر بنفس الشعور الذي كان ينتابني في الأول.

أود أن آخذ دواء Deroxat، وأود منكم الآتي: كيف أستخدم هذا الدواء في حالتي؟ وهل جرعة 20 ملغ كافية؟ أتمنى أن تكون الجرعة كافية لأنها لن تكلفني كثيرا من الناحية المادية، أما إن كان من الضروري أن آخذ مثلا حبتين في اليوم الواحد فقط أي 40 ملغ، فذلك سيكون مكلفا وقاسيا من الناحية المادية، لأنني سأضطر لشراء علب دواء أكثر، وما تقييمكم لدرجة الرهاب الاجتماعي الذي أعاني منه؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Achrag حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ندعو الله سبحانه وتعالى لك بالصحة والعافية، وندعو للوالد بالعفو والعافية والمغفرة في الدنيا والآخرة، ولا شك أن الظروف النفسية التي يتربى فيها الأطفال والشباب تؤثر عليهم تأثيرا إيجابيا وسلبيا حسب الظروف التي يعيشونها، ولذلك عندما تكثر المشاكل الأسرية فإن ذلك ينعكس سلبا على الأطفال، وقد يؤدي ذلك إلى تكون حالات مرضية من الهلع والخوف الاجتماعي والتوتر والقلق والاكتئاب.

وتسمى تلك المجموعة من الأمراض النفسية بالعصاب أو neurosis، ويحدث في تلك المجموعة من الأمراض اضطراب في هرمون السيروتونين، وهو من أهم الهرمونات الموصلة للإشارات العصبية بين الخلايا العصبية المختلفة، واضطراب مستوى ذلك الهرمون يؤدي إلى تلك الأمراض المذكورة، ولذلك فمن المهم العمل على فعل أشياء ترفع من مستوى هرمون السيورتونين بشكل طبيعي.

ومن المعروف أن هرمون سيروتونين من الهرمونات المهمة التي يفرزها الجسم ويطلق عليه هرمون السعادة، وهو هرمون له تأثير على عادات النوم، والمزاج، والعواطف، والذاكرة، والتسامح، والشعور بالألم، وتنظيم حرارة الجسم، والشهية للطعام وعملية الهضم ومن الوصفات الطبيعية للحصول على هرمون السعادة التحرك أو المشي في الأجواء المشمسة غير الحارة في الأماكن المفتوحة، مثل الحدائق العامة والمولات.

كما أن التعود على إعطاء الصدقات ومساعدة الآخرين سواء ماديا أو بالوقت أو بالنصح من الأمور التي تجلب السعادة؛ لأنها ترفع من مستوى هرمون سيروتونين، كذلك فإن الانتظام في أداء الفرائض والإكثار من السنن وصوم النافلة أو التطوع والعمرة إلى العمرة والحرص على تلاوة ورد يومي من القرآن حفظا وتلاوة يساعد كثيرا في السلام النفسي والشعور بالرضا.

ومما يساعد على النوم العميق وبالتالي الحصول على المسكنات الطبيعية التي تفرزها الجسم ليلا، ويساعد كذلك في ضبط مستوى هرمون سيروتونين، هو تناول حبوب ميلاتونين وهي حبوب ذات منشا طبيعي وغير كيميائي، وتناولها قبل موعد النوم بنصف ساعة والجرعة نصف قرص إلى قرص كامل من حبوب melatonin 5 mg يوميا قبل النوم لعدة شهور دون قلق ولا مضاعفات جانبية.

وبالطبع فإن تناول حبوب Deroxat والاسم العلمي له هو Paroxetine بجرعة 20 مج يكفي لعلاج الخوف الاجتماعي المرضي، خصوصا ولديك دراية على طبيعة مرضك، وهذا مهم جدا في الوصول إلى الشفاء الكامل، وحالة الخوف الاجتماعي لديك بسيطة خصوصا وبإمكانك التعامل مع الآخرين دون تعرق شديد ودون زيادة نبض القلب أو الخفقان الشديد.

ولكن يجب الاستمرار في تناول تلك الجرعة بشكل يومي لما يقرب من عام مع تغيير طبيعة حياتك -كما ذكرنا في السطور السابقة-، وندعو لك بالصحة والعافية.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً